عادات غذائية

ارتبطت مخيلتنا الشعبية، بعادات غذائية خاصة بمناسبات دينية، حيث يرتفع الإقبال من قبل الجميع على مجموعة من المواد الغذائية المعينة، ما يرفع الطلب عليها في الأسواق ويؤدي مباشرة إلى ارتفاع أثمانها، ودخول المضاربات والاحتكار على الخط، والضرر الذي يلحق الفئات الهشة والفقيرة، وذلك للخلط والاعتقاد أحيانا أن بعض العادات والتقاليد ترتبط بالمعتقدات الدينية.
جُلنا يعلم أن شهر رمضان الكريم هو شهر الصيام والصبر والإحساس بمعاناة الفقراء، كما أنه في الوازع الديني أيضا شهر الاقتصاد في المصروف اليومي بالدرجة الأولى، وخفض ميزانية الأسر، لكن واقع حالنا يقول بغير ذلك تماما، حيث أصبحت الأسر الفقيرة تضرب ألف حساب وتحمل هموما كالجبال لتغطية مصاريف رمضان، حيث يرتفع الإقبال المهول على استهلاك الأسماك واللحوم الحمراء والبيضاء والبيض والسكر والدقيق والخضر والفواكه التي تعد بها العصائر والحليب ومشتقاته..، ما يُلهب الأسعار ويخلق عجزا حقيقيا لدى أصحاب المداخيل المحدودة.
إن العادات الغذائية في المخيلة الشعبية، ليست من حدود الله التي لا يجب تجاوزها، كما أن نعت شهر رمضان بشهر الصيام والاقتصاد لا يعني حرمان النفس من النعم التي حبانا الله بها، بل يجب الاعتدال في كل شيء، وتقديم الجانب الروحي ومناسبة تغذيته بشكل مكثف على التغذية الجسدية وحاجة أعضاء الجسم للراحة، وهو الشيء الذي يحتاج تكثيف التوعية والتحسيس وإحياء الوازع الديني في النفوس، بالتقرب من كافة فئات المجتمع وتقويم السلوكات المشينة بواسطة تصحيح المفاهيم المغلوطة.
إن محاربة الاحتكار والمضاربات ودعم القدرة الشرائية والحفاظ عليها والتوزيع العادل للثروة يعتبر من السياسات العمومية الدائمة التي لا يجب ربطها فقط بالمواسم الدينية أو العادات والتقاليد في غذاء المغاربة، وعند انتهاء المواسم أو الشهر الكريم، يعود الجميع لنسيان كل شيء، والقبول باختلالات العرض والطلب ومضاربات السوق المصنوعة من قبل لوبيات متحكمة في الأرباح وتحاول بسط يدها على قفة المغاربة.
نحن في حاجة إلى التنبيه أيضا بواسطة التوعية والتحسيس من قبل الفعاليات المهتمة، وخطباء المنابر بالمساجد والتربية داخل الأسرة والمدارس إلى أن العادات الغذائية التي تتعارض مع صحة المستهلك وتكلفه ما لايطيقه لا علاقة لها بالوازع الديني الذي يحث على الاعتدال في كل شيء والحفاظ على الصحة، وطبعا أول ما يجب تجنبه هو استهلاك السكريات الصناعية بإفراط والإقبال على أنواع من المأكولات التي تضر بصحة الصائم وتتعارض وهدف تصفية الجسم من السموم المتراكمة بالجسم لشهور من تناول مختلف الأطعمة دون توقف.
من الجيد أن يكون لنا موروث ثقافي متنوع، في العادات والتقاليد الغذائية بكافة أقاليم المملكة، لكن لا بأس من التشذيب والتقويم حسب المصلحة وتطورات العلم في مجالات الصحة والتغذية، والمائدة المغربية غنية ولله الحمد بالعديد من المواد التي يمكن استهلاكها دون ضرر على الجسم والجيب أيضا، وفي ظل الاعتدال والالتزام بالحديث النبوي الشريف الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم ” نحن قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع”.