شوف تشوف

الرئيسيةملف التاريخ

فريدريك غيرهارد رولفز طبيب تنكر في زي مغربي هاربا من الجزائر وأصبح طبيبا للقصر

حسن البصري

بدأت الرحلات الاستكشافية للألمان تتجه إلى مدن المغرب الأقصى منذ مطلع القرن التاسع عشر. كان لتلك الرحلات دور كبير في التعريف بالثقافة في شمال إفريقيا، وكشف الرحالة الألمان عبر ما نشره العائدون من بعثات إلى شمال إفريقيا، خاصة رحلات بعثة معهد «يوستوس بيرتس فون غوتا» عام 1854، ورحلة الأطباء التي شارك فيها غيرهارد رولفز، ونشر في عام 1873 كتابه «رحلتي الأولى إلى المغرب».
تضمن أدب الرحلات الأوربية صوب المغرب في القرنين السابع عشر والثامن عشر، انطباعات وصفية حول حياة الناس وعاداتهم ومعتقداتهم الدينية وتنوعهم العرقي، ومع مرور السنوات بدأت تظهر تدريجيا مؤلفات أكثر دقة وتفصيلا، إذ تحتوي على إحصائيات دقيقة للسكان والمدن وتصنيف لمهنهم وسير أعلامهم، إضافة إلى معلومات أكثر حول الأحوال السياسية والعرقية.
في رواية «طبيب فاس» للكاتب الألماني هيرمان شخابيغ، توثيق دقيق للرحلة الأولى لمواطنه فريدريك غيرهارد رولفز، إلى المغرب سنة 1862، في فترة تكالبت على المملكة القوى الاستعمارية ممثلة بإسبانيا وفرنسا وإنجلترا.
في هذه الرواية التي ترجمتها إلى العربية الكاتبة بشرى حكيم، محطات عديدة من حياة الطبيب الرحالة، وتقول إن رولفز دخل المغرب من البوابة الشرقية قادما من الجزائر، حيث عبر الحدود وتوقف في طنجة، بينما تتحدث روايات أخرى عن عبوره بحرا من الجزائر إلى طنجة، فيما تتوقف رواية ثالثة عن انطلاقته من ليبيا وتحديدا مدينة الكفرة.
لكن المرجح أن الرجل كان يعمل طبيبا في فيلق القوات العسكرية الفرنسية، وحين علم برغبة السلطان في تجديد الجيش وضم أطر أجنبية من أطباء وضباط، قرر مغادرة الجزائر على متن سفينة بخارية وليس بحوزته غير ثيابه والقليل من المال.
وحسب الرواية نفسها، فإن الطبيب الألماني تلقى تحذيرات تدعوه للعودة إلى الجزائر، “لأنه قد يفقد حياته جراء ركوبه هذه المغامرة، لكنه لم يفعل ومضى قدما مرتديا زي مسلم، ومدعيا اعتناقه الإسلام، بل أطلق على نفسه اسم «مصطفى»، الأمر الذي أتاح له فرصة الدخول إلى البيوت المغربية واكتشاف أسرارها والاختلاط بشتى شرائح المجتمع المغربي، والاطلاع على طرق عيشهم وتعاملهم، خصوصا نظرتهم إلى الأجانب”.
أصر الرجل على زيارة لم يسبقه إليها أي أجنبي، وصفها في كتابه «إقامتي الأولى في المغرب والرحلة جنوب جبال الأطلس عبر واحات درعة وتافيلالت» وصفا فيه تفاصيل دقيقة، كما تتطرق الرواية إلى العلاقة التي جمعت بين رولفز وكبير شرفاء الزاوية الوزانية، الحاج عبد السلام، الذي كان معجبا بكل ما هو أوربي، وتبين ذلك بجلاء في طريقة استقباله لرولفز، ومن خلال الصداقة الوطيدة التي جمعت بينهما.
تمكن الطبيب الألماني من بلوغ طموحاته، حيث انضم إلى جيش السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان، الذي عينه كبير الأطباء، ثم طبيب «حريم السلطان».
تبقى الإشارة إلى أن روفلز من مواليد بريمن الألمانية في 14 أبريل 1834، وتوفي في 2 يونيو 1896، في مدينة ويكي بيانات الألمانية، مات الرجل قبل أن ينهي كتابة مؤلف حول الطب عند المسلمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى