حسن البصري
كيف تلقيت حكم القاضي؟
للأسف لم تكن كاميرات في مكان الحادث كي لا أقول مكان الجريمة، لم يكن علم الإجرام والأبحاث الجنائية تطور بعد، لأن التشريح الطبي الذي عاين كيفية إطلاق النار يختلف عن الكيفية التي نسبت لي. لهذا ناشد دفاعي هيئة المحكمة بالأخذ بعين الاعتبار مكانتي كعداء مثل المغرب في المحافل الدولية، لكن المحكمة كان لها رأي آخر، حيث رفضت ملتمسا بالسراح المؤقت في حقي. عجزت عن النطق وشعرت بعدم قدرتي على الوقوف وكأن قدميّ عجزتا عن تحمل جسدي. كان شعورا لا يوصف امتزج فيه الإحباط بالألم، أمر لا يصدق أن تحاكم بثلاثين سنة سجنا.
ما آخر كلمة قلتها في الجلسة الختامية؟
قلت إن الاعتراف سيد الأدلة وفي جميع مراحل البحث لم أعترف بكل التهم التي قيلت في حقي، خاصة من محامي سولير الذي ظل يكيل لي التهم دون قرائن، كنت أصيح: «أنا بريء يا سادة». تمنيت أن يتم استحضار مساري الرياضي وكيف رفعت علم المغرب في كثير من المحافل الدولية، وأنني فضلت أن أحاكم في بلدي وأسلم نفسي للسلطات المغربية وليس الفرنسية. أنا أكرر أمامكم أنني فوجئت بمقتل الدركي وقلت هذا في المحكمة ولا أحد سمع أقوالي، بل طالبت بمواجهة بيني والمدانين الآخرين في القضية، بلحاج والعمريشي، لكنهم لم يفعلوا. لا يعقل أن يقتل ثلاثة أشخاص دركيا، لابد من قاتل واحد، اسألوا المحامي حسن السرغيني سيحدثكم عن أفعالي وانفعالاتي وعن صدق طويتي.
ما غلطة عمرك في نيم الفرنسية؟
هناك أخطاء ارتكبتها وأعترف بها اليوم، لكنها ترجع لغياب من يوجهني ولقلة تجربتي، وابتعادي عن والدتي التي كانت نصائحها تشحنني. لم أكن أعلم أن المنطقة، التي كنت أقطن فيها بسانت إيسبري ضواحي نيم الفرنسية، منطقة معروفة بالأفعال الإجرامية وبالفارين من العدالة وباعة المخدرات، هذا خطأ أول، أما الخطأ الثاني فبدأ من الأمسية التي قضيناها في أحد الملاهي، وتواجدي رفقة شخصين لم أكن أعرف أنهما من أصحاب سوابق في ساعة متأخرة، وثقتي في الناس حيث كنت أعطي ملابسي لكل من يطلب مني حذاء رياضيا أو بذلة أو قفازا، هذا طبعي وهكذا تربيت. لم أميز بين الأصدقاء الحقيقيين وأصدقاء السوء، ولم أركز أكثر على مستقبلي الرياضي، ولم أسمع لنصائح شقيقتي حادة، البطلة التي اختارت العيش في النرويج، ولبعض أصدقائي الصادقين.
لماذا صاح بلحاج والعمريشي، أمام القضاء الفرنسي، أنك شريكهما في القضية؟
لقد أقحما اسمي في قضية مقتل الدركي لسبب بسيط، هو أنني بطل مغربي مشهور ويمكن للدولة المغربية أن تتدخل لدى جاك شيراك الذي كان صديقا للمغرب، كما أن من نصحهما بذلك أراد أن يجعل القضية قضية رأي عام، لأنه لو اعتقل بلحاج والعمريشي لا أحد في الصحافة الفرنسية أو العالمية سيتحدث عنهما، والغاية، في نهاية المطاف، هي تخفيف العقوبة، لكنهما نالا عقوبة المؤبد.
كيف قضيت أيامك الأولى في السجن؟
كانت أيامي الأولى قاسية جدا، لم أتذوق طعم الأكل فقد عشت بدون شهية حتى فقدت وزني وأصبحت أشبه بالهيكل العظمي، أما النوم فخاصمني وبدأت أقضي الليالي في مراجعة شريط حياتي، وأتساءل كيف تحولت من بطل عالمي إلى سجين وسط عالم غريب عني؟ كيف كنت أقضي أيامي في أفخم الفنادق وأنا في جناح بمرحاض مكشوف يقضي فيه السجناء حاجتهم أمامك؟ ما الذنب الذي اقترفته لأنتهي على هذا النحو؟ لكني، للأمانة، كنت مؤمنا ببراءتي فشرعت في كتابة تظلمات إلى السدة العالية بالله، راسلت، عبر شقيقتي حادة، كل الجهات المسؤولة عن العدالة، فأنا بطل عالمي استقبلت مرارا من طرف الملك الحسن الثاني ورفعت راية المغرب خفاقة في التظاهرات العالمية، وكان على المسؤولين النظر إلي من هذه الزاوية، بدل اتهامي بجريمة لم أرتكبها وبإطلاق عيارات نارية على دركي وأنا لا أملك سلاحا ناريا.
لماذا دخلت «الكاشو»؟
حصل لي خلاف مع سجين إسباني يدعى خوخي، فكان ردي عليه عنيفا، لأنه استفزني ولم يحترمني، فتصديت له بعنف كي أكشف له عن شخصيتي، لأنني متسامح مع من يحترمني وعنيف ضد كل من يمارس «الحكرة»، خاصة إذا كان أجنبيا، لهذا قررت إدارة السجن معاقبتي بـ«الكاشو» وعشت في عزلة لأيام إلى أن تمت إعادتي إلى جناحي.
هل كان مسموحا لك بممارسة تمارينك الرياضية؟
في فترة من الفترات قررت، بطلب من إدارة السجن، أن أتحول إلى مدرب للسجناء صغار السن، في محاولة لخلق جو رياضي في المؤسسة، وكنت أخصص بعض الساعات لتدريبهم ومساعدتهم على اكتساب لياقة بدنية.