محمد اليوبي
تلقت الهيئة الوطنية للمعلومات المالية تصريحات بالاشتباه بوجود عمليات ضخمة لغسل في قطاع العقار. وأفادت المصادر بأن الهيئة أحالت هذه الملفات على النيابة العامة من أجل فتح تحقيق بشأنها، من المنتظر أن يشرف عليه مكتب مكافحة الجرائم الاقتصادية والمالية التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من خلال إجراء أبحاث وتحريات قضائية بخصوص هذه العمليات.
وتوصلت الهيئة بأزيد من 5 آلاف تصريح بالاشتباه، وأحالت 54 ملفا على النيابة العامة المختصة من أجل متابعة المتورطين في هذه العمليات، وبناء على تحليل المعلومات التي تتوصل بها الهيئة والتي يتم إثراؤها بمعلومات إضافية، ووفقاً لمقتضيات المادتين 18 و34 من القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، تقوم الهيئة بإحالة الملفات على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بالرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش.
وأفادت المصادر بأن الهيئة توصلت بتبليغات بالاشتباه صادرة عن موثقين ووكلاء عقاريين ومؤسسات بنكية، تفيد بوجود عمليات مشبوهة لغسل الأموال في قطاع العقار، خاصة على الشريط الرابط بين مدينتي طنجة والجديدة، وعلى سبيل المثال، تضيف المصادر، تم رصد إغراق مدن طنجة والقنيطرة، وبوزنيقة والدار البيضاء بأموال مجهولة المصدر يتم توظيفها في مشاريع عقارية، وتحتل القنيطرة مكانة الصدارة نظرا للثورة التي يعرفها قطاع العقار بهذه المدينة، حيث أحالت الهيئة ملفات تخص منعشين عقاريين على النيابة العامة للتحقيق في مصدر الأموال التي يتم توظيفها في بعض المشاريع العقارية.
وأكدت المصادر أن رئاسة النيابة العامة تولي لهذه التحقيقات أهمية بالغة، حيث عملت على حث النيابات العامة على تكليف الشرطة القضائية بإجراء الأبحاث المالية بخصوص جرائم غسل الأموال، ويمكن للنيابة العامة أن تستعين بمساعدة الهيئة الوطنية للمعلومات المالية بشأن جميع الأدلة والمعلومات التي قد تفيد في البحث، فضلا عن تفعيل إجراءات الحجز والتجميد بمناسبة قضايا غسل الأموال. وفي هذا الإطار، تم توسيع نطاق الاختصاص الترابي للنظر في قضايا غسل الأموال ليشمل محاكم الدار البيضاء وفاس ومراكش، بعد أن كان الاختصاص منحصرا في المحكمة الابتدائية بالرباط فقط.
وفي إطار التعاون والتنسيق مع النيابة العامة والهيئة الوطنية للمعلومات المالية، وجه هشام الصابري، رئيس المجلس الوطني لهيئة الموثقين بالمغرب، مذكرة إلى جميع الموثقين، يحثهم من خلالها على ضرورة اتخاذ الإجراءات الاحترازية والتبليغ عن كل العمليات المشبوهة المرتبطة بتبييض الأموال في المعاملات العقارية التي يتم توثيقها داخل مكاتب الموثقين.
وطلب رئيس المجلس من جميع الموثقين الالتزام بأحكام القانون المتعلق بمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال التأكد من هوية الزبناء الذين يترددون على مكاتب التوثيق، والتأكد من مصدر الأموال التي تستعمل في مختلف العمليات التي يتم توثيقها، وطبيعة العلاقات التجارية بين مختلف الأطراف، كما طلب منهم تفعيل تدابير العناية المعززة والتبليغ عن كل العمليات المشبوهة.
وشدد الصابري، في مذكرته، على ضرورة تفعيل دورية وزير العدل الموجهة للموثقين والعدول والمحامين، بخصوص انخراط المهن القانونية والقضائية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والوقاية منهما، وتحث الدورية على ضرورة تطبيق المقتضيات القانونية على المحامين والموثقين والعدول، عندما يشاركون باسم زبونهم ولحسابه في معاملة مالية أو عقارية أو عندما يقومون بمساعدته في إعداد أو تنفيذ العمليات المتعلقة بشراء أو بيع عقارات أو أصول تجارية أو أحد عناصرها، وتدبير الأموال أو السندات أو الحسابات البنكية أو الودائع أو غيرها من الأصول الأخرى التي يملكها الزبون، وتنظيم وتقييم الحصص اللازمة لتكوين رأسمال شركات أو تسييرها أو استغلالها، وكذلك بيع أو شراء حصص أو أسهم في شركات تجارية.
وكانت وزيرة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، أصدرت قرارا يلزم الموثقين والوكلاء العقاريين بالتبليغ عن حالات غسل الأموال في قطاع العقار، وذلك تفعيلا لأحكام القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ويلزم هذا القرار الموثقين والوكلاء العقاريين بتطبيق تدابير اليقظة على الزبناء وعلى العمليات التي ينجزونها لفائدتهم، والتي تتعلق أساسا ببيع أو شراء عقارات أو المشاركة فيها، وحسب نوعية المخاطر التي تمثلها، مع الأخذ بعين الاعتبار تدابير اليقظة التي سبق اتخاذها تجاه الزبناء والعمليات، كما يجب على الموثق أو الوكيل العقاري اتخاذ تدابير اليقظة المنصوص عليها في هذا القرار تجاه زبنائه عند الشروع في علاقات الأعمال، أو الشك في صحة أو ملاءمة بيانات هوية الزبون التي تم الحصول عليها مسبقا، أو وجود اشتباه في غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، ويمنع هذا القرار على الموثقين والوكلاء العقاريين التعامل مع الأشخاص الذاتيين مجهولي الهوية أو مع الشركات الوهمية.
ويتعين على الموثقين والوكلاء العقاريين أن يقوموا بتجميع عناصر المعلومات التي تمكن من تحديد هوية كل شخص يرغب في الدخول في علاقة مستمرة معه والتحقق منها. كما يتعين عليهم التأكد من هوية الزبون العرضي والمستفيد الفعلي من العمليات المذكورة وكذا الأشخاص الذين يتصرفون باسم أو بالنيابة عن زبنائهم والتحقق من هويتهم ومن الصلاحيات المخولة لهم.
ويتعين على الموثقين والوكلاء العقاريين تحديد هوية الأشخاص، والتحقق منها بغض النظر عن مبلغ المعاملات التي ينفذونها والمستفيد الفعلي من هذه المعاملات المذكورة، ويتحققوا من هوية الأشخاص بواسطة جميع المستندات أو البيانات أو المعلومات المستقاة من مصادر موثوقة ومستقلة بما يضمن المعرفة التامة به، وفي حالة وجود شك لدى الموثق أو الوكيل العقاري في صحة أو ملاءمة بيانات تعريف هوية الزبون أو المستفيد الفعلي التي تم الحصول عليها مسبقا، يجب عليه اتخاذ تدابير اليقظة المناسبة.