شوف تشوف

الافتتاحية

عقيدة التبرير

قذف مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، خلال مشاركته أول أمس في ندوة الحوار الداخلي لحزبه بالدار البيضاء، بكرة النار الملتهبة للتعاقد في مرمى حكومة عباس الفاسي، التي اعتبرها المسؤولة عن إدخال نظام التعاقد للمؤسسات والإدارات العمومية، مؤكدا أنها تتحمل مسؤولية تعديل قوانين الوظيفة العمومية التي تم التصويت عليها بإجماع، وبناء على ذلك اعتمدت حكومة عبد الإله بنكيران في تنزيل مراسيم وقرارات تطبيق التعاقد.
بطبيعة الحال، تصريحات الرميد بإلقاء اللوم على الآخرين ليست مفاجئة ولا غريبة على قادة «البيجيدي»، بل هي جزء من مكونات خطاب الهروب إلى الأمام الذي اعتاد الحزب الحاكم على ممارسته بتعليق شماعة الفشل على الآخرين وتحفيظ إنجازات غيرهم باسمهم إذا كانت ستمنحهم بعض الشرعية الانتخابية أو يربحون منها بعض النقاط السياسية. وبدون شك، إذا حسبنا عدد التبريرات والشماعات الجاهزة التي يطلقها رموز الحزب الحاكم لتبرير الإخفاقات، سوف ندخل موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية وسوف يتصدر الحزب، وبكل جدارة واستحقاق وبدون منازع، كأكثر حزب يعلق فشله وسوء إدارته على عوامل أخرى.
وحتى لو سايرنا وزير الدولة بكون حكومة عباس الفاسي عدلت قانون الوظيفة العمومية لإدخال مقتضى مجحف، هل ما قامت به تلك الحكومة قدر لا راد له؟ هل قانون الوظيفة العمومية وحي منزل من السماء لا يمكن لبشر تعديله؟
كان باستطاعة حكومة بنكيران التي بنت شرعيتها على الدفاع عن حقوق الطبقة الهشة، محمية بدستور يمنحها كل الاختصاصات، أن تتراجع عن الأمر خصوصا وأنها أطلقت وعدا كاذبا بإصلاح النظام الأساسي للوظيفة العمومية في مخططها التشريعي، دون أن تفي به لحد الآن.
متى يعلم قادة «البيجيدي» أنه لا أحد أصبح يصدق تبريراتهم اللامنتهية وحركات تملصهم من المسؤولية ورميها على الآخرين.
فالجميع أصبح ممتعضا من الأسطوانة المشروخة والمملة للتهرب من المسؤولية، وفي الوقت نفسه مقتنعا بأن الأبداع ذهب بوزراء الحزب الحاكم إلى وضع الشماعة المناسبة لتبرير الفشل القادم قبل اتخاذ القرار الفاشل، والمشكلة الحقيقية هي أن الاعتياد على التبرير تحول لدى «البيجيدي» إلى سلوك طبيعي وعقيدة سياسية يحاولون من خلالها الحفاظ على بعض مما تبقى من مصداقيتهم الآيلة للاندثار، بينما هم في الحقيقة يرسخون الاقتناع بأنهم مجموعة من الفشلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى