عميمور يقترح إسقاط قضية الصحراء من مناقشات اتحاد المغرب العربي
لا يتردد محيي الدين عميمور في القول، كلما سئل عن مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية، «مصلحة الوطن العربي أن ندفن خلافاتنا في المغرب العربي، أو أن نواجهها بشجاعة، لنتمكن من التفرغ للقيام بواجبنا في دعم الأحبة في المشرق العربي»، وهو يكيل «الحب والتقدير والاحترام للشعب الذي ساند ثورتنا التحريرية». كما يدعو الوزير السابق إلى مراجعة الوثائق التي تمتلئ بها وسائل التواصل الاجتماعي ومحرك البحث «غوغل» عن أحداث المنطقة. يقول عميمور:
«تتلخص المشاكل بين الجزائر والمغرب في أن الثقة مفقودة تماما، ومحاولات الاستفزاز تتواصل كلما جنحت الأمور نحو الهدوء، وهو ما أستدل به على أن هناك من يحاول افتعال المشاكل الخارجية للتغطية على الاهتمامات الداخلية، وهكذا نسمع يوما بعد يوم بيانات شبه تحريضية وخطبا استفزازية من زعماء أحزاب، حين ذهبوا إلى حد المطالبة بما أسموه «استرجاع أراضي مغربية تحتلها الجزائر»، وهو كلام من شأنه إيقاظ الفتنة النائمة».
«إن المغرب وقع مع الجزائر على اتفاقيتين لترسيم الحدود النهائية بينهما، كانت أولاها اتفاقية لالة مغنية في 1845، التي استكملت باتفاقية الرباط في 1972، وشهد توقيعها أكثر من أربعين رئيس دولة وحكومة، وسجلت في وثائق الأمم المتحدة».
ويضيف عميمور إن بعض التصريحات تصب النار على زيت العلاقات الملتهبة بين البلدين، «تأخذ بعض الأقوال طابع الاستفزاز، ومنها ما قاله يوما «قانونجي» مغربي تعليقا على ما أسماه استرجاع المغرب لأقاليمه المغتصبة من أن هذا يمكن أن يجري بالقتال (هكذا) ويمكن أن يتم بالمفاوضات، وهو ما حدث، كما يقول، بالنسبة لطنجة وإفني وطرفاية، وأخيرا الصحراء».
يعترف عميمور بأن البوليساريو كانت مدعمة من طرف العقيد معمر القذافي، قبل أن تقرر الجزائر سنة 1975 تقديم السند اللازم لهذا الكيان، «كان العقيد القذافي أول من أيد جبهة البوليساريو ودعمها، ولم تؤيدها الجزائر إلا بعد أن فوجئت بتقسيم الصحراء بين المغرب وموريتانيا في سنة 1975».
ويحاول محيي الدين التخلص من أطروحة استضافة الجزائر للبوليساريو فوق ترابها بتندوف، ويقدم ضمانات عدم وجود تبعية ترابية حين يقول: «إن من تابع مؤتمر تيفاريتي الذي عقدوه على الأرض المجاورة لموريتانيا وجنوب الجدار الأمني بعيدا عن الحدود الجزائرية ينفي التبعية الترابية للجزائر».
يرفض عميمور مقارنة البعد الانفصالي للبوليساريو مع وضعية منطقة القبائل أو منطقة الطوارق أو غيرها من الطوائف في الجزائر، كما ينفي مخاوف الجارة الشرقية من «قيام دولة مجهرية جنوب المغرب».
خصص عميمور حيزا للحديث عن قضية إغلاق الحدود الجزائرية المغربية البرية، واستهزأ بأصحاب أطروحة «لا نريد فتح الحدود» من الطرفين، مشيرا إلى أن «فوائد فتح الحدود تعود على البلدين، وهو ما لا ننكره حتى ولو كان المستفيد الأكبر هو الشعب المغربي الشقيق، وهو ما يزيدنا سعادة، لكن متى طلب المغرب رسميا عقد لقاء يبحث هذا الأمر عبر الطريق المألوف في العلاقات بين الأشقاء، بالحوار الجاد الذي يقود إلى فتح الحدود لتكون جسر لقاء ومركز تعاون، لا مصدرا للنزيف المالي، أو لتسرب المهاجرين الأفارقة والإرهابيين وازدهار التهريب. أيا كان المنبع والمصب، ستواصل الجزائر اتخاذ المواقف التي تعبر عن إرادة شعبها وتجسد تاريخه النضالي، وسنظل على إيماننا بوحدة المغرب العربي المبنية على الثقة الكاملة والاحترام المتبادل للمبادئ النبيلة وللطموحات المشروعة».
يعترف محيي الدين بالتكلفة المالية الباهظة لإغلاق المعبر الحدودي البري بين البلدين، فيقول: «بالإضافة إلى ما يعانيه الطرفان من جراء إغلاق الحدود البرية، وتقلص السياحة الجزائرية نحو المغرب ومنه إلى الجزائر، والألم الذي نحسه نتيجة انقطاع صلة الرحم، واستياؤنا من النظرة التي ينظر بها العالم إلى فشلنا في الوصول إلى حل عادل ومنطقي لقضية إنسانية قبل أن تكون سياسية، هناك احتمالات انفجار احتكاكات على الحدود نتيجة للتصعيد المغربي المتواصل ولعملية شحن العواطف المستمرة، وهكذا نقع في شراك الأفعال وردود الأفعال».
وصل الأمر إلى تداعيات تؤثر على تصدير الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر المغرب، والذي «يستفيد منه الجميع، مغاربة وجزائريين وأوربيين، وهو جهد أنجز بإرادة جزائرية صادقة في ترسيخ أسس التعاون المتزايد بين الجيران»، على حد تعبير عميمور، ناهيك عن تخوفاته من انهيار صرح اتحاد المغرب العربي
«لا أستبعد احتمال الانهيار الكامل لاتحاد المغرب العربي، وهذا، وبجانب آثاره السياسية والاقتصادية على الجميع، سيؤدي إلى فشل جاليتنا في أوربا، وفرنسا على وجه التحديد في مواجهة عمليات الإقصاء والتهميش التي تتعرض لها، والواقع أن الإشارة إلى أوربا والتي تذكرنا بالوحدة الأوربية، بكل نتائجها الإيجابية على سكان القارة والمنطقة، يجب أن تذكرنا بأن تلك الوحدة تمت أساسا بفضل التفاهم الفرنسي الألماني، وهو ما لم يكن من الممكن حدوثه لولا أن ألمانيا تخلت عن أحلامها أو أطماعها في الألزاس واللورين».
اقترح مستشار الرؤساء الثلاثة، إبعاد ملف الصحراء عن جدول أعمال اللقاءات المغاربية، والتفرغ لصيانة العلاقات بين البلدين، «المنطلق هو أن تزاح قضية الصحراء جانبا لتتولاها المنظمة الأممية، ونتفرغ نحن لدراسة القضايا الثنائية عبر لقاءات منظمة بين الجزائر والمغرب وبواسطة لجان تم تشكيلها فعلا».
يوجه عميمور اللوم إلى المغاربة، ويعتقد أن مقترحه لم يجد حماسا، «كنا نأمل أن يقابلنا الأشقاء بردود فعل جادة تمكننا من أن نصل معا وبجهد مشترك، إلى دراسة كل المعطيات واتخاذ القرارات المناسبة التي تستجيب لإرادة بلدينا وتحترم الالتزامات الوطنية والجهوية والدولية لكل منهما، لكننا فوجئنا دائما بتصرفات تنقصها الجدية»، قبل أن يقدم واقعة اعتبرها دليل إدانة في حق المغرب، وإشارة إلى عدم جدية الموقف على حد تصوره.
«ألغى المغرب من طرف واحد، زيارة مبرمجة لأحمد أويحيى، رئيس الحكومة الجزائرية عام 2005 قبل موعدها بيومين»، دون أن نتوصل إلى سر القرار، أو كما حدث خلال زيارة عبد العزيز بلخادم إلى طنجة للاحتفال بخمسينية المغرب العربي، وهي زيارة كان يجب أن تستثمر لإزالة الجليد المتراكم بين البلدين، ولكن، وبدلا من انتهاز المناسبة التي أرسلت الجزائر رئيس حكومتها للمشاركة فيها، وهو ما لم يكن أمرا عفويا، أو ارتجاليا، راح البعض يطرح قضايا لم يكن ذلك مكانها ويرفع شعارات لم يكن ذلك وقتها».