كيف بدأت علاقتك بكرة القدم؟
بدايتي قد تختلف قليلا عن بداية أغلب اللاعبين، فقد تعلمت مبادئ كرة القدم في مدرسة رياضية بملعب حي سيدي عثمان، كان عمري حينها لا يزيد عن 12 سنة، حيث أشرف على تدريبنا مولاي عبد الله، اللاعب السابق للاتحاد البيضاوي والمنتخب المغربي. في ذلك السن كان هذا المؤطر الكبير يعلمنا أبجديات الكرة، لقد علمنا كيف نلعب وكيف ننظف أجسادنا وكيف نتواصل، وبفضله أنجبت المنطقة عشرات الأسماء التي برزت على أعلى المستويات، لقد ترك رحمه الله بصمة كبيرة في سيدي عثمان وأنا أعتبره مربي الأجيال.
متى انتقلت من سيدي عثمان إلى الرجاء البيضاوي؟
في سنة 1974، توجهنا نحن مجموعة من لاعبي سيدي عثمان ومبروكة إلى ملعب الرجاء بالوازيس لمواجهة صغار الرجاء في مباراة ودية، وكان المؤطر محمد البودالي هو المشرف على الفئات الصغرى للنادي الأخضر. بعد نهاية المباراة التي انتصرنا فيها بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، اتصل بنا المدرب البودالي وأكد لنا اختياره ثلاثة لاعبين من فريقنا لضمهم لصغار الرجاء.
من هنا جاء التحاقك بالرجاء؟
لا لم ألتحق في الفترة المحددة لبدء التداريب، كنت أعتقد أن التداريب ستنطلق بعد الدخول المدرسي، لذا تأخرت في الالتحاق بالفريق، وبعد مرور الأيام وجدت نفسي حاضرا في مباريات الفريق الأول كجامع للكرات وكان معي في تلك الفترة اللاعب مصطفى الحداوي. ومن حسنات جمع الكرات أن البودالي كان ينظم لنا مباراة في ما بين شوطي المباريات الهامة على أرضية الملعب الشرفي وكانت تعرف متابعة وتفاعلا من الجمهور، وهنا بدأت ألفت نظر محبي الفريق والمدرب.
من الأخطاء المسجلة في مسارك انتقالك للوداد ضدا على رغبات محبي الرجاء..
في تلك الفترة حصل خلاف بين المؤطر البودالي ومسؤولي الرجاء، فأوصاني بالانتقال إلى الوداد. كان مركب الوداد، في عهد الرئيس الأسبق عبد الرزاق مكوار، يخضع للتجديد وكانت في الملعب أشغال التهيئة، لذا كنا نغير ملابسنا في خيمة انتصبت في ركن من الملعب. أشرف على تدريبي المؤطر الودادي المرجعي «با سالم» حيث كانت أول حصة يوم الخميس، وبعد يومين استدعاني لخوض مباراة رسمية مع صغار الوداد.
لكن كيف لعبت وأنت لم توقع في كشوفات الفريق بشكل رسمي؟
كان المؤطر باسالم يملك صورا عديدة للاعبين، وكانت له قدرة على جعلك تلعب بهوية أخرى، وأن تحمل اسم شخص آخر دون أن يفطن الفريق الخصم لذلك.
من هو اللاعب الذي تقمصت شخصيته؟
كنت ألعب بهوية لاعب آخر يدعى عبد العالي الشاكي، وكنت أخوض المباريات برخصة هذا اللاعب، وهو من عائلة الشاكي التي ارتبط اسمها بالوداد، تصور أنني كنت أحمل اسم الشاكي من فئة الصغار إلى الشبان، بدل اسمي الحقيقي مصطفى بهليوي.
ما المباراة التي غيرت مسارك وسلطت عليك أضواء المسيرين؟
كانت مباراة سد في مدينة مراكش رفقة شبان الوداد، وكان بادو الزاكي يحرس مرمانا بعد انتدابه من الجمعية السلاوية. بعد تلك المباراة التي تألقت فيها بشكل لافت، قرر خالي توقيف مساري الكروي، وطلب مني التفرغ للدراسة من أجل الحصول على شهادة الباكلوريا، رغم أنني كنت أساسيا في الوداد وفي منتخب عصبة الدار البيضاء. فعلا امتثلت لقرار الأسرة، وتفرغت للدراسة وكنت ألعب كل يوم أحد في ملعب الحي، واجتزت اختبار الباكلوريا بنجاح وتقدمت لمباراة كلية الطب ونجحت بامتياز، لكنني كنت شغوفا بالكرة، وكنت أتردد على ملعب الوداد لأعاين أصدقائي في بعض المباريات وأجدد الصلة بهم. اكتشفت أن الجو مغاير، ومن خلال حديثي مع المدرب الخلفي، تبين لي أنه ينصحني ضمنيا باستكمال مساري التعليمي.
ما القرار الذي اتخذته آنذاك؟
التقيت صدفة في درب السلطان باللاعب مصطفى الحداوي، واقترح علي العودة للرجاء بالرغم من ضعف التنافسية لأنني لم ألعب مباريات رسمية مدة عامين. قررت الذهاب إلى ملعب الرجاء بالوازيس وخضعت لتداريب مكثفة رفقة الفريق الأول وتحت إشراف من المدرب جرير حمان، الذي كان يملك عينا ثاقبة فطلب من المسؤولين ضمي للفريق، وهذه المرة وقعت باسمي وهويتي.
كيف تمكنت من التوفيق بين كرة القدم داخل الرجاء والدراسة في كلية الطب؟
من الصعب الجمع بين الكرة والدراسة، لكن كانت هناك تضحية مني بفعل ضيق الوقت المتبقي، ولحسن الحظ أن التداريب في تلك الفترة كانت تجرى في الفترة الزوالية، أي ما بين منتصف النهار والثانية بعد الزوال. حينها أتوجه من جديد إما للكلية أو لأحد المستشفيات، رغم ذلك ظل مدرب الرجاء محمد العماري يقحمني في التشكيلة الرسمية.
نادرا ما يوفق اللاعب في بطولة أقسام الصفوة بين ممارسة الكرة ومتابعة دراسته العليا، هناك استثناءات قليلة في عهدكم، كالحمراوي وبتي عمر ورفقي وسعد الله ونسيلة، لقد كان “الكوايرية” أو أغلبهم ينقطعون عن الدراسة، كيف تجاوزت هذه الوضعية؟
إذا أجرينا بحثا دقيقا حول اللاعبين الذين يمارسون ضمن الفئات العمرية بمختلف الفرق المغربية، سنقف عند حصيلة مخيفة، فأغلب اللاعبين يفضلون الكرة على الدراسة، تصور أن بعض الحصص تبرمج في الفترة الصباحية، بمعنى أن اللاعبين الناشئين ينقطعون تلقائيا عن المدرسة ويرتفع مؤشر الهدر في صفوف هذه الفئات، وحتى وهم في الفصول الدراسية يغلب عليهم هاجس لعب الكرة، من هنا أوجه نداء للمسؤولين للاهتمام بهذه المشكلة لأننا بصدد تكوين جيل جديد لا تدخل الدراسة ضمن اهتماماته.
ألا يعتبر تنقلك بين ضفتي الوداد والرجاء غلطة؟
في سنة 1974 حين التحقت بالفئات الصغرى للرجاء، لم يكن الانتقال من فريق إلى آخر معضلة، كنت صغير السن وحين طلب مني البودالي تغيير النادي استجبت له، وبعد عودتي للرجاء سنة 1983 لم يعاتبني أي أحد على الانتقال بين فريقين تجمع بينهما المنافسة والندية، هناك أسماء عديدة حملت قميصي الفريقين دون إشكال.