الأخبار
أكدت مصادر جيدة الاطلاع أن الهيئة القضائية بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، اضطرت، أول أمس الاثنين، إلى إرجاء مناقشة ملف شبكة تهجير الفتيات إلى تركيا التي كانت السلطات الأمنية المغربية قد نجحت في تفكيكها، بداية السنة الجارية، بتنسيق مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية «الإنتربول».
تعذر الشروع في المحاكمة للمرة الثانية يرجع إلى استمرار غياب هيئة الدفاع عن الحضور، بسبب إضرابات المحامين، وغيابهم عن الجلسات والمحاكمات المنعقدة بمحاكم المملكة، كما أن غياب مترجم لمرافقة المتهمين الأتراك في المحاكمة، دفع الهيئة إلى اتخاذ قرار تأجيل الجلسة إلى بداية الشهر المقبل.
وكانت عناصر الدرك الملكي بسرية سلا المكلفة بخفر السجناء، قد نقلت، صباح أول أمس، أربعة متهمين أتراك وثلاثة مغاربة، بينهم سيدة من سجن العرجات بسلا إلى قصر العدالة بحي الرياض بالرباط، حيث مثلوا لثاني مرة أمام الهيئة القضائية من أجل محاكمتهم، بعدما خضعوا لتحقيقات تفصيلية ماراطونية من طرف قاضي التحقيق بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، تخللتها مواجهات ساخنة مع الفتاة الضحية التي فجرت جرائم الاتجار في البشر والاختطاف والاحتجاز والتعذيب المنسوبة إلى الشبكة، فضلا عن مواجهات أخرى شملت ضحايا أخريات تعرضن للجرائم نفسها.
وحسب معطيات الملف، فقد كانت النيابة العامة وقاضي التحقيق قد تابعا المتهمين السبعة وهم أربعة أتراك وثلاثة مغاربة، بينهم سيدة ثلاثينية، بتهم تتعلق بالاتجار في البشر عن طريق نقل وإيواء واستقبال ضحية واحتجازها واستغلالها جنسيا من طرف عدة أشخاص، سواء بصفتهم فاعلين أو مساهمين أو مشاركين، كما تابعتهم المحكمة، كل حسب التهم المنسوبة إليه، وفق فصول المتابعة، بتكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب بصفة اعتيادية لعمليات تسهيل دخول أشخاص إلى التراب الوطني والخروج منه بصفة سرية والاتجار بالبشر في إطار عابر للحدود الوطنية، باستقبال أشخاص مرشحين للهجرة السرية وإيوائهم ونقلهم.
ويتابع المتهمون أيضا بتهمة تكوين عصابة إجرامية والاعتياد على تنظيم وتسهيل خروج أشخاص من التراب الوطني بصفة اعتيادية، والاتجار في البشر عن طريق استدراج أشخاص مرشحين للهجرة السرية ونقلهم وإيوائهم واستقبالهم بواسطة الخداع والاحتيال، وارتكابها بواسطة عصابة إجرامية، في إطار عابر للحدود الوطنية، مع ارتكاب كل ذلك ضد قاصر ترتبت عليه وفاة الضحية، والنصب والمشاركة في ذلك. كما يتابع المتهمون أيضا بتهمة عدم التبليغ عن ارتكاب جريمة الاتجار في البشر والشروع فيها.
وكان هذا الملف المثير قد تفجر، في يناير الماضي، بعدما تقدمت عائلة فتاة عشرينية بشكاية رسمية إلى السلطات القضائية والأمنية بالرباط، حول تعرضها لجريمة اختطاف واحتجاز وتعذيب واستغلال جنسي بشع من طرف عدة أشخاص، حيث تحول حلم الهجرة إلى تركيا من أجل العمل، بتنسيق مع وسيطة مغربية، إلى كابوس حقيقي، بعد احتجازها من طرف شبكة منظمة وإرغامها على ممارسة الجنس والدعارة، والإذعان لممارسات مذلة تقاسمت الضحية فصولها المثيرة مع المحققين وقاضي التحقيق، مؤكدة أنه المصير ذاته الذي شمل ضحايا مغربيات أخريات وقعن في فخ الإغراءات المقدمة من طرف الشبكة التركية، بإيعاز من الوسطاء المغاربة، حيث يتم إيهامهن بإمكانية الحصول على فرصة عمل بتركيا، قبل أن يجدن أنفسهن رهينات لدى مافيا الدعارة والجنس والتعذيب.
تفاعل النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، ويقظة المصالح الأمنية المكلفة بمكافحة شبكات الاتجار في البشر والهجرة السرية بولاية أمن الرباط، مكنا من تفكيك الشبكة واعتقال كل أفرادها، وهم أربعة مواطنين يحملون الجنسية التركية، وثلاثة مغاربة، بينهم سيدة، حيث جرى إيقافهم وإخضاعهم للبحث التمهيدي تحت إشراف مباشر للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط، قبل إحالتهم على قاضي التحقيق من أجل التحقيقات التفصيلية، التي كشفت تورطهم في جرائم بالغة الخطورة تتعلق تحديدا بالاتجار في البشر والاختطاف والاحتجاز والتعذيب والاستغلال الجنسي، وتسهيل خروج أشخاص إلى خارج التراب الوطني وغيرها من التهم.