طمع
هي
أردت فقط رجلا، لم أكن بالفتاة الجريئة ولا بالمرأة القادرة على إبراز أي جزء من أنوثتها.. كنت مجرد فتاة عادية، أقل من عادية، أعمل كجهاز مبرمج، أصحو في نفس الوقت المعتاد وأعمل في نفس الوقت المعتاد، وأنام في نفس الوقت المعتاد.. حياتي كانت تخلو من أي شيء مميز، تمر الأيام رتيبة كئيبة، كأنها تعاد، ولم يكن في حياتي أي رجل، وحاجتي إليه ازدادت مع مرور الوقت ومع إحساسي باقترابي الكبير من سن تصبح المرأة فينا مذعورة من أن يفوتها الركب فتبقى دون زواج ودون أولاد. والتقيت بك يوما، كانت قد جمعتنا ظروف شغل ما، استلطفتك لحسن تعاملك وأيضا لوسامتك وقوة جسدك.. أحببت فكرة الارتباط بك، وحين جئت لخطبتي فاجأتني ردة فعل أمي، فلم تستلطفك، ونصحتني بالابتعاد عنك، ففعلت عكس ما طلبته ومع اقترابي منك، كنت تقترب بشكل مغاير، كثرت أسئلتك حول ما أجنيه من خلال عملي، وبدأت المبالغ التي تطلبها تزداد كل يوم، كنت في كل مرة تدعي حصول أمر معك، لا يمر موعد دون أن تخبرني بضائقة تمر بها وبكونك على وشك الدخول في أزمات مع شغلك وعائلتك.. كنت تقنعني أنه ليس لديك غيري، وكرامتك لا تسمح لك بأن تطلب من غيري، فأنا وأنت وقت الحاجة واحد، ما بجيبي يجب أن يكون بجيبك، لكنك أغفلت أن قلبي في كل مرة كان ينسحب من مكانه هاربا منك، وكنت أراك قد تجاوزت حدود الطمع لدرجة صرت خائفة منك كلما رأيتك، فعيناك كانت تدقق في كل شيء حتى ملابسي، وربما قد تفكر يوما في تفكيكي إلى قطع وبيعي..
هو
لم تكوني لتصلحي لشيء، مجرد فتاة عديمة الجدوى، أصلا لم أنتبه لوجودك رغم أن عملا جمعنا لأيام، بقيت تحومين كثيرا حولي حتى رأيتك أخيرا. فتاة قصيرة نحيلة وشاحبة، ابتسامتك غريبة، وتصرفاتك أغرب، اقترحت عليك مشاركة الغداء فلم تمانعي، وبقيت أنظر إليك كثيرا يومها، كانت لديك أشياء كثيرة، عمل جيد ومرتب كبير وتمتلكين منزلا لأنك تدخرين المال ولا تنفقينه إلا للضرورة القصوى، ولكنك لم تكوني في جسد امرأة بل في جسد طفلة، ينقصك كل ما يرغب فيه الرجل ورجل مثلي يرغب في الكثير مما لا تمتلكين، ولم أكن أمتلك أنا شيئا مما تمتلكينه أنت. كان عملي غير قار، ومرتبي يطير مني في أول يوم، وأكتري بيتا، وتحدثنا في كل هذا وأكدت أنك تريدين فقط رجلا، وكنت تصرين على أني الرجل الذي كنت تنتظرين وأنك مستعدة لفعل أشياء كثيرة من أجلي، وبرهنت على ذلك بمساعدتي في الكثير من الضائقات التي مررت منها، وكنت واضحا في كل شيء ووافقت على طلبك لأزور بيتكم لخطبتك وتحملت سخافة أمك، وكنا نسير نحو زواج وتأسيس عائلة، وفجأة توقف كل شيء، ورفضت فجأة رؤيتي، وعدت للتقوقع على نفسك، فلم أفهم شيئا أو ربما ادعيت عدم الفهم، ليبقى الباب بيننا مفتوحا، فلا خرجنا منه وافترقنا ولا دخلنا عبره واجتمعنا، ولا أخذنا قرارا قد يمكن الآخرين من فهم سبب وقوفنا عنده.