محمد اليوبي
أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط، أول أمس الخميس، حكما يقضي بعزل مول الباب برقية، رئيس جماعة «قرية بن عودة»، التابعة لإقليم القنيطرة، واثنين من نوابه، كلهم من حزب التجمع الوطني للأحرار، وذلك بسبب مسؤوليتهم التقصيرية وارتكابهم أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، بناء على تقرير أنجزته المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية.
وأوضحت المصادر أن سبب تفعيل مسطرة العزل في حق رئيس المجلس ونائبه الأول، البشير بنشالة، ونائبه الثالث، إدريس الصباري، يعود إلى تورطهم في المصادقة على عقود مزورة تم استعمالها في السطو على عقارات في ملكية الجماعات السلالية، وهو الملف الذي يتابع فيه 17 محاميا ينتمون إلى هيئة المحامين بالقنيطرة، وجهت إليهم النيابة العامة تهما تتعلق بالنصب والاحتيال وتزوير وثائق واستعمالها في السطو على الأراضي السلالية، وتزامن ذلك مع حملة اعتقالات شملت كتابا عموميين وموظفين متهمين بتحرير عقود مزورة والمصادقة عليها بجماعات تابعة لدائرة «سوق الأربعاء الغرب» بإقليم القنيطرة و«بلقصيري» بإقليم سيدي قاسم.
وتم تحريك المتابعة في حق المحامين، بناء على شكاية مستعجلة وضعها عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، لدى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالقنيطرة، يتهمهم من خلالها بصنع وثائق تتضمن معطيات واستعمالها والنصب والاحتيال، وهي الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها بالقانون الجنائي المغربي، وكذلك القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها.
وأوضحت الشكاية التي تحمل توقيع عبد المجيد الحنكاري، مدير الشؤون القروية بوزارة الداخلية، أنه تبين من خلال عملية الرصد التي تقوم به مصالح الوزارة لوضعية العقارات المملوكة للجماعات السلالية التابعة للنفوذ الترابي لعمالة إقليم القنيطرة، وجود العديد من المستغلين بصفة غير قانونية، سندهم في ذلك عقود بيع وتنازلات محررة من طرف مجموعة من المحامين المنتمين لهيئة المحامين بالقنيطرة.
وأكدت الشكاية أنه يلاحظ من القراءة الأولية لهذه العقود أنها منجزة من طرف مجموعة من الأشخاص، منهم من ينتمي إلى العديد من الجماعات السلالية الواقعة بالنفوذ الترابي لدائرتي «سوق الأربعاء الغرب» و«سوق الثلاثاء الغرب» بإقليم القنيطرة، وعقارات أخرى بإقليم العرائش، ويتمحور موضوع العقود حول بيع حصص أرضية، أو التنازل عن حق الانتفاع بها أو عن حق الزينة بمنازل مشيدة فوقها، دون الإشارة إلى سند الملك المتعارف عليه فقها وشرعا وقضاء، أو الشهادات الإدارية النافية للصبغة الجماعية عن الشيء المبيع، وتضمنت الشكاية أسماء المحامين الذين حرروا هذه العقود.
وأشارت الشكاية إلى عدم تسجيل هذه العقود بكتابة ضبط للمحكمة المختصة ترابيا، رغم أنها تحمل توقيع وخاتم المحامي المكلف بالتحرير، في حين تم تصحيح إمضائها لدى الجماعة الترابية لسوق الأربعاء الغرب، في مخالفة صريحة لكل من الشروط الواجب إعمالها طبقا للمادة 04 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، والمقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 62.17، بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية.
وأبرزت وزارة الداخلية أن عقود البيع والتنازلات المذكورة تشكل محاولة لإضفاء الشرعية على عمل مخالف للقانون من طرف كل من المساهمين في إنجازها، في ظل الحماية القانونية التي أوجبها المشرع المغربي لأملاك الجماعات السلالية، حيث تم بموجب هذه العقود تفويت عقارات في ملكية الجماعات السلالية لأشخاص لا تربطهم أية علاقة بهذه الجماعات، واعتبرت الوزارة في شكايتها، المشاركة أو إعداد وثائق نافية للصبغة الجماعية عن الأراضي السلالية، إخلالا يعاقب عليه بعقوبة حبسية وأداء غرامة مالية، طبقا للمادة 36 من قانون الوصاية على الجماعات السلالية، حيث تنص هذه المادة على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة مالية من 10 آلاف إلى 100 ألف درهم، دون الإخلال بالعقوبة الأشد، كل من قام أو شارك بأية صفة في إعداد وثائق تتعلق بالتفويت أو بالتنازل عن عقار أو بالانتفاع بعقار مملوك لجماعة سلالية، خلافا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل، وتنص بنفس العقوبة على كل من قام أو شارك في إعداد وثائق تنفي الصبغة الجماعية عن عقار تابع لجماعة سلالية.
ونتيجة للأفعال المرتكبة من طرف هؤلاء المحامين، طالبت وزارة الداخلية بإعمال مقتضيات المادة 61 من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة، التي تنص على المعاقبة التأديبية للمحامي الذي يرتكب مخالفة للنصوص القانونية، أو التنظيمية، أو قواعد المهنة أو أعرافها، أو إخلالا بالمروءة والشرف، ولو تعلق الأمر بأعمال خارجة عن النطاق المهني، واعتبرت الوزارة هذه التصرفات غير القانونية المرتكبة في حق الأراضي السلالية بإقليم القنيطرة، مؤثرة سلبا على مصالح الجماعات السلالية المالكة، ومن شأنها الإضرار بمستقبلها، وزيادة عدد المستغلين بشكل غير قانوني والمضاربين العقاريين والتجزيء والبيع السريين، تحت طائلة ما يسمى بالعقود التوثيقية.