شوف تشوف

الرأي

علاقات إسرائيل مع الصين على المحك

أنطوان شلحت

يسود اعتقاد بين صفوف معظم خبراء الشؤون الأمريكية بإسرائيل، فحواه أن علاقات هذه الأخيرة مع الصين ستكون على المحك في الفترة القريبة المقبلة، تحت تأثير الصراع الآخذ في الاحتدام بين الولايات المتحدة والصين من جهة، وما بات يعرف بـ«العلاقات الخاصة» لإسرائيل مع الولايات المتحدة من جهة أخرى. ويذهب بعض هؤلاء إلى حد التنبؤ بأنه في خضم ذلك قد توضع إسرائيل أمام خيارين لا ثالث لهما: إما واشنطن أو بكين، وهم يجزمون بأن خيارها واضح منذ الآن، في ضوء كون الأولى حليفتها الاستراتيجية الرئيسية، وكذلك كون نحو نصف اليهود في العالم يعيشون فيها، فيما يؤكد بعض آخر أن الأمور ليست سائرة نحو هذا المنحى.
يبدو أن النقطة الزمنية الأقرب لما تقدم هي الشهر المقبل (شتنبر)، حيث من المتوقع أن يتم افتتاح ميناء جديد في خليج حيفا، فازت الشركة الصينية «شانغهاي إنترناشيونال بورت غروب» (SIPG) بمناقصة تشغيله على مدار 25 عاما. وهو محاذ لميناء حيفا القائم المقررة خوصصته في وقت لاحق. وأعربت الولايات المتحدة، إبان الإدارة السابقة، عن مخاوف أمنية كبيرة من فوز هذه الشركة الصينية بالمناقصة، نظرا لأن ميناء حيفا يشكل، منذ أعوام طويلة، نقطة رسو لسفن الأسطول الأمريكي السادس، وأن الصين قد تستغل علاقاتها مع إسرائيل من أجل تحسين مكانتها الاستراتيجية، بالإضافة إلى أن وجودها في الميناء يمكن أن يستخدم لجمع معلومات استخباراتية حساسة، ومعرفة تكنولوجيا سرية. وأفيد بأن إسرائيل قدمت لواشنطن ضمانات تكفل بألا تتمكن الصين من تجييش المشاريع التي تشارك فيها في إسرائيل، لتحسين مكانتها الاستراتيجية وقدراتها الاستخباراتية.
وتعتبر قضية الميناء في حيفا بمثابة تفصيل صغير في شبكة العلاقات المتطورة مع الصين على مدار الأعوام القليلة الفائتة، غير أن ما تشدد عليه المصادر الأمريكية هو أن الهيمنة الصينية على موانئ استراتيجية عديدة وممرات بحرية في أنحاء العالم تأتي في إطار «مبادرة الحزام والطريق»، التي قال الرئيس الصيني إنها تدمج بين العسكري والمدني. وفي ضوء ذلك، يمنح عقد إدارة ميناء حيفا الجيش الصيني نظريا منشأة مفيدة في البحر الأبيض المتوسط في واحد من أهم مسارات التجارة العالمية.
ولا تختلف الحال مع وجود إدارة أمريكية جديدة، ففي أول خطاب أمام الكونغرس، قال الرئيس جو بايدن إن إدارته تعتبر أن أمريكا في وضع تنافس مع الصين على التفوق والريادة في القرن الحالي. ويقتبس أحد السفراء الإسرائيليين السابقين في واشنطن عن مستشار سياسي لبايدن، مختص في شؤون الصين، قوله إن الهدف الذي تسعى الصين إليه هو الوصول إلى تفوق عالمي مطلق على الولايات المتحدة في غضون الأعوام الثلاثين المقبلة. وينوه أحد القناصل الإسرائيليين السابقين في نيويورك، بأنه في يوليوز الفائت قدم مركز الأبحاث في الكونغرس تقريرا عنوانه «التحديث البحري الصيني وتداعياته على قدرات الأسطول الأمريكي»، وورد في أول فقرة منه أن «جهود التحديث العسكري التي تقوم بها الصين، سيما في الأسطول، أصبحت البؤرة الرئيسية لتخطيط وموازنة برامج الدفاع الأمريكية، فالأسطول الصيني الذي يخضع لسيرورات تحديث وتعاظم منذ أكثر من 25 عاما، أضحى قوة عسكرية مهمة في الحلبة البحرية المباشرة للصين، لكنه يقوم بمناورات بعيدا عن الصين، في حيزات المحيط الهادي، والمحيط الهندي، والمناطق البحرية المحاذية لأوروبا». وقبل هذا التقرير، أصدر وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن «توجيهات لتوصيات طاقم المهمات بشأن الصين»، حدد فيها أن «بكين تعتبر التحدي الأكبر للولايات المتحدة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى