محمد اليوبي
في الوقت الذي كان فيه الموظفون، في الوكالة الوطنية للمياه والغابات، يراهنون على إحداث تغيير بنيوي وقطيعة نهائية مع طريقة التدبير التي كانت سائدة منذ أكثر من عشرين عاما داخل قطاع المياه والغابات، فوجئ الجزء الأكبر منهم بقرار إقصائهم من الخدمات التي تقدمها مؤسسة الأعمال الاجتماعية والثقافية للمياه والغابات.
وأفادت المصادر بأن مدير المؤسسة، محمد عاكف، عمم إعلانا انفراديا يوم 23 ماي الماضي، تضمن العديد من الإجراءات الفضفاضة، وهو ما أثار غضبهم وحفيظة الموظفين وممثليهم في اللجنة المديرية للمؤسسة، والذين طالبوا بعقد اجتماع عاجل مع مدير المؤسسة لتصحيح ما يمكن تصحيحه. وكشفت المصادر أن مدير المؤسسة “تصرف انطلاقا مما يملى عليه من طرف جهات نافذة داخل الوزارة والوكالة دون أخذ رأي أعضاء اللجنة المديرية للمؤسسة، ودون الرد على الاقتراحات التي قدمت له” من طرف أعضاء اللجنة التقنية بشأن عدد من القضايا التي نوقشت في الاجتماع الأول للجنة المديرية الذي حضره وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات محمد الصديقي باعتباره وزيرا وصيا على قطاع المياه والغابات.
وتعد منحة عيد الأضحى من ضمن الإجراءات التي أثارت استياء كبيرا في صفوف الموظفين في المصالح المركزية والخارجية للوكالة حيث عمد المدير العام لمؤسسة النهوض بالأعمال الاجتماعية والثقافية لموظفي المياه والغابات إلى تخصيص منحة 800 درهم وحصر الاستفادة منها في السلاليم (6- 7-8-9-10) وإقصاء باقي السلاليم دون العودة إلى الأجهزة التقريرية ودون الأخذ بعين الاعتبار رأي اللجنة التقنية التي اقترحت تعميم مبلغ 1000 درهم على جميع الموظفين دون أي تمييز بينهم، على اعتبار أن هذه المنحة تقدم مرة واحدة في السنة ولن تكلف أكثر من 400 مليون سنتيم من ميزانية المؤسسة التي تتجاوز 3 ملايير ونصف المليار سنتيم!
ووجه أعضاء باللجنة التقنية للمؤسسة اتهامات للمدير العام بأنه يتصرف بطريقة غير مسؤولة، من خلال اتخاذ قرارات انفرادية دون العودة إلى أجهزة المؤسسة التقريرية للحسم في القضايا التي كانت موضوع نقاش داخل اللجنة التقنية المنبثقة عن الاجتماع الأول للجنة المديرية لمؤسسة النهوض بالأعمال الاجتماعية والثقافية لموظفي المياه والغابات. كما أكدت المصادر ذاتها أن هناك أعطابا بنيوية في تدبير الأعمال الاجتماعية للمياه والغابات ينبغي القطع معها لعدم تكرار ما جرى في الماضي من ممارسات غير شفافة وأن مطلب الموظفين الجوهري خلال المرحلة الراهنة هو دمقرطة المؤسسة وربط المسؤولية بالمحاسبة واحترام القانون وأخذ انتظارات الموظفين الحقيقية بعين الاعتبار وإشراكهم في اتخاذ القرارات من خلال توسيع نطاق المشاورات معهم عبر ممثليهم في اللجنة المديرية للمؤسسة.
وفي هذا السياق، كشف مصدر جد مطلع لجريدة “الأخبار” أن مدير المؤسسة بتعميمه لذلك الإعلان الانفرادي يكون بمعية من يدعمه قد راهنوا على إثارة الانقسام داخل القطاع لتكريس “سياسة فرق تسد” وتسييد منطق الفئوية الذي أصبح من الثوابت الرئيسية في تدبير قطاع المياه والغابات على كل المستويات في الوقت الذي كان يفترض فيه العمل كمرحلة أولى على نقل الممتلكات والمشاريع التي كانت تشرف عليها الجمعية السابقة للمؤسسة، خصوصا وأن هناك عقارات تابعة للمؤسسة في بعض المدن أصبحت تسيل لعاب الوسطاء والمنعشين العقاريين مثل النادي الغابوي بالقنيطرة الذي تحول إلى مأوى للكلاب الضالة والمشردين.
وأثارت المصادر ذاتها موضوع هيكلة مؤسسة النهوض بالأعمال الاجتماعية والثقافية لموظفي المياه والغابات، حيث كشفت أن هناك توجها لإحداث مصالح لا تحتاج إليها المؤسسة على الإطلاق وغير منصوص عليها في القانون المحدث لمؤسسة النهوض بالأعمال الاجتماعية والثقافية للمياه والغابات والغرض من كل ذلك هو استنزاف مالية المؤسسة عوض توجيهها لخدمة الموظفين الذين طالت انتظاراتهم.
كما تساءلت المصادر عن الأسباب التي تحول دون استكمال هيكلة المؤسسة (تعيين الكاتب العام، والمدير المالي، إحداث الفروع الجهوية للمؤسسة)، في الوقت الذي ما زالت فيه الجمعية التي حلت محلها المؤسسة هي من تدبر خدمات النقل والإطعام على المستوى المركزي وهي من تشرف على مشروع سكني اجتماعي بالقنيطرة تتجاوز كلفته المالية 8 مليارات سنتيم في تناف خطير مع مقتضيات المادة 25 من القانون المحدث لمؤسسة النهوض بالأعمال الاجتماعية والثقافية لموظفي المياه والغابات التي نصت على أن المؤسسة تحل محل الجمعية وأن ممتلكات ومشاريع وتوريدات واتفاقيات هذه الأخيرة تنقل إليها بعد دخول القانون حيز التنفيذ.