فرنسا خططت لتصدير الكهرباء من قرى الأطلس إلى الجزائر سنة 1952
يونس جنوحي
صعدتُ إلى قمة المنطقة الجبلية لأرى السد من الأعلى وأدقق النظر في الوادي الذي حُكم عليه بالفناء.
رأيتُ منطقة قاحلة لا تقطن بها سوى بضع مئات من الفلاحين الذين يعيشون على الرعي. سوف يتعين عليهم الرحيل، بطبيعة الحال، لكنهم سيحصلون على نصيبهم من المنح الأولى للأراضي المجهزة بتقنية السقي حديثا، في السهول.
في شهر أكتوبر 1952 سوف ينتهي العمل على السد وستتجمع مياه الوديان الجبلية خلفه لتشكل بُحيرة عميقة.
لا أحد يعلم كم ستستغرق هذه العملية لأن المهندسين لا يستطيعون حساب كميات الأمطار المتوقع هطولها في المغرب.
إذا حلّ موسم أمطار جيد بشكل يفوق التوقعات، فإن السد قد يمتلئ خلال سنة، أما إذا توالت سنوات من الجفاف، فإن الفترة المطلوبة قد تطول، وقد تصل إلى خمس عشرة سنة.
وقبل هذه الفترة، بمدة طويلة، سيكون نظام الري قيد الاستعمال.
تم التخطيط للبدء في العمل به في ربيع سنة 1954. على بُعد كيلومترات فقط أسفل السد يتم بناء نفق ليقود إلى قلب جبل «تازركونت»، وهو أحد مرتفعات الأطلس المتوسط.
ذهبتُ مع تقنيي النفق إلى المكان على متن عربة كهربائية تسير فوق سكة حديدية. وجدتُ أنهم أنهوا العمل على 17 كيلومترا من إجمالي المسافة التي يتعين عليهم حفرها لإنهاء النفق، ولم يتبق لهم إلا ثلاثة كيلومترات أخرى لإنهائه.
وبحلول الوقت الذي سينتهي فيه العمل، ستتراكم كميات مياه كافية خلف الحاجز لبدء العمل بنظام الري.
في الواقع سيتم تحويل مجرى وادي «العبيد» إلى واد آخر مواز له، على بُعد مسافة عشرة كيلومترات، بواسطة نفق يبلغ طوله عشرة أقدام، مخترقا عقبة جبلية هائلة، وهذا الأمر سيكون إنجازا هائلا بالتأكيد.
ومع ذلك سيكون الجهد المبذول لاستكمال العمل مضاعفا، قبل أن تبدأ المياه في ري سهل منطقة بني موسى.
وخلال جريان المياه عبر التوربينات المثبتة في جدار السد سيتم توليد التيار الكهربائي.
بعد ذلك، وبمجرد وصول المياه إلى الجانب الشمالي من الجبال، بعد مرورها بمحاذاة المنحدر الخفيف المؤدي إلى النفق، سيتم توجيهها مباشرة إلى أنابيب عملاقة لتسقط بقوة في محطة توليد كهربائية أخرى في منطقة «آيت وارداغ أفورار».
المحطتان معا ستتحدان لإنتاج ما مقداره 550 مليون كيلواط في الساعة من الكهرباء، سنويا.
ومع الموارد المتوفرة، لن تسد حاجة المغرب، فقط، من الطاقة الكهربائية، بل سيتم تصدير الكهرباء إلى الجزائر!
وعند الانتهاء من العمل على الجانب الصناعي، سيتحول استعمال المياه إلى الزراعة.
تم بالفعل حفر قناتين رئيسيتين للري.
ستتم إضافة الفروع ليشملها هذا النظام، وفق تسلسل مناسب. وفي غضون السنوات القليلة القادمة، سوف تصبح المساحة الكبيرة، البالغة 90 ألف هكتار (أي حوالي 350 ميلا مربعا)، مزودة بنظام الري.
وبما أن التربة الموجودة هنا أفضل من تلك التي توجد في الشمال، وبما أن المياه أكثر نقاء هنا، فإن النتائج المتوقعة سوف تكون مثيرة للاهتمام.
رأيتُ تجارب قيد الاختبار، أجريت على البذور والنباتات، حتى لا يكون هناك تأخر في بدء عملية الزراعة المكثفة.
سيجد الفلاحون النازحون من الوادي، الذي حُكم عليه أن يصب في السد، حقولا جديدة في انتظارهم، وقد حُرثت وزُرعت مسبقا.
كل ما سيتوجب عليهم القيام به انتظار محصولهم الزراعي الأول.