الأخبار
أكدت مصادر عليمة لـ”الأخبار” أنه بعد 13 يوما من الانتظار والترقب لمصير حوالي 30 شخصا يتحدرون من مدينة الصخيرات، بينهم نساء وأطفال، خاضوا رحلة تهجير سرية من أحد شواطئ المحمدية، وانقطعت أخبارهم بشكل كلي، اهتزت مدينة الصخيرات، في وقت مبكر من صباح أول أمس الثلاثاء، على وقع فاجعة مؤلمة، بعد أن لفظت أمواج البحر جثة شاب في العشرينيات من عمره ينحدر من مدينة الصخيرات، أكدت مصادر موثوق بها أنه كان من بين المفقودين، ما يرجح الفرضية التي راجت بقوة بمدينة الصخيرات خلال الأسبوعين الماضيين، والمتعلقة بإمكانية تعرض القارب الذي كان يقلهم إلى عطب تقني، تعذر معه استكمال الرحلة وحصول الكارثة.
وأكدت مصادر “الأخبار” أن خروج جثة فتاة إلى ساحل أحد شواطئ الدار البيضاء، تزامنا مع واقعة جثة الشاب بشاطئ المنصورية، ضاعف من تخوف السلطات والعائلات المعنية من هلاك باقي المفقودين غرقا في عرض البحر، وهو ما تعكف عليه حاليا مصالح الدرك الملكي بالصخيرات، بتنسيق مع نظيرتها بالمحمدية وبوزنيقة والدار البيضاء، لتحديد هوية الشابين، والارتباطات بينهما وبين باقي المفقودين، استنادا إلى معلومات وردت في شكايات رسمية بالاختفاء تقدمت بها بعض الأسر إلى مصالح الدرك الملكي.
وارتباطا بهذه الواقعة التي شغلت حيزا كبيرا ضمن اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي بمدينة الصخيرات، طوال الأسبوعين الماضيين، أسفرت أبحاث سرية أنجزتها عناصر الدرك الملكي بسرية الصخيرات عن إيقاف منظم الرحلة المذكورة وشخص آخر، صاحب المركب الذي استعمل في المغامرة البحرية الخطيرة، حيث جرى إخضاعهما منذ الاثنين الماضي، إلى بحث تمهيدي تحت إشراف النيابة العامة، أفرز تطورات بالغة الخطورة، بعد أن أكد منظم الرحلة أن شقيقيه وابنه الصغير معنيون بهذه المأساة، ويعدون من بين المفقودين، بعد أن رشحهم للهجرة السرية رفقة 26 شخصا آخرين، بينهم نساء وقاصرون وأطفال، كما اعترف بالشخص الذي اقتنى منه القارب المستعمل في الرحلة، حيث جرى اعتقاله على الفور من طرف عناصر الدرك، وتبين أنه من أصحاب السوابق القضائية بالتهمة نفسها.
وفي انتظار مصير باقي المفقودين، تواصل مصالح المركز القضائي بسرية الصخيرات أبحاثها، تحت الإشراف المباشر لقائد السرية، وبتنسيق مع النيابة العامة المختصة، وذلك من أجل الكشف عن كل الخيوط المرتبطة بهذه المأساة الإنسانية، المرشحة للتكرار في ظل الهشاشة والفقر والأوضاع الاجتماعية الخطيرة التي تعيشها مدينة الصخيرات بشكل استثنائي على مستوى عمالة الصخيرات تمارة، في ظل استقبالها لآلاف المرحلين العاطلين عن العمل من الدواوير الصفيحية بتمارة.
وأعادت هذه الواقعة سؤال الإنزال الخطير لمافيات الهجرة السرية، بشواطئ المنطقة الممتدة من شاطئ سلا إلى شواطئ الدار البيضاء، مرورا بشواطئ الهرهورة والصخيرات وبوزنيقة والمحمدية، وهو ما بات يشكل عبئا كبيرا على مصالح المراقبة، وخاصة عناصر الدرك الملكي، بالنظر إلى المسؤوليات الكبيرة والنوعية التي تواجهها بهذه المنطقة الحساسة بوسط المغرب، وبالنظر أيضا إلى نقص الخبرة وضعف الإمكانات البشرية واللوجستيكية التي توفرت لزملائهم بالمعاقل التقليدية للهجرة السرية بالمغرب على مدى عقود، وتحديدا بالشمال ومنطقة الغرب، التي نجحت إلى حد ما في محاربة الظاهرة وخفض النسب المخيفة للرحلات السرية التي كانت تسجل بالشمال والغرب، قبل أن تدفع بارونات الهجرة الى التفكير في واجهات بحرية أخرى بشواطئ الهرهورة والصخيرات والمحمدية.
وأفادت مصادر الجريدة بأن صرامة دوريات الدرك، وحرصها على تأمين الخط البحري والتصدي لـ”مافيا” الهجرة، الذي أسفر عن اعتقالات قياسية في صفوف المنظمين وإحباط عشرات المحاولات بشواطئ الهرهورة والصخيرات وبوزنيقة والمنصورية، يقابلها تراخ واضح من طرف بعض المسؤولين عن نقاط حساسة على طول هذا الامتداد البحري، وقد فضحت هذا التقصير العديد من أشرطة الفيديو والمقاطع المباشرة التي ظهر فيها مرشحون نجحوا في العبور بشكل آمن إلى الضفة الأخرى، وفضحوا كل التفاصيل المرتبطة بمغامراتهم في البحر، بما فيها نقاط التجمعات والتفاوض والانطلاقة بكل أريحية، وهو ما يجعل بعض مراكز المراقبة محط شبهة ومساءلة بالتقصير والتواطؤ.