شوف تشوف

الرئيسية

عامل في شركة لتوزيع النفط يصبح أشهر روائي فرنسي

حسن البصري

ولد بريس بيلمان في الدار البيضاء عام 1924 من عائلة ميسورة الحال، كان بيت والديه يعج بلقاءات الوافدين الفرنسيين الجدد على المدينة. حاول الأب الدفع بالفتى بريس نحو عالم التجارة، إلا أن كتابة الخواطر كانت تأسره إلى أن أصبح واحدا من أكبر الروائيين العالميين، بل إنه، وعلى الرغم من عودته إلى فرنسا، ظل يتردد على المغرب باستمرار وكثير من أعماله الروائية استلهمها من قصص مغربية واقعية.
ألف بيلمان أزيد من ستين رواية وترجمت أعماله إلى اثنتي عشرة لغة، حضر فيها المغرب ودول أخرى زارها الكاتب على غرار روسيا واليونان ويوغوسلافيا، إلى أن أسس لأدب الرحلات لكن بحبكة قصصية وبعض المؤثرات التاريخية، ما مكن العديد من المخرجين من الاقتراب منه وتحويل الكثير من إبداعاته إلى أعمال سينمائية وتلفزيونية.
اسمه الحقيقي بيير بونسارت، لكن لا أحد يعرف سر تمسكه بالاسم الأدبي الذي رافقه طويلا، فقد كان يوقع خواطره بهذا الاسم وعمره 19 سنة، وحين قرر اقتحام عالم الرواية البوليسية والتعاطي لقصص الجواسيس، عزز تكوينه الأدبي بدراسة في كلية الحقوق ما مكنه من العمل في شركة لتوزيع النفط في المغرب، مباشرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وخلال فترة اشتغاله بها استلهم مجموعة من القصص المرابطة بعمله، وظل يجوب بلاد المغرب رفقة زوجته نيكوليت، مدرسة اللغة الإنجليزية والتي أعجبت كثيرا بمدينة الصويرة وظلت تتكلف بترجمة العديد من أعماله إلى هذه اللغة.
في بداية الخمسينات تعرف بريس على قيادات سياسية وفكرية مغربية، ودخل في علاقات متشابكة مع زعماء سياسيين استقلاليين بالخصوص، استوحى منهم فكرة رواية شهيرة اختار لها كعنوان «كنز قصبة الصويرة»، وتروي قصة الغزواني، صاحب القصبة والقيادي في حزب الاستقلال الذي توفي في حادثة سير تاركا وراءه قصبة قيل إن كنزا يرقد في أحشائها، لتبدأ رحلة استخراجه من جوف القصبة.
حين حصل المغرب على استقلاله، قرر الروائي المشاكس العودة إلى فرنسا، وفي مدينة نيس أسس «نادي القراء»، كما دخل عالم الصحافة لمدة ثماني سنوات حيث كان رئيس قسم بمجلة «ميستار ماغازين» وعمل متعاونا مع راديو لوزان و«الفيغارو» ثم الجريدة الجهوية «نيس ماتان»، لكنه اشتهر بكتابة سيناريو السلسلة التلفزيونية الشهيرة «المفتش ليكليرك»، فحصد العديد من الجوائز، منها جائزة النقاد عام 1982 والجائزة الكبرى «جود غوي» للأدب البوليسي.
بالعودة إلى علاقة هذا الروائي بالدار البيضاء، فقد حرص على زيارتها باستمرار والجلوس في مقهى «لابريس» بحي المعاريف، وقضاء ساعات طويلة في صلة الرحم مع أشخاص عايشوه كاتبا أو موظفا، ويروى أنه أصر على ولوج إحدى قاعات السينما التي قضى فيها ساعات من شبابه ووقف أمام أكثر من معلمة بيضاوية راسخة في ذهنه على غرار المسبح البلدي. وقيل إنه كان يتردد في آخر أيامه على الجديدة والصويرة ثم مراكش.
في 17 أكتوبر 2004، انطفأت شمعة هذا المبدع داخل بيته في مدينة نيس الفرنسية، بعد أن احتفل قبلها بشهر بعيد ميلاده الثمانين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى