
أعلن التلفزيون الصيني حظر بث مباريات الدوري الإنجليزي، كرد فعل على اتخاذ لندن قرار حظر شركة “هواوي” الصينية العمل على التراب البريطاني.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن قناة “سي سي تي في” الصينية المالكة لحقوق بث مباريات الدوري الإنجليزي، عمدت إلى منع بث المباراة التي جمعت، أول أمس الأربعاء، فريقي ليفربول وتشيلسي، مؤكدة أنها لن تبث باقي مباريات الدوري طيلة الموسم الكروي الحالي.
وبالرغم من أن القرار يبدو في ظاهره محاولة من الصين لإبطال مفعول الساحرة المستديرة ذات النكهة الإنجليزية، إلا أن خلفياته تمتد من ملعب “المستديرة” إلى ساحات المعترك السياسي العالمي، حيث تتشابك المصالح وتُتخذ القرارة بالنيابة، وتخضع دول قوية لأخرى أقوى وأبطش وأدهى.
ذلك أن الرئيس الأمريكي سارع إلى التأكيد من خلال تصريحات صحفية أنه المسؤول على اتخاذ بريطانيا قرار حظر تواجد شركة “هواوي” الصينية على أراضيها، معبرا بشكل صريح رفضه سيطرة الصين على تقنية الجيل الـ5 بأوروبا، مبررا ذلك بالخطر الداهم على حلف شمال الأطلسي، ناهيك عن التنبيه من نقل معطيات كل مستخدمي هذه التقنية إلى الحزب الشيوعي الصيني، بحسب تعبيره.
وبهذا يكون الصراع الأمريكي-الصيني، الذي ظاهره اقتصادي واستخباراتي، وباطنه هو الفلتة الزمنية التي حققتها الصين من خلال تملكها لتقنية الجيل الخامس التي ستغير معالم التواصل والتكنولوجيا في المستقبل القريب بشكل غير مسبوق، قد انتقل (هذا الصراع) من مرحلة المواجهة المباشرة، قبل انتشار جائحة كورونا، على أساس العقوبات الضريبية، إلى مرحلة المواجهة غير المباشرة من خلال تقديم أمريكا لأكباش فداء تقيها شر الردود الانتقامية القوية لبكين.
وبالعودة إلى بدايات المواجهة نجد أن الرئيس الأمريكي كان قد عمم قرارا، في شهر ماي من السنة الماضية، يقضي برفع نسبة التعريفات الجمركية إلى أكثر من الضعف، وهو ما يعادل حوالي 200 مليار دولار من المنتجات الصينية، بمعنى أن الشركات الأمريكية المستورِدة للمنتجات الصينية كانت تضطر إلى أداء ما يقارب 25 في المائة إضافية من التعريفات. وهو القرار الذي كانت قد ردت عليه الصين بالتعامل مع الواردات الأمريكية بالمثل.
ولأن شركة “هواوي”، عملاق الاتصالات الصينية، حققت لوحدها سنة 2018 مبيعات فاقت 93 مليار دولار، باعتبارها أكبر مُصنّع لأجهزة الاتصال وثاني أكبر مُصنّع للهواتف الذكية في العالم. فإنها تعتبر إحدى تجليات التوتر التكنولوجي القائم بين الصين وأمريكا التي ترى في هذه الشركة تهديدا لأمنها القومي.
إذ لم يتردد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اتهام “هواوي” بالتجسس لصالح النظام الصيني، مستدلا على ذلك بالعلاقة القوية التي تربط الشركة بالحكومة الصينية، وهو ما يفسر وضع أمريكا لـ”هواوي” على قائمة الشركات المحظورة، وضغط ترامب الأخير على رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لاتخاذ قرار حظر “هواوي” ببريطانيا، ليس إلا حلقة في مسلسل مواجهات طويل ومفتوح على كل الاحتمالات.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن الحرب التكنولوجياة التي اتخذ ترامب قرار خوضها في مواجهة مع الصين، استخدم فيها الحرب النفسية من خلال الدعوة إلى الترويج على نطاق واسع لإشاعة مفادها أن شركة “چوچل” الأمريكية ستوقف عمل الهواتف الذكية لشركة “هواوي”، ما خلق في إبانه حالة من الفزع وسط مستعملي هذا النوع من الهواتف الذكية.
لكن الثابت هو أن “هواوي” قد اتخذت تلك الاشاعات على محمل الجهد، واعكف خبراؤها على تطوير تقنية صينية صرفة وآمنة لتزويد هواتف الشركة بالتطبيقات والتحديثات اللازمة، ما شكل لها نقطة قوة ساهمت في تحررها من تعقيدات قيود وشروط العملاق الأمريكي “چوچل”، وفرصة للإبداع في التطبيقات وأنظمة الحماية الخاصة بها، وهو ما سيعزز بلا أدنى شك من استقلالية الشركة وبالتالي الرفع من تنافسيتها.