محمد اليوبي
كشف كاتب الدولة لدى وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، المكلف بالشغل، هشام صابري، أول أمس الثلاثاء بمجلس المستشارين، عن أرقام صادمة بخصوص الخسائر التي تتكبدها خزينة الدولة جراء عدم التصريح بالأجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأكد أن عدد الأجراء غير المصرح بهم يتجاوز 6 ملايين أجير، بكلفة مالية تفوق 500 مليار سنتيم شهريا.
وقال صابري، في معرض جوابه عن سؤال شفوي حول «الحماية الاجتماعية للشغيلة في القطاع الخاص»، إن الوزارة تعكف على إحداث آلية رقمية لتفعيل إلزامية التصريح بالأجراء في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأوضح أن «هذه الآلية الرقمية ستعطي الحق للأجير في التصريح لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي»، مضيفا أنها «ستكون متاحة للجميع دون استثناء».
وأكد كاتب الدولة أن الحكومة تعمل على تعزيز الحماية الاجتماعية للأجراء من خلال مقاربة شمولية تقوم على تعاقد اجتماعي جديد، يتطلب توفير شروط وتدابير استعجالية ومرحلية وأخرى استراتيجية عابرة للحكومات وأكبر من كل فاعل وسياسي وحزبي، مؤطرة بالموازنة بين خلق فرص الشغل وضمان العيش الكريم، مدخله بالنسبة للأجراء هو توسيع التغطية الاجتماعية، وتحسين الخدمات الاجتماعية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وأشار صابري إلى أن الحكومة التزمت بالفعل بتطبيق الرؤية الملكية السامية الرامية لتعميم الحماية الاجتماعية، والعمل على توسيعها لتشمل سائر الفئات النشيطة، خصوصا أن المذكرات الإخبارية الرسمية للمندوبية السامية للتخطيط تتحدث عن 12.171.000 شخص من الفئة النشيطة في المجتمع، منهم 10.591.00 نشيطون يشتغلون، أي ما يقارب 3/1 (ثلث) المغاربة لا يستفيدون من الحماية الاجتماعية، وقال إن هؤلاء الأجراء يعانون الهشاشة في العديد من القطاعات الإنتاجية، ويستسلمون للشعور بعدم الأمان إزاء وضعهم القانوني، وما يؤكد ذلك، يضيف صابري، هو أن عدد المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 4 ملايين أجير فقط مطلع سنة 2024.
وأكد كاتب الدولة أن السلطة الحكومية المكلفة بالشغل تركز تفاعلها حول هذه الوضعية الملتبسة، معتبرا هذه الأرقام والمعطيات قاسية، بحيث أن حوالي ستة ملايين مواطن مغربي أجراء، يحرمون من أبسط حقوقهم، وهو التصريح في صندوق الضمان الاجتماعي، وأوضح أن عدم التصريح بهؤلاء الأجراء يضيع مداخيل مهمة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولخزينة الدولة، بمبالغ تفوق 5 ملايير درهم شهريا، باحتساب التصريح بالحد الأدنى للأجور فقط، وشدد على أن عملية التصريح بهؤلاء الأجراء هي المدخل الأساسي لتوفير الاستقرار في الحياة والعمل، والأمان والطمأنينة، وصون الكرامة.
واعتبر صابري موضوع التصريح بالأجراء لدى صندوق الضمان الاجتماعي من أجل حماية حقوقهم المضمونة بموجب القانون، بأنه موضوع شائك ومعقد بالنظر لعدد المتدخلين، مؤكدا أن هذا الورش الوطني ليس مسؤولية الحكومة وحدها، بل هو التزام جماعي يستدعي تضافر جهود ويسائل جميع الشركاء الاجتماعيين، من حكومة ونقابات، ومشغلين وأجراء.
وفي هذا السياق، قال كاتب الدولة إن هذا الموضوع يسائل الحكومة لأن مسؤوليتها ثابتة عن تنفيذ التشريعات المنظمة للشغل، خصوصا في ما يتعلق بتفعيل الأدوار المنوطة بجهاز تفتيشية الشغل، من أجل زجر المخالفين وتنزيل العقوبات اللازمة، كما يسائل المشغلين، باعتبارهم المسؤولين القانونيين عن التصريح بأجرائهم، ومن واجبهم القيام بسلوك مواطن تجاه الأجراء باعتبارهم شركاء اجتماعيين أساسيين في المقاولة، كما يسائل الأجراء باعتبارهم الطرف الضحية، بأنهم أيضا مطالبون بالمبادرة تجاه آليات الانتصاف المتاحة قانونيا من خلال مدونة الشغل، ويسائل أيضا المنظمات النقابية للأجراء، باعتبارها فاعلة في الميدان وحاملة رسالة الدفاع عن حقوق الشغيلة، وهي الأعين التي نرى من خلالها مدى احترام قانون الشغل داخل المقاولة.
وشدد كاتب الدولة على أهمية الأدوار التي يقوم بها جهاز تفتيش الشغل في تعزيز الحماية الاجتماعية للطبقة الشغيلة في القطاع الخاص، رغم الصعوبات والعراقيل التي تعترض مفتشات ومفتشي الشغل في مزاولة مهاهم، قد تصل للاصطدام والتعرض للعنف اللفظي والجسدي من قبل المشغلين وأحيانا يُعرضون للمتابعة القضائية، زد على ذلك النقص الكبير في الموارد البشرية لأن عددهم لا يتجاوز 450 مفتش شغل (قانونيين، ومهندسين وأطباء) موزعين على 53 مديرية إقليمية بربوع المملكة.
وفي رده على مداخلة برلمانية من الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذراع النقابية لحزب العدالة والتنمية، حمل صابري المسؤولية لهذا الحزب الذي قاد الحكومتين السابقتين في عدم تعزيز جهاز مفتشي الشغل بالموارد البشرية، وقال «لو تم توظيف 100 مفتش سنويا، لوصل عددهم إلى 1450 في ظرف 10 سنوات من عمر الحكومتين السابقتين بقيادة حزب العدالة والتنمية»، وأوضح أنه، في إطار تدارك هذا الوضع، والسعي لعصرنة وتحديث مقاربات تدبيرها الإداري، اعتمدت الوزارة منهجية التخطيط الاستراتيجي، من خلال وضع البرنامج الوطني لتفتيش الشغل، يهدف إلى الرفع من مستوى الكفاءة وتحسين مؤشرات الأداء.
وذكر المتحدث أنه، استنادا إلى مقتضيات المادة 16 من ظهير 27 يوليوز 1972، وكذا مدونة الشغل، فإن مهمة مفتشي الشغل تقتصر على مراقبة انخراط المقاولات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتسجيل الأجراء والتصريح بأجورهم وتوجيه الملاحظات والتنبيهات وإحالة المحاضر المحررة ضد المشغلين المخالفين لقانون الضمان الاجتماعي على النيابة العامة المختصة، بالإضافة إلى مهمة المراقبة، يضيف صابري، يتدخل مفتشو الشغل في مجال المصالحة من خلال تدبير نزاعات الشغل الفردية والجماعية دون إغفال الجانب المتعلق بإسداء النصح والإرشاد لأطراف الإنتاج، وكذا الرفع من عدد الاتفاقيات الجماعية.