عملية جراحية
حل الدخول المدرسي الجديد، وفتحت أبواب أكثر من 20 ألف مدرسة في وجه حوالي 12 مليون تلميذ لدخول موسم شبه عادي بعد سنتين من وباء «كوفيد 19»، وكأي موسم مدرسي تلوح في الأفق نفس المشاكل القديمة والمستجدة، الذاتية منها والموضوعية، سواء تلك المتعلقة بأسعار الكتب، ومشاكل الأسر مع لوبيات التعليم الخاص وبرامج الدعم الاجتماعي لفائدة التلاميذ والاكتظاظ أو العدالة المجالية والجودة والحكامة والإنصاف، والحياة المدرسية وتكافؤ الفرص والادماج، والرقمنة والتحديث وغيرها من المعضلات التي ظلت تجر منظومتنا إلى الحضيض.
والحقيقة أن لا أحد من الهيئة التدريسية والتلاميذ وأوليائهم والرأي العام يعلمون بالأهداف المسطرة والنتائج المطلوب بلوغها خلال الموسم الدراسي الجاري، رغم أنه يقع في قلب عملية إصلاحية اختار لها صناع القرار أن تتسم بالسرية والصمت، وعلى خلاف ما يرفعه القطاع الوصي من الشعارات البراقة لمستقبل مدرستنا فإن الترجمة الفعلية لكل تلك الحزمة من التعهدات والالتزامات التي وردت في البرنامج الحكومي ما زال ينتابها بعض التردد والبطء في التنزيل.
لا أحد ينكر أن الإصلاح الجذري لتعليمنا بعيدا عن إصلاحات القشور والفلكلور، عملية جراحية معقدة وطريق طويل وشاق، لكن ما يجري اليوم لا يعكس بصورة واضحة الأجواء الفعلية والنفس الإصلاحي للمدرسة المغربية الذي يقوده رئيس لجنة النموذج التنموي شكيب بنموسى، وقد كان من باب الأولى أن يشكل هذا الموسم على خلاف الموسم الماضي الذي تزامن مع جذبة الانتخابات التشريعية وتشكيل الحكومة عينة حقيقية لاستراتيجية الإصلاح الموعودة.
وعلى كل حال فالتحديات التي تواجه منظومتنا التعليمية المترهلة، ومنها القديم والمستجد كبيرة جدا والفرصة مواتية ببداية إصلاح شامل وعميق يحقق الجودة والعدالة والإنصاف، فلم يعد هناك أي مبرر لاستمرار لعبة التأجيل أو التأخير في فتح هذا الورش، ولو في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي نعيشها، فهو القضية الوطنية الثانية بعد قضية وحدتنا الترابية، والأكيد أنه يستحيل تحقيق إصلاح جذري للمنظومة من طرف نفس الأدوات والعقليات والمسؤولين الذين أفشلوا المشاريع الاصلاحية السابقة، فسيكون من العبث انتظار إصلاحات عميقة ونتائج مختلفة لمدرستنا بنفس الوجوه ونفس الخطوات ونفس اللوبيات التي أدخلت مدرستنا إلى غرفة الإنعاش.