فتيحة السليماني.. تزوجت إدريس البصري قبل الاستوزار وساهمت في صنع قراراته خلف الستار
رغم أن فتيحة السليماني كانت تعتبر عنصرا مؤثرا في قرارات وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، فإنها كانت تفضل أن يكون التأثير خلف الأضواء أو بتعبير أصح تحت الأضواء الخافتة، إذ لم تكن تظهر إلا نادرا برفقة زوجها الذي كان يملك مفاتيح أكبر الملفات.
تتحدر فتيحة السليماني من منطقة ابن سليمان، وهي شقيقة عبد المغيث السليماني، الرئيس السابق للمجموعة الحضرية للدار البيضاء، والكاتب العام الأسبق للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ارتبطت بإدريس البصري حين كان هذا الأخير مجرد موظف في سلك الشرطة، وعاشت معه العسر واليسر، بل إنها كانت تقطن معه في حي البوطوار المتواضع بمدينة سطات، قبل أن تنتقل إلى فيلا في ابن سليمان وإلى فيلا فاخرة في طريق زعير بالعاصمة الرباط. كانت فتيحة مقربة أكثر إلى العربي، والد البصري الذي عمل لفترة طويلة حارسا في سجن عين علي مومن، ولوالدته امباركة التي لم تتردد في مباركة ارتباط ابنها بأسرة زيانية ثرية.
رغم ارتباط إدريس البصري وجدانيا بمدينة سطات، فإن زوجته وأبناءه، هشام وخالد وتوفيق ووداد ارتبطوا بمسقط رأس والدتهم فتيحة، لكنهم ظلوا بين الفينة والأخرى يرافقون والدهم، قيد حياته، إلى سطات لزيارة جديهما اللذين انتقلا من دار بسيطة بحي البوطوار إلى فيلا فخمة بخدم وحشم يسهر على شؤونهما.
ظلت فتيحة حريصة على معرفة لائحة وهوية الشخصيات التي كانت تتردد على زوجها الوزير بسكناه في طريق زعير، وهي التي كانت ترد في الغالب على المكالمات الهاتفية، وتقدم استشارتها لإدريس في كثير من اللقاءات، لذا فأغلب قيادات الداخلية تعرف الدور المؤثر لفتيحة، بل منهم من كان يعتبرها حاجزا بينه ووزير الداخلية.
يقول لحسن بروكسي، الذي اشتغل طويلا مستشارا في ديوان البصري: «كنت أتردد على فيلا البصري في طريق زعير، وكنت أعرف فتيحة جيدا لأنها تشرف على تدبير البيت بكل تفاصيله، لا تترك أي شيء للصدفة. فهي الآمر والناهي وهي التي تطيل أو تختزل زمن الاجتماعات، وحين أبعد إدريس من منصبه وهاجر قسرا إلى فرنسا، ترددت على بيتها وكشفت لي عن التحول الذي حصل في حياتها، فلم يعد البيت قبلة للزوار كما كان في السابق، ولم يعد الهاتف يرن إلا نادرا، تأسفت لما حصل وتأكد لي بأن العديد من الزوار كانوا أصدقاء للوزير وليس للشخص إدريس».
كان بعض العمال والولاة يخفون غضبهم من فتيحة كلما هبت عليهم ريح القلق، حيث يعتبرونها عنصرا مؤثرا في علاقتهم مع الوزير، مثل حسن الرحموني والوالي حمودة القايد، والوالي أحمد مطيع، ناهيك عن أسماء أخرى ظلت أساسية في تشكيلة العمال من قبيل عبد الكبير بوعسرية وعبد الفتاح مجاهد وإدريس العموني وعبد الكريم لعروسي وأحمد أمجاد..
لعبت فتيحة أدوارا عديدة في حياة زوجها، بل إن نفوذها امتد إلى الإعلام حين كانت تنتقد بعض الخرجات الإعلامية التي تنتقد زوجها، كما حصل مع صحافية القناة الثانية مليكة ملاك، التي عاتبتها هاتفيا مباشرة بعد استضافتها في برنامج حواري لامحمد بوستة، قال فيه إن وزارة الداخلية تتدخل في الانتخابات. وهو ما كلف الصحافية غضبة الوزير المسؤول عن الإعلام والداخلية لتنتهي النازلة برسالة استعطاف حررتها نقابة الصحافيين، بل إن مليكة رابطت أمام فيلا الوزير والتقت بفتيحة السليماني، إلا أن البصري لم يقبل عذرها بالرغم من تدخل فتيحة، التي شكلت إلى جانب بديعة المسناوي، زوجة محمد مسناوي عضو «الكاب1»، ومديرة ديوانه في وزارة الداخلية، ما يشبه العلبة السوداء للوزير، وكانت أمينة الأسرار المهنية لإدريس البصري.
تهتم فتيحة الآن بأوضاع أبنائها وتنوب عنهم في قضاء مجموعة من الأمور، وهي تتنقل بسيارتها بين الرباط والدار البيضاء وابن سليمان، كما تحرص على زيارة قبر زوجها الراحل إدريس البصري، الذي أوصاها بدفن رفاته في مسقط رأسه بدوار المناصرة بسطات، كما تستغل فرصة كل زيارة للوقوف أمام قبر حمزة حصار، نجل ابنتها الذي لا يبعد كثيرا عن قبر جده إدريس.
لكن ما يحسب لفتيحة، أرملة الوزير المخلوع، إصرارها على التعاطي مع القضايا الحساسة بمنطق «كم حاجة قضيناها بتركها»، سيما حين يتعلق الأمر بظهور امرأة أخرى ادعت أنها الزوجة السرية للوزير، وما تلا ذلك من سجال إعلامي سرعان ما انتهى كما تنتهي الأفلام المغربية.