يونس جنوحي
336 ألفا، ليس مبلغا من المال، وإنما عدد حالات محاولات الهجرة السرية التي باءت بالفشل خلال السنوات الأخيرة.
تخيلوا كم محاولة ناجحة تمت دون أن يدري بها أحد سوى عائلات «المُرشحين»، أو مراكز إيواء القاصرين في جنوب إسبانيا.
الحالات التي باءت بالفشل، يُقصد بها التدخلات التي قامت بها المصالح البحرية المغربية لإنقاذ المهاجرين الذين إما ضلوا طريقهم وسط البحر أو توقف محرك المركب الذي يُقلهم نحو أوروبا.
الموقوفون في أغلب الحالات مغاربة، والاتحاد الأوروبي رصد محاولات كثيرة كان المرشحون فيها للهجرة من جنسيات افريقية أخرى، أغلبهم فارون من النزاعات السياسية.
وأغلب المرشحين للهجرة استقروا في المغرب، خصوصا في محور الدار البيضاء والرباط، وبعضهم لم يعودوا يفكرون في الهجرة.
المُستجوبون من جنسيات إفريقية قالوا إنهم أجلوا حلم الهجرة قليلا عندما وصلوا إلى المغرب، وانشغلوا بممارسة أنشطة تجارية، مع الوافدين الأفارقة إلى مختلف المدن المغربية، وهو ما وفر لأغلبهم مورد دخل قار في انتظار أن يسووا وضعيتهم كمهاجرين في المغرب، أو يواصلوا رحلتهم نحو أوروبا، كيف ما كانت الوسائل.
حسب التقارير الأوروبية دائما، فإن تجربة المهاجرين من دول جنوب الصحراء نحو المغرب تبقى الأفضل مقارنة مع تجارب أشقائهم الذين سلكوا طريقا آخر نحو الجزائر وتونس وليبيا.
هذه التقارير تحدثت عن ممارسات غير إنسانية في حق المرشحين للهجرة، والذين اختاروا الجزائر مثلا بلدا للعبور.
إذ عملت السلطات على جمعهم في نقاط خارج المدن، دون أن توفر لهم أبسط شروط العيش، وفي الأخير تخلصت منهم إما على الحدود الشرقية مع المغرب أو الحدود الجنوبية نحو موريتانيا.
الحافلات التي رمت هؤلاء المهاجرين غير النظاميين في عرض الصحراء، حيث لا طير يطير، عادت أدراجها إلى الجزائر العاصمة، وهناك أخبار عن مطالبة شركات النقل التي أنجزت المهمة للسلطات الجزائري لكي تؤدي مستحقات كراء الحافلات المستعملة في هذه الرحلات.
الطريف في الأمر أن بعض الحافلات تخلصت من «الحمولة» البشرية قبل الوصول إلى النقطة الحدودية المتفق عليها، وعادوا أدراجهم إلى العاصمة لكي يجدوا بعض أولئك المهاجرين قد سبقوهم إليها.
ولم تعرف كل هذه التجارب نهايات سعيدة، ففي بعض الحالات صار مهاجرون في عداد المفقودين ولم يفلح أقرباؤهم ورفاقهم المهاجرون معهم، في العثور على أي أثر لهم، ولا يعرفون إلى الآن هل عبروا نحو إسبانيا أم أنهم مدفونون تحت نخلة ما في الحدود الجزائرية.
بروكسل، حيث يوجد مقر الاتحاد الأوروبي، تعرف جيدا الجهود التي يبذلها المغرب لإيقاف بعض عمليات الهجرة غير الشرعية التي يُهندسها تجار المخدرات ورؤساء عصابات تهريب البشر. هؤلاء يحصلون على أموال من المرشحين دون أن يقدموا لهم أي ضمانات، مستغلين ظروفهم الإنسانية الصعبة وحالة الهشاشة التي يتخبطون فيها.
في المغرب تجارب إنسانية مهمة لمرشحين سابقين للهجرة نحو إسبانيا، عدلوا عن الفكرة مع توالي شهور إقامتهم في المغرب، ومنهم من حملوا معهم شواهدهم أثناء رحلة المشي على الأقدام في اتجاه المغرب، والتحقوا بالمدارس العليا، وآخرون اشتغلوا في التجارة، وهناك منهم مياومون يتقاسمون مع المغاربة الآخرين هموم الحياة اليومية.
هؤلاء حدث لهم مثل ما حدث لأغلب الذين وفدوا على شمال المغرب قبل سنوات. كان هناك مرشحون للهجرة جاؤوا إلى الشمال من تخوم منطقة سوس ونواحي بني ملال وحتى من الراشدية، وعندما كانوا في انتظار موعد وصول القارب المفترض أن يُقلهم إلى الفردوس الموعود، وجدوا أنفسهم قد تزوجوا وأنجبوا، و«غرقوا» في داومة الحياة دون أن يركبوا البحر مرة في حياتهم.