كريم أمزيان
في سابقة من نوعها، لجأ محمد صديقي، العمدة الحالي للعاصمة، بتحريض من سعاد زخنيني، رئيسة مجلس مقاطعة حسّان، المنتميين إلى حزب العدالة والتنمية، إلى استعمال أسلوب الضغط على الموظفين، ومطالبتهم بمبلغ مالي قدره 10 آلاف درهم، من أجل التغطية على الأزمة المالية الخانقة، التي يتخبط فيها المجلس والمقاطعات الخمس التابعة له، وتصفية حسابات سياسية وإدارية معهم.
ولم يسبق للرباط أن عرفت مثل هذه الواقعة، على عهد كل من تناوبوا على تدبير شؤون المدينة، وهم الهاشمي بناني والاستقلالي عبد الكريم الفلوش وإبراهيم فرج وحمزة الكتاني والاتحادي عبد الفتاح سباطة وعمر البحراوي وفتح الله ولعلو، إلى أن أصبح حزب العدالة والتنمية يسيّر شؤونها. فبينما وضعت جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي جماعة الرباط فرع حسّان، قبل أيام، طلبا مكتوبا لدى كتابة الضبط، في مقر مجلس العاصمة، يروم منحها قاعة المريني التي يملكها المجلس، من أجل إحياء احتفال يجري تنظيمه سنويا، بالموظفين المحالين على التقاعد، وانضاف إليهم هذا العام الموظفون الحجّاج، فتفاجأت الجمعية برد لم يكن متوقعا، واعتبرته غير مسبوق، يقضي بضرورة أدائها سومة كرائية، قيمتها مليون سنتيم، في حال رغبت في استغلال الفضاء المذكور.
واستعان كل من رئيس مجلس مدينة الرباط ورئيسة مجلس مقاطعة حسّان، اللذين رفعا فجأة الراية البيضاء، أمام مستشارين بعينهم عن حزب الأصالة والمعاصرة الذي يمثّل «المعارضة»، بسبب تضارب المصالح بينهم، بخدمات صباح بوشام نائبته الخامسة، المنتمية هي الأخرى لـ«البيجيدي»، والتي طالبتهم بالأداء من أجل تمكينهم من مفاتيح القاعة.
ووضع صديقي وزخنيني بوشام في الواجهة، بالنظر إلى أنها نائبة العمدة المفوض لها في مجال الشؤون الثقافية والاجتماعية والرياضية، وصديقة زخنيني وتحضر أنشطتها، وأخبرت ممثلي الجمعية التي يشتغل أعضاؤها في مجلس مقاطعة حسّان والملحقات الإدارية التابعة له، في اجتماع عقدته معهم، أن جمعيتهم تعتبر كباقي الجمعيات، وسيتعامل معها المجلس بالطريقة نفسها، التي تجمعه مع باقي جمعيات المجتمع المدني، رغم أن أعضاءها هم في الأصل موظفون يشتغلون في مختلف المؤسسات التابعة للمجلس، والمحتفى بهم منهم من أسدى لها خدمات تجاوزت مدتها 35 سنة.
وساد غضب كبير في صفوف الموظفين بمجرد علمهم بالخبر، بسبب القرار المفاجئ الذي لم يكن ساري المفعول السنة الماضية، من طرف المنتخبين المذكورين، لأنهما لم يمتنعا حينئذ عن ذلك، ما جعلهم يفهمون أن عقله المدبّر، هي رئيسة مجلس مقاطعة حسّان التي تريد بحسبهم «الركوب على أنشطة جمعيتهم، لاستغلالها كعادتها انتخابيا»، ولما رفضوا قررت قطع الطريق عليهم، بتنسيق مع العمدة وصديقتها بوشام، التي لا تفارقها. واضطروا إلى كراء قاعة خاصة، بمبلغ رمزي، أحيوا فيها احتفالهم، بعيدا عن منتخبي «البيجيدي»، الذي خطط منذ انتخابه في المجالس المنتخبة بالرباط، للتشبث بمجال الجمعيات، وما يؤكد ذلك، رفض صديقي منح تفويض الجمعيات لأي نائب آخر، عكس التفويضات الأخرى، بالنظر إلى أنه قطاع يبقى على صلة بالمجتمع المدني والجمعيات، على الرغم من أن باقي الأحزاب ترى أنه يستغله انتخابيا.
ولا تختلف رئيسة مجلس مقاطعة حسّان، في طريقة تدبيرها فضاءات المجلس، عن المنهجية التي دبّر بها المكتب السابق شؤونها خلال الولاية الماضية، قبل أن يصبح في «المعارضة»، خصوصا في ما يتعلق بتدبير شؤون الجمعيات، سيما أن الحزبين أصبحا ينظمان أنشطة بشكل مشترك في حسّان، يحضر فيها بشكل غير مسبوق، مستشارون عن حزب الأصالة والمعاصرة.
وبينما رفضت منح القاعة لموظفي مجلس المقاطعة، تستغل زخنيني القاعات التابعة لمجلس مقاطعة حسّان، سواء قاعة المهدي بنبركة الواقعة في حي المحيط، أو دار الثقافة التي توجد في حسان، التي احتضنت مساء الجمعة الماضي، حفل توقيع ديوان شعري لشيماء أعلول إحدى عضوات شبيبة حزب العدالة والتنمية، التي تشتغل في الإذاعة والقناة الرقميتين التابعتين للحزب، والأمر نفسه بالنسبة إلى جمعية شباب عاصمة الأنوار، التي يترأسها مستشار في مجلس المقاطعة ذاتها عن «البام»، دون أن تطالبها بأداء أي سنتيم، عكس ما جرى مع جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي مجلس مقاطعة حسّان، التي كانت ترغب في إحياء حفل توديع المحالين منهم على التقاعد والحجاج.
ويعود أصل خلاف رئيسة مجلس مقاطعة حسّان، والأعمال الاجتماعية لموظفي جماعة الرباط فرع حسّان، إلى السنة الماضية، حينما اتهمتها سابقا بغير القانونية، واشتغالها دون وثائق، حتى تبرر امتناعها عن تزويدهم بمكتب وتجهيزاته، ثم عادت إلى الاقتراب منها حينها، لما علمت أنها بصدد إعداد حفل كبير لتكريم موظفين سابقين فعرضت على مسؤوليها مساعدتهم ودعمها المبادرة. وعبّر بعض أعضاء مكتب الجمعية عن استنكارهم، وأكدوا «أنها تريد فعل ذلك، من أجل أن تنسب لها المبادرة حتى تحسب لها، في الوقت الذي كانت تتهمنا بخرق القانون»، خصوصا أنها سلمتهم دار المريني لإقامة الحفل، واشترطت عليهم تنظيم الحفل بدون موسيقى، وعدم استقدام أي فرقة موسيقية لتنشيط الحفل، مقترحة عليهم التكفل باستقدام فرقة للمديح والسماع على حسابه، وهو ما عارضته الجمعية ورفضته يومئذ بالبت والمطلق.