شوف تشوف

الرأي

عرب ومسلمو أمريكا

جيمس زغبي

إدارة دونالد ترامب ليست الأولى التي تستخدم تشويه الأجانب، سواء كانوا عربا أم مسلمين، كأداة في الحملات الانتخابية، بل لدينا قرن من مثل هذه السياسات، لكن الحقبة الأمريكية الراهنة عززت هذه السياسات إلى مستوى خطير.
وفي بداية سبعينيات القرن الماضي، دشنت إدارة نيكسون عملية «كوينتيلبرو» الشاملة التي استهدفت مراقبة الطلاب العرب ممن يتورطون في أنشطة مكفولة دستوريا في مقار الجامعات والتسلل إليهم والتحرش بهم وترحيلهم. صحيح أن هذه الممارسات انتهت رسميا عام 1975، لكن مكتب التحقيقات الاتحادي «إف. بي. أي» واصل مراقبته لجماعات الطلاب الفلسطينيين حتى نهاية ثمانينيات القرن الماضي، رغم احتجاجات الضباط الميدانيين من «إف. بي. أي».
واقتنصت إدارة ريغان فرصة المزاج الشائع المعادي للعرب وبخاصة الفلسطينيين لاستهداف العرب، باعتبارهم الرابطة الأضعف في حلقة الحريات المدنية. وفي قضيتين مهمتين في القضاء، استغلتا الفلسطينيين، دفعت الإدارة إلى إجراء تعديلات تضعف قانون الترحيل الأمريكي، وتجرم الدعم لجماعات فلسطينية معينة. ودفعت الإدارة بمبادرة مشؤومة لبناء معسكرات احتجاز جماعية سرية، تستوعب عشرات الآلاف من العرب، في حالة «الطوارئ القومية».
وأصدرت إدارة كلينتون أوامر تنفيذية أريد بها تعزيز تجريم الدعم لعدد من الجماعات، غالبيتها من العرب، حتى إذا كان هذا «الدعم» مقتصرا على أنشطة حسنة النوايا. وأيضا طبقت ممارسة استهداف فئة معينة في المطارات. فقد تم تخصيص أشخاص يتعرفون على الرجال والنساء الذين يبدو أنهم عرب عند نقاط الفحص، وإخراجهم من الصفوف وإهانتهم بفحص متاعهم على مرأى من المسافرين الآخرين.
وبعد هجمات 11 شتنبر، أعلنت وزارة العدل عمليات اعتقال جماعية لآلاف المهاجرين العرب والمسلمين، جرى ترحيل كثيرين منهم بعد فترة قصيرة. وجاء هذا في أعقاب عمليات استدعاء جرى فيها الاتصال بآلاف العرب والمسلمين عبر البريد، وطُلب منهم الحضور لإجراء مقابلات مع مسؤولي الهجرة.
وكل هذه الممارسات لم تكن إلا مقدمة لنظام تسجيل الدخول والخروج الأمني القومي، الذي عرف أيضا باسم برنامج «التسجيل الخاص». وطلب هذا البرنامج من 180 ألف مهاجر وطالب وزائر جديد، معظمهم من دول عربية وذات غالبية مسلمة، الذهاب لإجراء مقابلات في مكاتب الهجرة المحلية. وتم إعداد برنامج التسجيل الخاص بشكل سيئ ونُفذ اعتباطيا، مما جعل 1300 شخص على قائمة الترحيل، بسبب مسائل فنية في حالات كثيرة. وتجدر الإشارة إلى أنه لم يجر اعتقال إرهابيين قط بموجب أي من هذه البرامج. وعززت الريبة في العرب والمسلمين وسط الجماهير الأوسع.
واستغلت إدارة بوش المخبرين المندسين للإيقاع بالمسلمين الشباب محل الشك. وفي هذه الفترة، شهدنا أيضا توسع المراقبة، وأبرز الأمثلة، برنامج «وحدة التوزيع السكاني» سيئ السمعة لشرطة مدينة نيويورك. وهذا المسعى المشترك بين شرطة نيويورك و«سي. آي. إيه» استخدم مخبرين للتسلل إلى الأنشطة الاقتصادية ومراكز الجماعات ودور العبادة للتجسس، وتقديم تقارير عن أنشطة اعتيادية، مثل البرامج التلفزيونية التي تجري مشاهدتها، والأحاديث التي تدور وأسماء وأعراق الأشخاص. وصدرت تقارير مطولة عن السوريين والفلسطينيين والمصريين. وحين كشفت عنها وكالة «أسوشيتد برس»، شعر العرب والمسلمون في المدينة بالانتهاك والهوان.
وإدارة أوباما لم تسلم من اتخاذ إجراءات تؤثر سلبا على العرب والمسلمين. صحيح أن حقبة برنامج «التسجيل الخاص»، الذي يعود لإدارة بوش قد توقفت، لكن أوباما لم ينهه رسميا حتى نهاية فترة ولايته الأخيرة. وبعد سنوات من الجدل الداخلي، أنهت وزارة العدل عملية الاستهداف على أساس المظهر، لكن ثغرة «الأمن القومي» سمحت لقوات إنفاذ القانون باستهداف وإهانة العرب والمسلمين على الحدود، ومواصلة مراقبتهم داخل جالياتهم. وبعد اعتقال نيجيري كان يعتزم تفجير رحلة طيران لشركة «نورث ويست إيرلاينز»، جاء رد إدارة أوباما في صورة فرض قيود خاصة مضنية على الركاب القادمين إلى الولايات المتحدة، من دول معينة غالبيتها عربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى