خالد فتحي
هل منحت حماس إسرائيل المبرر لاقتراف مخطط شنيع ضد الفلسطينيين؟ هل حماس فاجأت إسرائيل وخدعتها بهذا الطوفان غير المسبوق، أم أن حماس كانت المخدوعة؟ وإسرائيل من تغافلت، وتركتها تتوغل إلى العمق الإسرائيلي لتستثمر في ما بعد في ترويج الصورة التي يشتغل إعلاميا عليها الآن، متحملة كل كلفة في سبيل مشروعها البعيد؟
ما يجري حاليا بغزة فظيع جدا، قصف للسكان بلا هوادة، شهداء فاقوا الألف، وجرحى بالآلاف، وانهيار لكل الخدمات بما في ذلك القطاع الصحي، وكل ذلك على مرأى ومسمع من العالم.
لنبدأ أولا بضحايا إسرائيل، هل قتلتهم كتائب القسام التي خلطت بينهم وبين العسكريين على اعتبار أنها تنظر للمجتمع الإسرائيلي بوصفه مجتمعا معسكرا، وأن كل أفراده هم مجرد احتياطي محتمل للجيش؟ أم قتلتهم حكوماتهم المتعاقبة التي استوطنتهم في أرض ليست بأرضهم، أرض تقع خارج الحدود التي تقر بها الأمم المتحدة لإسرائيل؟
الواضح أن هناك سيناريوهين اثنين يلوحان في الأفق لمسار هذه الحرب، فمع القصف العنيف الذي تتعرض له غزة، والإصرار الدولي على تجاهل الأسباب الحقيقية التي جعلت الأمور تتدهور وتتفاقم إلى هذا الحد. والبقاء عند أعراض المشكلة لا عند جذورها، يكون السيناريو الأول أن تقوم إسرائيل بتهجير سكان غزة نحو مصر في إخراج جديد لسيناريو نكبة 1948، مما يعني الشروع في إقبار القضية الفلسطينية، انتظارا لتهجير سكان الضفة نحو الأردن، وهذا يعني البدء في استخلاص كل فلسطين لها كخطوة على درب إعلان إسرائيل الكبرى.. هذا المخطط مستحيل، لأن مصر لن تطيقه لأسباب كثيرة تتعلق بصورتها، وأمنها القومي.
هذه الاستحالة تفتح الباب للسيناريو الثاني، وهو أن تتحول غزة إلى محرقة، ويصير الفلسطينيون هنودا حمرا جددا، ولكن صعب جدا على إسرائيل بالذات أن تحمل على عاتقها محرقة كهذه دون أن تزول.
للأسف أن هذا المآل هو المنحى الذي تسير نحوه التطورات لحد الآن للحرب الجارية، بحكم معطيات الميدان، ونظرا إلى رغبة إسرائيل المجنونة في الثأر للتهشيم الذي طال صورتها أو جعلته يطول صورتها أمام العالم، وفي غياب صوت العقل والحكمة العالمي، وغياب ضغط تمارسه الشعوب في كل أنحاء المعمور من أجل السلام العادل.
إسرائيل تبحث عن كتائب قسام ذائبة في وسط السكان، وتصفيتها كما تقول هي تقتضي إفناء وحرق كل غزة، إلا إذا توقفت الحرب بضغط من الرأي العام الدولي، وهذا أيضا بعيد التحقق حاليا، إذ إننا نرى أن الولايات المتحدة الأمريكية بجلبها لحاملة طائرات، وبتأكيدها على انعدام أدلة تورط إيران، إنما تبيح حربا مفتوحة بين الطرفين دون تدخل من أحد، واستباق أي طلب لإسرائيل لمعاقبة إيران لا تقول عليه واشنطن، ومع ذلك فأمريكا لا تمانع في عولمة هذه الحرب على شكل مختلف، من خلال مواقف حلف الناتو والدول الأوروبية التي أصبحت تتحدث عن ضحايا يحملون جنسية مزدوجة، وهذا قد يتخذ ذريعة لمساعدة إسرائيل ومعاقبة غزة.
إن مصيرا قاتما ينتظر غزة، بل هي نكبة جديدة، إلا إذا اشتعلت جبهات جديدة، وقادتنا جميعا إلى حافة الهاوية. فهل يا ترى يستيقظ العالم قبل ذلك ويستبق الكارثة، ويفهم أن لا حل غير فرض حل الدولتين على الطرفين؟