فرنسا ودبلوماسية خلط الأوراق
في الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع أن تخرج وزارة الخارجية الفرنسية بتوضيح رسمي، حول حيثيات قرار إلغاء مقابلة تلفزيونية لقناة فرنسية مع زعيم جمهورية القبائل فرحات مهني، فوجئ الرأي العام الوطني ببيان نفي على لسان السفارة الفرنسية بالمغرب تكذب فيه بعض المقالات الصحفية والتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي.
حقا إنه من غرائب الممارسة الدبلوماسية ما ذكرته السفارة الفرنسية ببلادنا، في ما كان من المفروض على سفارة فرنسا في الجزائر أو وزارة الخارجية الفرنسية نفسها أو القناة الفرنسية أن تصدر البيان التوضيحي.
ومن الغريب، حقا وصدقا، أن يصدر هذا الكلام عن سفارة بدولة لا علاقة لها بالموضوع، فمتى كانت السفارة الفرنسية بالمغرب أو غيرها من الدول تكذب أخبارا تهم دولة لا تدخل ضمن مجالها الترابي.. رغم أن الأدلة الصارخة على تدخل الرئاسة الفرنسية لإلغاء المقابلة التلفزية تم بعد تدخل «يانيك بولوريه» شخصيا، بناء على اتصال من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.
إن ما فعلته سفارة فرنسا بالمغرب بخصوص تكذيب شأن سياسي وحقوقي وقع بالأراضي الفرنسية، ويتعلق بالجزائر، يؤكد أن فرنسا تعيش حالة من اللخبطة الدبلوماسية وتنهج لعبة خلط الأوراق وإقحام المغرب دون مبرر، وسط ملف لا صلة له به للتغطية على قرار المنع وازدواجية المعايير وضربها لمبدأ حرية الصحافة، الذي ظلت تعطي فيه الدروس للعالم.
وواهم من يعتقد أن فرنسا جنة ديمقراطية وحرية للصحافة، فهي يمكن أن تفعل أي شيء، واتخاذ كل ما يلزم من قرارات لممارسة الرقابة على وسائل الإعلام داخل حدودها، من أجل عدم الإضرار بمصالحها العليا، فلا شيء لديها يعلو على مصلحة فرنسا حتى وإن تعارضت مع قيم جمهورية الأنوار.
خلاصة القول أن ما صدر من سفارة فرنسا يعكس حالة الانسداد الدبلوماسي التي تمر منها العلاقات المغربية الفرنسية اليوم، وما ترافقها من تعقيدات وضربات تحت الحزام.. والمؤكد أن فرنسا هي المسؤولة عنها مسؤولية مباشرة وصانعة بقوة لحالة التشنج الديبلوماسي.. أو بعبارة أخرى تريد مصالحها دون تقديم مقابل كمصالح للآخرين، وهو ما يجعلها لا تظهر عقلانية في الممارسة الدبلوماسية، بل لا تتحرج من قرارات دبلوماسية أكثر غرائبية.