شوف تشوف

الرأي

على باب الوزير

حسن البصري

كل من قرأ كتاب «دولة الزمالك الكبرى»، للكاتب المصري سمير الجمل، سيقف بالتأكيد عند تقاطع الرياضي والسياسي، ومدى عشق رجال السياسة للكرة ودورهم في انتشال فرقهم من مستنقع الأزمات.

كشف هذا الكتاب عن «تورط» مصطفى مدبولي، رئيس وزراء مصر، في حب الزمالك وتحمله غارات الأهلاويين، ودار جدل واسع بين الغريمين وصل إلى حد تباهي كل طرف بما ملكت يداه من سلطة سياسية من زمن الملك فاروق إلى السيسي.

عرض الزملكاويون وزراءهم ورد عليهم الأهلاويون بما يشبه بيانات الحقيقة التي تؤكد انتماء شخصيات سياسية لهذا الفريق أو ذاك، ودار سجال عنيف في الإعلام المصري بين من هو «زملكاوي صميم» و«أهلاوي غير مطعم»، حتى تعتقد أن الدولة المصرية وزعت كبار قومها على فريقين وتركت للباقي باشوات ونخب درجة ثانية.

صحيح أن الزعيم المصري سعد زغلول ترأس الأهلي لفترة زمنية معينة، إلا أن عبوره جعل الكثير من عشاق الزمالك يسحبون ولاءهم لفكره، ومنهم من انسحب من حزب الوفد وطالب بمعاملة بالمثل وتخصيص حزب وساحة وتمثال لزعيم خفق قلبه يوما للأحمر والأبيض.

مناسبة هذا الاستهلال هو الجمع العام الأخير لحسنية أكادير، والذي كشف تقريره المالي عن وفاء عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، للفريق السوسي، ودعمه ماليا بنصف مليار سنتيم، كما ساهم في رفع قيمة الدعم المخصص للحسنية من مجلس جهة سوس- ماسة، بل إن التقريرين المالي والأدبي كشفا عن دور الرجل في التخفيف من مضاعفات كورونا على فريق يحجز له أهل سوس مكانة في قلوبهم.

قال الحبيب سيدينو، رئيس حسنية أكادير، إن فريقه مدين لعائلة أخنوش بالدعم، مشيرا إلى «الروابط التاريخية التي تربط عائلة أخنوش بالحسنية، حيث كان المرحوم أحمد أولحاج، والد رئيس الحكومة، من أبرز مؤسسي الحسنية». طبعا دون أن ننسى رفيق دربه ناجم أباعقيل الذي حجز للكرة حيزا في وجدانه وكان راعيا رسميا لفرق المنطقة في زمن كان فيه الحديث عن الاستشهار تخريفا يقود إلى «المرستان».

من غرائب الصدف أن نجد في جبهة مساندي حسنية أكادير وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي، فقد ظل اسمه حاضرا في غرف المنازعات كلما مس الفريق السوسي ضرر، بل إن هذا الأخير كان محاميا للفريق السوسي ورافع باسمه في كثير من القضايا التي عرضت على محاكم المملكة، كسب بعضها وتعادل في البعض وخسر بضربات الترجيح في قضية فاخر.

سنكون سعداء حين نجد أن وزراء حكومتنا أو بعضهم يحنون للملاعب يطالبون همسا وتلميحا بعودة المشجعين للمدرجات، يسألون وهم في قبة البرلمان عن حصيلة فرقهم في البطولات، ومنهم من حطم الرقم القياسي في التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي في أول أيام الحكومة، وبات زملاؤه ينافسونه على المركز الأول في بطولة التصريحات المثيرة للجدل.

لأول مرة في تاريخ الكرة المغربية يعين رئيس فريق للهواة وزيرا للشباب والثقافة والتواصل ناطقا باسم الحكومة، فقد ضمت التشكيلة الحكومية اسم المهدي بن سعيد، رئيس اتحاد يعقوب المنصور لكرة القدم، ووضعته في مركز المدافع الأوسط عن ملف ظل يتأبطه ويبحث له عن جهات داعمة، كان رهان المهدي تكوين مواهب حي شعبي بالمجان، وهو اليوم يدخل الامتحان حيث يعز المرء أو يهان.

يشدنا الحنين اليوم إلى نظام «كوطة» سياسي سابق، حين كان لكل فريق وزيره الذي يحتمي بظله ويلجأ إلى مكتبه كلما داهمه الخوف والخصاص، كانت التظلمات توجه لدواوين الوزراء قبل أن تصل مكتب رئيس الجامعة، لكن مع مرور الوقت تبين أنه كلما يرفع رئيس فريق على الأكتاف تفتح شهيته على السياسة، وكلما علا صوته في منصات التواصل الاجتماعي قل فعله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى