حسن البصري:
في هذا الحوار سنحاول تعقب زلات مسارك الرياضي، ونود لو تعترف لنا، في البداية، بالغلطة التي ارتكبتها ولازال ضميرك يؤنبك كلما قفزت إلى ذهنك..
أكبر غلطة ارتكبتها في حياتي هي دخولي مجال كرة القدم، لأنني حين ولجت عالم الكرة كنت موظفا ساميا، وكنت أصغر موظف سام في المغرب وتحديدا في وزارة العلاقات مع البرلمان، أي كان لي ارتباط يومي بالمؤسسة التشريعية قبل أن أنضم لقطاع النقل. للأسف دخلت عالم كرة القدم المليء بالمسامير والمطبات واخترت الانخراط في فضاء يصعب فيه الاشتغال بالنظر لصعوبة مسالكه أولا ولطبيعة مكوناته، رغم أن الكرة مكنتني من شبكة علاقات واسعة وجعلت لي مكانة في المجتمع، إلا أنه رغم كل هذا فأنا أقر من منبركم بأنني أخطأت في حق عائلتي لأنني لم أشعر بذلك إلا وابني يبلغ من العمر ثلاثين عاما، أعترف أيضا بأنني لم أكن أمنح أبنائي وأسرتي الصغيرة حقهم كنت أحرمهم من الارتباط الوجداني الأسري بسبب كثرة انشغالاتي الرياضية، وهذا ما يؤنب ضميري إلى الآن.
رغم ذلك فأنت الذي قبلت رئاسة فريق الاتحاد الزموري للخميسات رغم أنك تعلم أنه فريق عديم الإمكانيات، إلا بما تجود به الجامعة وبعض صفقات بيع اللاعبين..
كي تقبل رئاسة فريق كالاتحاد الزموري للخميسات يعاني من انعدام الموارد المالية، هذا أمر صعب، وحتى حين بدأ يتلمس طريقه في ظلمة المكان وأصبح حاضرا بقوة في المنظومة الكروية ببلادنا، لم تتعد منحة الدعم أربعين مليون سنتيم، رغم ذلك لعب الفريق إحدى عشرة سنة في القسم الأول وفاز على فرق كبرى تفوقه من حيث الإمكانيات وسحب لقب البطولة من فرق ومنحه لفرق أخرى، وخاض منافسات كأس إفريقيا لأول مرة في تاريخه.
يعاتبك المجتمع الكروي لإصرارك على انتزاع اللقب من فرق وتسهيل مأمورية فرق أخرى للظفر باللقب، كما يلومونك لحرمان فريقك من فرصة تاريخية للظفر باللقب كان يكفي الفوز على الفتح، لكن اللقب أصبح من نصيب الجيش الملكي في مباراة أسالت مدادا غزيرا..
فوق طاقتك لا تلام، الجميع يعرف قصة تلك المباراة التي أجريناها ضد الفتح، وكيف كان الحكم خصما لنا مصرا على حرماننا من الانتصار، علما أن الفتح الذي كان خصمنا في تلك المباراة كان يلعب بحماس كي يقدم خدمة لفريق الجيش الملكي. لقد كان الاتحاد الزموري للخميسات أقوى من الفتح لكن حكم المباراة كان أقوى منا، حيث سجلنا هدفا سليما وألغاه وحين استفسرناه عن السبب لم يجد ما يبرر به قراره.
هل كانت رائحة البيع والشراء تنبعث من تلك المباراة؟
سجل على لساني أن جميع البطولات التي عرفها المغرب تفتقد للبراءة، كل المسابقات لا تخلو من المساومات والمناورات والتحايلات، هذه أشياء عشناها ميدانيا وكنا شاهدين عليها، ثم هل يوجد رئيس فريق اقترب ناديه من خط الوصول ولم تعد تفصله عن اللقب سوى مباراة واحدة ثم يقوم بتفويت نتيجتها ضاربا مجهود عام كامل في تسعين دقيقة، في مثل هذه المواقف لا يمكنني سوى ترديد عبارة «الله يحسن لعوان للحكام»، لأنهم كانوا بين السندان والمطرقة، لقد شاهدت العجب في رحلتي مع كرة القدم.
الرجاويون غاضبون منك، لأنك تعلن حالة استنفار قصوى في صفوف لاعبي فريق اتحاد الخميسات بالنظر لتعاطفك مع الوداديين، هل لهذا الغضب مبرراته؟
حين يقترب موعد مواجهة مع الرجاء أو الوداد تكون عندنا «الفيجطة» في الخميسات، لأننا نختزل لقب البطولة في الفوز على قطبي كرة القدم بالدار البيضاء.
ولكن فريقك سحب بساط اللقب من تحت قدم الرجاء البيضاوي بنية تمكين فريق آخر من الظفر بلقب البطولة..
فعلا لقد سحبنا اللقب من تحت أقدام الرجاء وأوقفنا زحفه نحو لقب البطولة، لكننا فعلنا الشيء نفسه مع الوداد، لم يكن الهدف خدمة فريق آخر أبدا، بل كنا دائما نريد أن نجعل من مبارياتنا ضد الوداد أو الرجاء فرصة لتأكيد قدرتنا على مقارعة الكبار. لقد كنا أكثر تحفيزا لأننا عزمنا على تأكيد قوتنا، الرجاء مثلا كان في حاجة لنقط الفوز في الخميسات وتعادلنا ليفوز فريق حسنية أكادير باللقب.
ناديت، حين كنت عضوا بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، باقتسام عائدات النقل التلفزي تضامنا بين جميع الفرق، ما خلف انزعاجا لدى الفرق الأكثر جماهيرية، وفتحت بالتالي شرخا في جسد الكرة المغربية، كيف تزعمت حركة الفرق المستضعفة؟
هذه فرصة لتصحيح بعض الأمور، لأنني سأكون أحمق إذا قررت الوقوف في جبهة ضد الوداد أو الرجاء، لأنهما، شئنا أم أبينا، قاطرة كرة القدم المغربية، لكن المشكل يكمن في مسيري الفريقين، هناك فرق بين أن يكون لديك مشكل مع مسيري الفريق ومشكل مع النادي. ذات يوم جئت إلى الدار البيضاء رفقة فريقي لمواجهة الرجاء وكان يحتل الرتبة 12 أو 13 في الترتيب العام، وحين حاصرني بعض محبي الرجاء قرب أحد المحلات التجارية، وسألوني عن سر معاداة الرجاء قلت لهم إن من يعادي الرجاء هم مسيروها وليس الكرتيلي. ولكنني أعدكم بأن أنقذ الرجاء من النزول إذا احتلت المراتب الأخيرة لا قدر الله، بل وسأقدم للجامعة مشروعا برفع عدد أندية القسم الأول إلى 18 فريقا بدل 16، حينها فهم الرجاويون أنني لست عدوهم.
نعود إلى السؤال المتعلق باقتسام عائدات النقل التلفزي بشكل تضامني بين جميع الفرق، لأنك لم تجب عنه..
لا يمكن لفريقين في البطولة أن يستحوذا على ستين في المئة من عائدات النقل التلفزي، وتوزع الأربعون في المئة المتبقية الباقي في ما بينهما، هذا ليس عدلا.
لكن هذا معمول به في العالم، الزمالك والأهلي يأخذان الحصة الأكبر من مداخيل النقل التلفزي، هذا أمر معمول به..
أنا أشاطرك الرأي، صحيح أن الوداد والرجاء يملكان قاعدة جماهيرية عريضة، لكن في كل مباراة يواجهان خصما، إذن هذا الخصم يصنع الفرجة وبدونه لا تكتمل شروط التباري، والمنطق يفرض توزيع العائدات بشكل عادل بين كل الفرق على أساس الاستحقاق وليس على أساس أسماء الأندية وقاعدتها الجماهيرية.