«عيد» المرأة وعيديات الحركة النسوية
زينب بنموسى
من الطبيعي جدا أن يتحول اليوم العالمي لحقوق المرأة إلى «عيد المرأة» في بلد مثل المغرب، تتذكر حركته النسوية حقوق من تشتغل باسمهم مرة في السنة مع ظهور هلال شهر مارس، تحتفل فيه بجميع القضايا المشهورة التي ركبت على أمواجها، وتهنئ نفسها بذكرى صورها مع «ضحايا» يعرفهم الرأي العام.
هو فعلا عيد يحل مرة في السنة وتجيء معه العيديات الكبيرات من أموال الدعم الأجنبي دعما للمرأة، وبعده عطلة طويلة في المنتجعات والفنادق الفخمة من أجل مناقشة وضعية المرأة الكادحة وحريتها الجنسية.
الحركة النسوية الحقوقية المغربية، خاصة البرجوازية منها أو تلك التي أصبحت برجوازية بفضل الدعم الأجنبي تحاول بفشل التشبه بالحركة النسوية في أوروبا، دون الأخذ بعين الاعتبار المسافة الزمنية والحضارية والحقوقية التي تفصل بيننا، والظروف الاجتماعية التي تعيشها النساء هنا وهناك.
القضية في المغرب عكس أوروبا، ليست قضية حريات، نحن هنا لم نصل بعد إلى مرحلة النضال فقط عن الحرية الجنسية، الجسدية.. وغيرها من هاته المطالب «المريحة»، التي لا تهم إلا نساء كازا والرباط وبعض المدن الكبرى، والتي لا زالت تفصل بيننا وبينها سنوات وعي بأكملها. صحيح أن لا أحد يمكنه التشكيك في ضرورة الدفاع عن الحقوق الفردية، لكن قضية المرأة بدأت تتحول بسبب جزء من الحركة النسوية إلى معركة دونكيشوتية تقوم باستيراد قضايا تناقش في مجتمعات أخرى تسبقنا بسنوات ضوئية في ما يتعلق بحقوق النساء خصوصا والإنسان عموما.
المرأة المغربية تحتاج من يدافع عنها داخل السياق السوسيو اقتصادي الذي تعيشه، من يضمن لها عملا كريما قبل أن يضمن لها حريتها الجنسية، من يتذكرها طوال العام ويفكر بجدية في تحسين وضعيتها، لا من يسترزق باسمها كل ثامن مارس.
مناضلات الكافيار وحقوقيات البوز يحتجن إعادة النظر في ميزانية اللقاءات، ومصاريف الطاولات المستديرة التي تبرر بها أوجه صرف الدعم الأجنبي السمين الذي يعطى بالأساس من أجل المساعدة في تسوية وضعية المرأة، في حين تعيش النساء الكادحات في ظروف هشة، بدءا بالعاملات الزراعيات اللواتي يعانين من الاستغلال البشع، ويشتغلن في ظروف لا إنسانية بمدخول زهيد داخل الضيعات الفلاحية الكبرى أو بحقول الفراولة في إسبانيا، مرورا بنساء التهريب اللواتي يواصلن إلى الآن حمل الأثقال في معابر سبتة ومليلية متحملات مختلف أنواع المعاناة، ووصولا إلى نساء قطاع النسيج المشتغلات ف «النوار» دون التوفر على أبسط ظروف الحماية الاجتماعية أو القانونية، آخرهن عاملات مصنع طنجة اللواتي لقين حتفهن في ظروف تراجيدية، والأمثلة يطول الحديث عنها، في حين تواصل الحركة النسوية محاربة طواحين هواء الذكورية، والدخول في معارك وهمية مع المجتمع يخسر فيها الرجل والمرأة معا.
قبل أن نحتفل بـ«عيد المرأة»، لا بد أولا أن نتساءل ماذا تغير في الفترة التي فصلت بين العيدين، وأين صرفت العيديات، وقبل أن نضمن للمرأة المغربية حرية ارتداء «الميني جيب»، من الأفضل أن نضمن لها أولا قطعة خبز بكرامة.