شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

طوفان التمييع

من لا يقدر خطر تمييع النقاش العمومي حول قضايا في غاية الأهمية من مثل مدونة الأسرة، لا يدري عواقب هدم أسس بناء المجتمع السليم، ولا يعلم أن المبالغة في السخرية وتسفيه الاجتهاد في مواضيع حساسة لها ارتباط بالدين الإسلامي، بمثابة تقريب أعواد ثقاب من برميل بارود، في خرق سافر لكافة شروط السلامة والوقاية من الأخطار والحكمة في الإصلاح وتقديم ما ينفع الناس على ما يضرهم في كل شيء.

لقد ابتلينا بنقاش المواقع الاجتماعية السطحي، والغارق في التفاهة، لقضايا في غاية الأهمية بالنسبة للمجتمع، وذلك من زاوية التنكيت والتسفيه وطوفان التمييع الذي يجر معه الأخضر واليابس، ولا يترك إلا حيزا محدودا أمام الحاجة الملحة للقراءة المتأنية والمتخصصة وفق التعليمات الملكية لإصلاح مدونة الأسرة التي تؤطرها قاعدة أساسية واضحة لا لبس فيها وهي (لا تحليل لحرام، ولا تحريم لحلال).

نحن أمام تحديات كالجبال لمراجعة التحولات المجتمعية التي لا تنتظر أحدا وهي في جميع الأحوال أمر واقع، يتطلب منا العمل المكثف على إحياء قيمة القيم داخل كافة فئات المجتمع المغربي، والوقوف أمام الهجمات العنيفة التي تستهدف الأسرة كنواة قوية للمجتمع، وتزرع ألغام الحروب الأخلاقية والاقتصادية والترويج للمثلية وخلق الفتن بين الرجل والمرأة بتحوير النقاش العمومي الجاد عن سبق إصرار وترصد.

لسنا بحاجة إلى مساعدة خارجية ولا إلى خطاب متطرف ولا إلى تشدد في المواقف، وغموض الخلفيات في نقاش إصلاح مدونة الأسرة، كما لسنا بحاجة إلى التمييع والتنكيت المبالغ فيه، بقدر ما نحن أمام اجتهادات تتم تحت إشراف ملكي، والمغاربة يثقون في ملكيتهم للعبور الآمن نحو كافة الإصلاحات المواكبة للعصر مهما كانت معقدة كما هو الأمر بالنسبة إلى محطات متعددة يذكرها التاريخ.

إن البحث والاجتهاد سائر نحو تمكين الأسرة من الاستقرار المطلوب، وبناء مؤسسة الزواج على أساس المودة والتعاون والاحترام المتبادل دون ضغط أو استغلال، وذلك لضمان بيئة سليمة لتربية الأطفال ومساهمتهم في بناء مستقبل زاهر للوطن، خارج الصراعات الأزلية الفارغة بين الرجل والمرأة ومن ينتصر أخيرا لأن الكل في سفينة واحدة والهدف واحد.

واهم من يعتقد أنه بالقوانين وحدها يمكن تحقيق التقدم والتنمية، بل الأمر أعمق من ذلك في شموليته ويتطلب التركيز على جودة التربية والتعليم والتشبث بالهوية والأخلاق الإسلامية السمحة، والعمل كل من جهته بنكران للذات ودون خلفيات إديولوجية أو انتخابوية لحماية الأسرة من التفكك والهجوم الممنهج، لأنه ببساطة إذا أردت تخريب مجتمع متماسك عليك بهدم لبنة الأسرة، وذلك لا يحصل بين عشية وضحاها وإنما يكون نتيجة حرب بين مستمرة الزوج والزوجة، حتى إذا سقطا معا انهارت النواة وانتهى المجتمع تائها بدون بوصلة ولا هوية كل ريح تحركه كيف تشاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى