بصفتك زوجة سعيد عويطة سابقا، فإن المتتبعين للشأن الرياضي في المغرب لا يعرفون أن خديجة هي أيضا بطلة في ألعاب القوى، لماذا قبلت هذا الوضع؟
عشت في ظل شخص رغم أن إنجازاتي كانت تستحق أن يسلط عليها الإعلام الضوء، فأنا لم أكن مجرد ربة بيت كما يعتقد الكثيرون بل إنني راكمت تجارب عديدة في أم الرياضات، للأسف لم يطرح علي أي صحافي سؤال «من تكون خديجة»؟ تمنيت لو سئلت عن حقيقة مساري وأنا حينها في ظل عداء كان يوما زوجي، دائما يقولون هذه زوجة فلان.
من تكون خديجة إذن؟
ولدت في حي درب السلطان، بدأت ممارسة الرياضة وعمري لا يتجاوز 12 سنة، ضمن الفريق المدرسي حيث تألقت في الألعاب المدرسية، تم اكتشافي من طرف مدرس لمادة التربية البدنية وكان أغلب المدرسين الرياضيين ينتمون لأندية رسمية يسهل عليهم استقطاب المواهب من المدارس. أي أنه يتم ضمك لناد معين وتبقى تحت مراقبة المدرب الذي هو أستاذ الرياضة في المؤسسة التعليمية.
من الألعاب المدرسية انتقلت لنادي الرجاء البيضاوي لألعاب القوى، كيف تم اختيار هذا النادي دون غيره؟
كوني من ساكنة درب السلطان الذي يعتبر معقل الرجاء البيضاوي، كان من الطبيعي أن أنضم لهذا الفريق، والفضل كما أشرت يرجع لمدرس رجاوي أيضا ويشتغل مؤطرا بالنادي، إضافة إلى عشقي للرجاء أنا وأفراد عائلتي، بمعنى أن اختياري للرجاء جاء عن قناعة أولا وعن حب.
حدثينا عن أولى علاقاتك بمضمار ألعاب القوى و«البوديوم»..
أول ما بدأت مساري الرياضي ركضت في مسابقات العدو الريفي، الذي يعتبر أساس رياضة ألعاب القوى، حيث شاركت في الألعاب المدرسية ممثلة للمؤسسة التعليمية التي كنت أنتمي إليها في درب السلطان. تألقت منذ صغري وفزت ببطولة المغرب رغم أنني كنت أصغر مشاركة، قبل أن أشارك في المسابقات الرسمية لألعاب القوى وفزت بسباقات 600 متر لأن سني لم يكن يتيح حينها المشاركة في تخصص 800 متر. كنت أحاول الجمع بين دراستي وتداريبي، وأقطع المسافات من درب السلطان إلى «كازابلانكيز» حيث يوجد ملعب حديقة الجامعة العربية ومقر الرجاء، هناك تدرجت في التخصصات من 800 إلى 0500 متر ثم القفز العالي، المهم هو المشاركة في أغلب المسابقات لجمع أكبر عدد من النقط والظفر، بالتالي، بلقب كأس العرش. شاركت في الألعاب المدرسية العالمية وفي تظاهرات قارية وعربية وكنت أتوج بالألقاب وأنا صغيرة السن. وكان لي شرف تمثيل المغرب في العديد من البطولات وأنا سعيدة بهذا المجد الذي حققته في شبابي، لقد كنت في إحدى الرحلات الفتاة الوحيدة وسط بعثة تتكون كلها من الذكور، كان ذلك في الاتحاد السوفياتي على ما أذكر.
رغم هذا المسار الواعد الذي كان سيقودك للنجومية، قررت فجأة الارتباط بعويطة والقطع مع حلبات السباق، هل كان هذا القرار أول غلطة في حياتك؟
أنا كنت أرفض فكرة الزواج في سن مبكر، ففي سن الـ18 وجدت نفسي في مفترق الطرق، كان حلمي مواصلة مساري الرياضي في ميدان ألعاب القوى، وكنت أطمح في السير بعيدا في المجال وكان الكل يتوقع أن أحقق مكاسب لي ولوطني. كنت متألقة، أيضا، في دراستي وكانت لدي أحلام كباقي التلاميذ، لكن فجأة ظهر زوجي السابق في حياتي وطلب مني الزواج وقال لي بالحرف: «إن مستقبلي بين يديك، وإذا لم تتزوجي بي فإن مساري سيتحطم»، وألح علي كثيرا إلى أن قبلت الارتباط به.
كان بالإمكان الزواج ببطل دون توقيف مسارك الرياضي، أي أن تقدما للوطن بطلين..
كانت هذه الفكرة واردة في أول الأمر، بعد الزواج سافرنا إلى إيطاليا وخضعنا معا لتداريب شاقة ومحترفة، كنا نتدرب ثلاث مرات في اليوم، وحين كنت أعود إلى البيت أهيئ الوجبات، علما أنه في تلك الفترة لم تكن إمكانياتنا المالية تسمح بالاستعانة بخادمة مؤهلة. كنت أقوم بكل ما يمكن لربة بيت أن تقوم به حتى آلة الغسيل لم تكن متوفرة عندي وكنت أغسل الملابس بيدي، كما لعبت دور المدلكة والممرضة وغيرها من المهام. رغم ذلك فالتوقيت الذي كنت أسجله في تلك الفترة كان يخول لي المنافسة على ألقاب عالمية، والظفر بميدالية ذهبية أولمبية حسب التوقعات في تلك الفترة، وكان حلمنا أن نشارك معا ونحصد الذهب معا.. لكن من الصعب جدا الجمع بين تدبير شأن البيت والإشراف على بطل والبحث عن ألقاب شخصية.
اختارت خديجة أن تكون في ظل البطل وتوقف رحلتها الرياضية طبعا..
اخترت القرار الصعب بالنسبة لي، لأنني كنت أتدرب بطريقة جنونية، فجأة انقطعت وأصبحت مشرفة على زوج ربط مستقبلنا بالمضمار.
هل تبين أنك ارتكبت غلطة العمر بعد الانفصال عن زوجك، حيث قلت: يا ليتني أكملت مساري الرياضي؟
تماما في الأول لم أكن أظن أنني ارتكبت غلطة، بل اعتبرتها تضحية من زوجة كما تضحي كثير من الزوجات، لم أنظر إليها كغلطة حين تحقق حلم الظفر بالألقاب والصعود إلى «بوديوم» النجاح، كنت أعتبر هذا الفوز فوزنا جميعا ساهمنا فيه كل من موقعه، لكن مع مرور الأيام اكتشفت أنني أخطأت حين أوقفت مسيرتي الرياضية وأنا في عز توهجي.
لماذا تم تصنيفها أخيرا غلطة؟
كنت أقول إن الهدف الذي رسمناه سويا وصلنا إليه، لكن في الآونة الأخيرة تبين أنها غلطة، لأن البعض بدأوا يلومونني ويقللون من دوري في صناعة بطل، ويعتقدون أن ما وصل إليه زوجي السابق كان بإرادة منه دون أن تكون لي مساهمة في الإنجازات التي تحققت، كنت أعتقد أن الأرقام القياسية التي تحققت والميداليات التي حصدها هي ألقابنا معا لكن هيهات.