الأخبار
مازال عمدة مراكش ونوابه في حزب العدالة والتنمية يواصلون تسترهم على الموظفين المتورطين في اختلاس أموال عمومية بسوق الجملة للخضر والفواكه، إذ بالرغم من أن المحكمة أدانت أخيرا ثلاثة موظفين بهذا السوق، بعد ضبطهم يقتسمون مبالغ مالية عبارة عن رشوة، فإن أحدهم ضبطته كاميرا المراقبة وهو يسمح لشاحنتين محملتين بكميات من الموز بدخول السوق دون أن يستخلص واجبات الدخول.
وحسب مصادر عليمة، فإن مدير سوق الجملة للخضر والفواكه، واعتمادا على كاميرا المراقبة، تمكن من ضبط أحد الموظفين الثلاثة المدانين بسنة موقوفة التنفيذ، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء ما قبل الماضي، يسمح لشاحنتين محملتين بالموز بدخول السوق دون أن يقوم بالإجراءات القانونية التي تضمن للمجلس الجماعي حقوقه في استخلاص واجبات عرض وبيع الخضر والفواكه والمحددة في 7.5 بالمائة من قيمة المبيعات.
هذا، وأخطر المدير رئيس وكالة المداخيل بالسوق واطلع الأخير على شريط كاميرا المراقبة الذي كشف عن تورط الموظف المذكور في خرق القانون المنظم للسوق، ما جعله يراسل نائب العمدة المكلف بوكالة تنمية المداخيل، في اليوم نفسه، من أجل اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة في حق الموظف المذكور، إلا أنه لم يحرك ساكنا حتى حدود صباح أمس الخميس، إذ أن الموظف المتورط في هذا الخرق القانوني لازال يمارس مهامه بالسوق.
وحسب التقرير المنجز من طرف الموظف السالف ذكره، بناء على مذكرة داخلية، فإنه عاين مجموعة من الاختلالات التي تكشف تورط وكيل المداخيل بالسوق رفقة مجموعة من الموظفين ومستخدمي أحد الوكلاء، الذين يعملون على تغيير المعطيات الواردة في الكشوفات بهدف الاستيلاء على جزء من المداخيل.
وأرفق الموظف تقريره بمجموعة من الكشوفات التي تفضح هذه الاختلاسات، إذ أن فاكهة التفاح الواردة على السوق تتوزع إلى ثلاثة أنواع، وتتراوح أثمنتها ما بين 03 دراهم بالنسبة للتفاح المسمى “بوكماز” وهو شبه منعدم بالسوق خلال فترة إنجاز التقرير (شهر دجنبر الماضي)، و03 دراهم و20 سنتيما بالنسبة لتفاح “أسني” وهو شبه منعدم بالسوق خلال الفترة نفسها، و03 دراهم و80 سنتيما وهو النوع المتواجد بكثرة في السوق خلال إنجاز التقرير المذكور.
وبحسب المعلومات والمعطيات الواردة في التقرير، فإن المسؤول عن المداخيل بالسوق، وبتنسيق مع مستخدمي أحد الوكلاء، لا يشيرون إلى نوع التفاح في ورقة الكشف، التي تقتصر على ذكر الفاكهة ووزنها، وفي خانة الثمن غالبا ما يتم وضع السعر الأقل وهو 03 دراهم، بدل 03.80، أي أن الموظفين يستولون على 0.80 سنتيم عن كل كيلوغرام واحد.
وأكد التقرير ذاته أنه تمت معاينة 26 شاحنة محملة بكميات التفاح خلال أربع وعشرين ساعة، وتحديدا ما بين 15 و16 دجنبر الماضي، علما أن أقل حمولة صافية لكل شاحنة تصل إلى 2000 كيلوغرام، وبعملية حسابية بسيطة يتضح أن حجم المبالغ المالية المختلسة هو 2000 درهم عن كل شاحنة، أي ما مجموعه 41.600 درهم.
وبحسب التقرير السالف ذكره، فإن حجم المبالغ المختلسة خلال ستين يوما في مادة التفاح وحدها بلغ 174.720 درهم، وهي الاختلاسات التي قدم صاحب التقرير مجموعة من الكشوفات والبيانات التي تؤكد ما انتهى إليه التقرير من نتائج.
وكانت جريدة “الأخبار” قد أشارت، في عدد سابق، إلى أن العمدة و”عبد السلام السي كوري” نائبه المكلف بوكالة المداخيل، إضافة إلى نائبه المشرف على إدارة السوق، تستروا على هذه الاختلالات والاختلاسات التي رصدها تقرير الموظف السالف ذكره، بتكليف من رؤسائه في المجلس الجماعي، ما جعل العمدة يدفع بشكاية ضد ثلاثة موظفين “بهدف ذر الرماد في العيون، في الوقت الذي كان عليه تقديم شكاية ضد جميع المتورطين في الرشاوى واختلاس المال العام”، يقول مصدر من المجلس الجماعي في تصريحه للجريدة.
وبدل إحالة التقرير على القضاء من أجل التحقيق في هذه الاختلاسات، لجأ “عبد السلام السي كوري”، نائب العمدة المسؤول عن وكالة تنمية المداخيل، إلى تقديم استفسار لمجموعة من الموظفين ووكلاء السوق، “وهل يمكن لكل هؤلاء أن يعترفوا بتورطهم في اختلاس المال العام؟، طبعا سينكرون ذلك”، يقول المصدر السالف ذكره، مضيفا أن الصواب هو أن تتم إحالة التقرير على الوكيل العام، وهو وحده الكفيل بأن يكشف ما إذا كانت هناك اختلاسات أم لا. “أما الاكتفاء بالاستفسار، فإنه يعني في نهاية المطاف التستر على اختلاس المال العام”، بحسب المصدر ذاته، الذي أكد أن تقديم شكاية ضد ثلاثة موظفين رصدتهم كاميرا المراقبة وهم يوزعون مبلغا ماليا بسيطا عبارة عن رشوة “هو محاولة لطمس الحقائق الخطيرة عن الفساد واختلاس المال العام بهذا المرفق الهام”.