شوف تشوف

الرأيرياضة

غسالة ومسحوق أخضر

حسن البصري

في عشرة أيام فعل رئيس الرجاء الحالي عزيز البدراوي، ما يمكن لرئيس أن يفعله في شهر في سنة. عقد ثلاث ندوات صحافية واجتمع مع المنخرطين والحكماء، ودعا لأسرع جمع عام في تاريخ الرجاء البيضاوي، وسن لأول مرة قانون جمع بدون صحافة، وأقر بـ«الوي كلو» في محطة يفترض أن تكون ديمقراطية بالحضور الوازن والنقاش الفصيح.

قال البدراوي في ندوة الوازيس إنه سيدشن عهد مصالحة مع الصحافة المهنية، وتحدث عن الحق في المعلومة بحماس منقطع النظير، وفي يوم الجمع العام أغلق الباب على الصحافيين وفضل نشر غسيل الرجاء أمام حفنة من المنخرطين.

في عشرة أيام أعاد البدراوي الرجاء إلى بيت الطاعة، رافعا شعار لا للكرسي الفارغ المهم أن نملأه لا يهم بماذا؟ قرر دخول المكتب التنفيذي للعصبة الاحترافية لكرة القدم، وزار عشرة منابر إعلامية بمعدل خرجة إعلامية كل يوم، وقبل أن يصبح رئيسا وعد لاعبي الرجاء بعشرة ملايين سنتيم لكل لاعب في حال الفوز على الوداد، رغم أن مباراة «الديربي» لا تتجاوز قيمتها في ميزان البطولة ثلاث نقاط.

حين دخل الرئيس يومه الحادي عشر أصدر قرارا بإقالة المدرب رشيد الطاوسي والمشرف العام عزيز العامري، وجمد الأطقم التقنية، وهدد باستبدال اللاعبين الذين أسماهم «الكراريص»، بسيارات رباعية الدفع.

قبل أن يحصل الرئيس على وصل الإيداع، توعد العاملين في قلعة الرجاء بالاستعانة بـ«كراطة» لتنظيف البيت الأخضر، قبل أن يستدرك ويقول إنه يقصد تحويل النفايات إلى طاقة.

في أول خروج إعلامي بمقر النادي في الوازيس، تعهد الرجل بوضع سيارة إسعاف في الملعب تحسبا لأي طارئ، الآن فقط فهمت لماذا أصر على أن يكون الإسعاف أولوية في برنامجه، بعد أن انتابت الرجاويين نوبة قلق وارتفع مؤشر الضغط في البيت الرجاوي إلى حد لا يوصف، حينها بدت الحاجة ماسة لسيارة إسعاف مجهزة بـ«الصيروم» والتنفس الاصطناعي.

قبل أن يقيل الرئيس الجديد مدرب الفريق الطاوسي، نصحه بتقليص خرجاته الإعلامية، والتريث أمام ميكرفونات الصحافيين، وحين سكت المدرب ناب عنه الرئيس وأصبح اسمه يملأ المواقع والصفحات حتى اعتقد الرجاويون أن طيف بودريقة قد عاد.

حين جلس بودريقة على كرسي رئاسة الرجاء، قال للصحافيين سجلوا أن الرجاء في عهدي ستملك قناة فضائية تبث عبر الساتل، وأن منصب المدير التقني سيكون من نصيب مارادونا، وأن الفريق سيتحول إلى منظمة خيرية تمسح دموع اليتامى وأطفال الشوارع المنكوبين.

سجل يا تاريخ أن الرجاء انتهى في غرفة المنازعات مديونا مكسور الوجدان، وتبين للرجاويين أنهم كانوا يطاردون خيط دخان.

قبل حفل تسليم المهام بين رئيس انسحب تحت القصف، ورئيس جاء فجأة لقلعة الرجاء فاتحا، وعد عزيز بشراء لاعبين قادرين على رد الاعتبار للفريق، والقيام بانتدابات قوية تعزز الترسانة البشرية للفريق، تبين أن أول انتداب هو حارسه الخاص بنزيمة الذي يرافقه كظله في حله وترحاله، ليصبح ثاني رئيس في الرجاء يستعين بـ«بودي كارد» في تحركاته.

كلما أعلن رئيس استقالته من رئاسة الرجاء أقسم بأغلظ الأيمان ألا يعود، لكن مع مرور الأيام يخضع يمينه الغليظ لعملية شفط دهون، ويقرر، حين تشتد الأزمة، عودته لتسيير فريق أغرقه في الوحل.

لم يفلح الرجاء في إصلاح أحواله حين ترأسه مقاول وعد بإعادة إعمار النادي، فحول مركز التكوين إلى بناية مهجورة يتردد عليها الندامى ليلا، وحين خلفه في منصبه صاحب مدارس تعليم السياقة اصطدمت عربة الرجاء بالجدران، ولم ينفع خبير الطيران في التحليق بالرجاء نحو بر الأمان، ولا المهندس المعماري في انتشال الفريق من دوامة الأزمات.

اليوم تبين أن الإقالة كالأجر تشهر في وجه الأجير قبل أن يجف عرقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى