محمد اليوبي
يعيش حزب الاستقلال على إيقاع غليان غير مسبوق يهدد بانفجار الحزب، بسبب رغبة حمدي ولد الرشيد وأتباعه في بسط سيطرتهم على كل الهياكل التنظيمية للحزب ومنظماته الموازية. وفي محاولة لاحتواء الوضع، يترأس الأمين العام للحزب، نزار بركة، اليوم الاثنين، اجتماعا مشتركا لأعضاء الفريق الاستقلالي بمجلسي النواب والمستشارين.
وأكدت مصادر استقلالية أن هناك شبه إجماع، على المستوى الوطني، برفض مخرجات الخلوة التي عقدتها اللجنة التنفيذية للحزب بمنتجع الهرهورة، والتي قررت إدخال تعديلات على نظامه الأساسي تروم تقليص عدد أعضاء المجلس الوطني وحرمان البرلمانيين وأعضاء المنظمات الموازية من العضوية بالصفة داخل المجلس، وتقرر عقد مؤتمر استثنائي للحزب من أجل المصادقة على هذه التعديلات.
وبدأت تحركات قوية على مستوى الأقاليم الجنوبية لسحب البساط من تحت أقدام حمدي ولد الرشيد، الذي يحتكر مهمة الإشراف على الحزب بالأقاليم الثلاثة. وأفادت المصادر بأن رئيس جهة الداخلة يقود تمردا على ولد الرشيد، بعد تكليفه من طرف الأمين العام للحزب بالإشراف على هذه الجهة، ما يعني تقليص نفوذ وسيطرة ولد الرشيد على الهياكل التنظيمية بأقاليم الجهة، وعلى مستوى جهة كلميم واد نون يطالب أعضاء ومنتخبون استقلاليون بتعيين منسق جهوي بهذه الجهة. وعقد منتخبون بالجهة، خلال الأسبوع الماضي، عدة اجتماعات أعلنوا من خلالها دعمهم للأمين العام للحزب، وحملوا كامل المسؤولية لحمدي ولد الرشيد في نتائج الانتخابات التي حققها الحزب بهذه الجهة، التي توجد تحت إشرافه كذلك، بالإضافة إلى جهة العيون الساقية الحمراء.
ويوم الجمعة الماضي، بمدينة طنجة، عقد جميع برلمانيي الحزب بغرفتيه المنتمين لجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، إضافة إلى أغلب مفتشي الحزب بالجهة وعدد من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، اجتماعا خصص لمناقشة التطورات التنظيمية التي يعرفها الحزب. وأفاد بيان صادر عن الاجتماع، بأنه، بعد نقاش مستفيض ومسؤول، أكد الحاضرون على محورية مؤسسة الأمين العام للحزب، وأعلنوا دعمهم الكامل لنزار بركة، ورفضهم الجماعي لمخرجات ما سمي خلوة الهرهورة، وثمنوا جميع المواقف المعبر عنها في بيان الرباط الموقع من طرف برلمانيي الحزب بغرفتيه.
وأصدر مجموعة من البرلمانيين بمجلسي النواب والمستشارين، بلاغا أعلنوا من خلاله رفضهم التام لمخرجات «خلوة الهرهورة». وأكد أعضاء الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلسي البرلمان، أنهم تلقوا باستغراب وأسف شديدين، مضامين مقررات الخلوة التي عقدتها اللجنة التنفيذية للحزب، في تجاهل تام لحساسية الظرفية التي تجتاز فيها بلادنا كغيرها من بلدان العالم ظرفية اقتصادية واجتماعية دقيقة. وأشار البلاغ إلى أن هذه الظرفية تستوجب اضطلاع الأحزاب السياسية بدور أساسي في تعزيز روح الوحدة والتضامن والتماسك عوض افتعال أزمات تزيد من التشويش على صورة الأحزاب وتعمق أزمة الفعل السياسي بالمغرب.
وأوضح البلاغ أن تأمل مجمل اقتراحات التعديلات (عضوية البرلمانيين، اللجنة المركزية، مفتشي الحزب، روابط الحزب وهيئاته وتنظيماته) التي خلصت إليها خلوة اللجنة التنفيذية للحزب، تظهر أن الأمر غير مؤطر برؤية ديموقراطية واضحة بل مجرد حسابات تنظيمية مسكونة بهاجس الضبط، في تناقض كامل مع فلسفة الفصل السابع من الدستور الذي خول للحزب السياسي وظيفتي التمثيل والتأطير اللتين تتجليان في المنتخبين والأطر الحزبية.
وأكد البرلمانيون على ضرورة دعم مؤسسة الأمين العام للحزب، حيث يبقى الأمين العام مؤسسة محورية في البنية التنظيمية والهيكلية للحزب، باعتباره المؤتمن على وحدة الحزب والضامن لاحترام قوانينه ومؤسساته وحقوق مناضليه، وليس مجرد مسؤول عادي تابع، يوكل له ترتيب أشغال اللقاءات والتنسيق بين مسؤولي الجهات لتسهيل قضاء المأموريات.