شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

عائدات مالية بكلفة اجتماعية

دق المجلس الاقتصادي والاجتماعي ناقوس الخطر تجاه 6 ملايين مدخن و3 ملايين مدمن على القمار و18 ألفا يتعاطون مخدرات الهروين والكوكايين عن طريق الحقن، وهذه الأرقام المخيفة تجعلنا نتأكد من أننا مندرجون في حرب كبيرة ضد مجهول يحاول إغراق البلد بأكمله في الموت والعجز والخراب والتشريد.

بطبيعة الحال الأجهزة الأمنية تبذل قصارى جهودها في محاولة منع تدفق السموم إلى داخل البلد، وهي تنجح غالبا في ذلك وعليها القيام بمزيد من الجهد لاجتثاث منابع المخدرات، إلا أن ازدياد الباحثين عن الثراء السريع على حسابنا وحساب أبنائنا يزيد من صعوبة المهمة مع مرور الأيام.

الخطير في الأمر أن هاته المعضلة لها آثار اقتصادية، وتجعل المسؤولين في موقف لا يحسدون عليه، لأنها تهم اقتصادا ضخما يشكل ما يقارب 3 بالمئة من الناتج الداخلي الإجمالي. فالمواد والأنشطة والخدمات غير المحظورة، التي قد تسبب الإدمان تولد رقم معاملات يبلغ 32.19 مليار درهم، أي 3 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي، و9.1 في المئة من المداخيل الجبائية للدولة. ومن جهة أخرى، يساوي رقم معاملات التبغ المقدر بـ 17 مليار درهم في 2021، خمسة أضعاف الميزانية التي ترصدها وزارة الصحة للاستثمار .

إننا بالفعل أمام تنين رهيب قادر على تدمير النسيج الاجتماعي ومستقبل وصحة الملايين من المغاربة، من جهة، وفي الآن ذاته فإن كلفته المالية قادرة على زعزعة التوازن الاقتصادي للبلد. وهذا ما يجعل من ظاهرة تعاطي أكثر من مليون طفل للتدخين والمخدرات والقمار أخطر من الإرهاب الذي تم إخماد خلاياه النائمة، لأن تعاطي التدخين والقمار والمخدرات بهذا الهوس يدمر كل شيء في متعاطيه، جسده وعقله ومصيره وأسرته وماله، لذلك لابد من وقفة قبل فوات الأوان.

قد يقول قائل إن التدخين واليانصيب يدران على ميزانية الدولة ملايير الدراهم سنويا، وهذا أمر حقيقي للأسف، غيْـر أن للمسألة وجها آخر، خصوصا عندما يُـصبح القمار أكثر من مجرّد تمضية وقت أو مزاج عابِـر، وعندما يصبح الإدمان على التدخين يقود ملايين الأطفال إلى الضياع، آنذاك سنكون أمام منافع اقتصادية بكلفة اجتماعية.

لن نكون من طائفة الحالمين التي تدعو لتجريم التدخين أو لعب اليانصيب والرهان، فذلك مطلب غير واقعي، لكن ينبغي على السلطات العمومية والمدرسة والإعلام والمجتمع المدني أن يتحركوا كل من موقعه للتحذير من آفة التدخين والقمار والمخدرات قبل فوات الأوان، ولا نقصد بذلك تلك الحملات الفلكلورية والعابرة التي لا تعدو أن تكون مجرد ذر للرماد في العيون، على غِـرار حملات الوقاية ضد التدخين التي تفرضها السلطات على الشركات المصنّـعة للسجائر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى