حمزة سعود
واجه الحجاج المغاربة، الذين تؤطرهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والبالغ عددهم 22 ألفا و500 حاج، خلال موسم الحج الجاري، صعوبات استثنائية أدت إلى تسجيل العديد من الوفيات والإغماءات في صفوفهم، بسبب ارتفاع مستويات الحرارة وتعطل المكيفات ونقص الرعاية وخدمات الإيواء والسكن، المفترض أن يوفره الأطر والمصالح المكلفة بتتبع أوضاع الحجاج المغاربة المعينون من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
ووثقت أشرطة فيديو تم تداولها على منصات التواصل الاجتماعي، ظروفا مزرية يعيشها الحجاج المغاربة الذين تؤطرهم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، من بينها تعطل المكيفات الهوائية في ظل ارتفاع درجات الحرارة، بينما تمكنت دول أخرى من توفير ظروف مريحة لفائدة وفودها من الحجاج، بخدمات جيدة وبأسعار مقبولة بالمقارنة مع التكلفة الباهظة التي دفعها الحجاج المغاربة.
وفي رسالة عجت بها شبكات التواصل الاجتماعي، أماط الحجاج المغاربة، الستار عن تجربتهم خلال موسم الحج لهذا العام، حيث أكدوا أنهم تعرضوا لما وصفوه بـ «الخذلان» من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، إذ عاشوا مع كثير من حجاج البعثة الرسمية، «مشاكل كثيرة في السكن التغذية، التكدس، الأكل أقل من المستوى، خذلان مؤطري وزارة الأوقاف للحجاج، وضعف التكوين»، حسب وصفهم، كما أضافت الرسالة، أن «المؤطرين تخلوا عن الحجاج أثناء التنقل لعرفات، حيث تركوهم يتدبرون أمرهم، إذ توفي بعضهم بسبب المشي في الحرارة عند الرجوع من عرفات بينما تاه آخرون»، مشيرة إلى أن «الحجاج عانوا أيضا من الوضع المعيشي المزري في المخيمات».
وبلغت درجة الحرارة مطلع الأسبوع الجاري، حوالي 51 درجة مئوية في مكة المكرمة، خلال فترات متفرقة من كل يوم، كما من المنتظر أن يسجل المحرار يوم الأحد والاثنين المقبلين حوالي 46 درجة مئوية، وهو الأمر الذي يتسبب في حدوث اضطرابات لدى الحجاج المغاربة، نظرا لعدم اعتيادهم على المستويات المرتفعة لدرجات الحرارة المسجلة بالسعودية. كما رصد الحجاج رداءة الوجبات المقدمة لهم وغياب مواكبة المرضى منهم بأمراض مزمنة خلال أداء مناسك الحج، هذه السنة.
وسجلت إغماءات في صفوف الحجاج من كبار السن داخل المخيم المغربي، بسبب تعطل المكيفات بشكل كلي، في الوقت الذي اشتكى الحجاج مما قالوا إنه «غياب أي تواصل مع المسؤولين عن البعثة أو المكلفين بمواكبة احتياجات الحجاج»، مشيرين إلى أنه قد تم تسجيل حالات لضياع الأمتعة والأغراض الخاصة بالحجاج و«عدم التفاعل بالجدية اللازمة من أجل استرجاعها من طرف المسؤولين عن البعثة الخاصة بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية».
وقضى حجاج من البعثة التي تشرف على تنظيمها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ليالي في العراء يجاورن أكياس النفايات، خاصة خلال يوم التروية في مشعر منى قبل التوجه إلى عرفات، كما وجهت عائلات الحجاج المغاربة نداءات من أجل البحث عن مفقودين من ذويهم، في ظل ارتفاع أعداد من توفوا وتجهل هويتهم، بمختلف المناسك المرتبطة بالحج، محملين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المسؤولية الكاملة وراء هذه الحوادث المسجلة خلال موسم الحج الجاري.
وبالعودة إلى غياب السكن وضعف خدمات الإيواء والطعام، فقد سجل المغاربة ارتفاعا قياسيا في أسعار الحج والعمرة المفروضة من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتي تتجاوز 67 ألف درهم، خلال موسم الحج لهذه السنة بالمقارنة مع باقي الدول العربية، فمصاريف أداء فريضة الحج انطلاقا من مصر لا تتجاوز 40 ألف درهم، بينما لا يتجاوز الحجاج العراقيون هذا الرقم لأداء هذه الفريضة، بحيث يدفعون 33 ألف درهم، متبوعين بالحجاج من الأردن بـ42 ألف درهم، وسلطة عمان بـ43 ألف درهم. بينما يعادل الثمن المفروض من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب نظيره المسجل بالإمارات بـ68 ألف درهم وقطر بحوالي 73 ألف درهم.
وكانت السلطات السعودية أعلنت عن ارتفاع ملحوظ في أعداد الحجاج الذين فارقوا الحياة هذا العام، حيث وصلت الحصيلة إلى 570 وفاة بسبب الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة، مقارنة بـ241 حالة وفاة في العام الماضي، فيما لم تُكشف السلطات السعودية عن جنسيات الحجاج المتوفين، لكن تقارير إعلامية تشير إلى وفيات بين حجاج من عدة دول، منها المغرب وتونس ومصر والأردن، بينما لم تعلن السلطات المغربية لحد الساعة عن حصيلة الوفيات في صفوف الحجاج المغاربة، بشكل رسمي.
وفي الوقت الذي أشارت أرقام غير رسمية إلى أن عدد الحجاج المغاربة الذين قضوا نحبهم أثناء تأدية مناسك الحج هذه السنة قد بلغ 17 شخصا، أكد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أنه لا يتوفر على المعطيات المتعلقة بعدد الحجاج المغاربة الذين توفوا موضحا خلال الندوة الصحفية الخاصة بأشغال المجلس الحكومي، المنعقد أول أمس (الخميس)، أن هناك من سيتولى تقديم المعطيات المتعلقة بالموضوع، الذي لم يناقش في الأصل داخل المجلس الحكومي.