شوف تشوف

الرأي

فتشي عنك في الألحان..

لستِ سوى أغنية ظلت طويلاً في ذاكرة عابر لا يجيد الكلام.. غريبة كحصن في قرية نائية غادر أهلها إلى المدينة.. ساخرة كريحانة تتحدى بؤس الباب الموارب للأبد..!
لست أنتِ.. كل النساء لهن هشاشة في فرحهن وحزنهن.. وأنت لك صلابة العرعر حين يستفزه الخريف.. محايدة مثل طريق ترابي لا يؤدي إلى مكان !
فتشي عنك في الألحان وفي القصائد.. لستِ الموصوفة فحسب.. أنت الرؤية والتيمة والعلامة السيميائية..!
عميقة أنت كالفرح.. وسطحية كالندى.. صوتك يتسرد.. وحنقك مشهد سينمائي.. ودمعك رواية كـ»زقاق المدق»..!
لستِ أنت وأنت تكتبين.!
أنتِ النساء جميعهن.. خالدة كروح جندي بطل.. لك شاهق الحنان في قلوب الأمهات.. تشبهين الليالي الشتوية على ساحل أبيض.. !
أنت بسيطة جداً.. تبكين مع نهاية كل فيلم هندي.. تتشاطرين الحزن مع كل النساء في هذه الأرض.. تركلين الجدار حين تغضبين.. تشترين الدمى.. وتنافسين الصغار في الجري.. معجبة بنفسك ولا رغبة لك في محو ذاكرتك.. ولا التغير لإرضاء أحد!
مكتفية بالطموح الذي ينمو في داخلك.. يعجبك يباسه.. وحنينه للري.. وجحوده أيضاً..
مسحت جبينك حين تأكدت أن «كل شيء بقدر».. حفرت عليه قراراتٍ لا تعني أحدًا.. ولكنها تُبعدُ عنك الكثيرين.. كالفضوليين مثلا.. وعابري الدروب.. والفرويديين.. والمتسلقين على حنجرتك بالعرض.. والمتزلفين.. وأصحاب المراكز المرموقة.. والهيئات الإدارية.. وجمعيات حقوق الإنسان.. والأمم المتحدة.. والجمعيات النسائية.. وطالبي الزواج…
ثم رسمت ترابًا في أسفل الجبين.. وعلى جانبيه زرعت شجرتين.. وفي أعلاه رسمت سماء زرقاء.. لا سابع لها.. وبضعة نوارس شاردة.. ورششت القليل من بودرة الريح.. ورذاذ البحر.. ثم وضعت جبلًا فوق كل ذلك.. جبلًا ثقيلًا يُحني رأسك.. ويسمح لعينيك بأن لا تنظرا سوى للطريق الذي تسير عليه خطاك.
الأوراق التي كتبت عليها.. كانت أكثر بكثير مما أردت.. مزقتِها عن بكرة أبيها.. ولكن تلك الأوراق الكثيرة التي رسمت عليها ورودًا بيدٍ طفولية.. لم تمزقيها.. بل زرعتِها في حوضٍ صخري.. لا رمل فيه.. يقولون لك إنك مؤهلة بقوة للجنون.. وإن ما تفعلينه هو غاية في الغباء.. فأي ورودٍ مرسومة بقلم رصاصٍ ستنبتُ في حوض صخري؟
كئيبٌ هذا العالم.. لم يعد يعرف أن الورودَ قد تنبتُ فوق جثته العفنة!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى