شوف تشوف

الرأي

طعم في صنارة الانتخابات

حسن البصري
الكرة طعم موسمي في الانتخابات، جاذبيتها تغني عن الشعارات وتعفي من الترافع اليومي في الحارات.. ولأن الانتخابات كمباريات «الديربي» وجع لابد منه، تستنفر السلطة قواتها وتتعقب في الشارع العام كائنات انتخابية قديمة وأخرى في طور التدريب السياسي.
الانتخابات عند السياسيين امتحان وطني موحد في الديمقراطية، ومباراة مصيرية تنتهي بركلات الجزاء لدى الرياضيين، وصفقات تبرم تحت جنح الظلام عند رجال المال والأعمال، بينما الانتخابات من منظور الأطباء حالة تستلزم زراعة الأعضاء.
المرشحون نوعان: نوع عركته الانتخابات وآمن بأنها قدر مكتوب في منشور، ونوع تدفعه الغيرة تارة والفضول تارة أخرى إلى الكشف عن قيادات جديدة، لذا تبحث الأحزاب عن مرشح عديم السوابق السياسية، يستحسن أن يكون خريج ملاعب.
وجود «لكوايرية» في ملاعب السياسة قد يمنح المشهد فيضا من الفرجة ويؤمن العبور إلى معترك التنمية، الفرق بين المرشح السياسي كامل الدسم والمرشح الرياضي، أن الأول يعد ببناء القناطر دون الحاجة إلى تشييدها، والثاني يكتفي بالقناطر الصغيرة للعبور نحو مربع العمليات.
لا تخلو الحملات الانتخابية ومنشوراتها الدعائية من حضور الرياضي جنبا إلى جنب السياسي، لاعبا كان أو مسيرا أو مدربا أو حكما أو مشجعا أو مدلكا أو مصورا أو صحافيا أو مكلفا بالأمتعة يجيد نفخ الكرات.
في مراكش دخل هداف الكوكب وقلب هجوم المنتخب الوطني الأسبق مصطفى قدي الانتخابات في المدينة القديمة، قدي الذي عرف بتسجيل الأهداف برأسه وعد الكتلة الناخبة بمقاطعة مراكش المدينة بتسجيل أهداف أخرى، رغم انقطاعه عن الممارسة لسنوات.
ليس قدي هو اللاعب الوحيد الذي تقدم للانتخابات، فهناك فئة واسعة أنهكها طول انتظار مباراة تكريمية، فكرمها أمين حزب سياسي بزعامة لائحة أو الوصافة، لكن على اللاعب السابق الذي دخل غمار الاستحقاقات الانتخابية أن يضع في الحسبان وجود حكام في ملاعب السياسة، وضعوا صفاراتهم جانبا واستبدلوا التقاسيم الصارمة التي علت وجوههم، فرسموا على محياهم ابتسامة كشفت عن الوجه الآخر لقضاة الملاعب.
يخوض الحكم الدولي رضوان جيد المباراة السياسية في سوس، كما يخوض حكام آخرون هذه الاستحقاقات على غرار يوسف مبروك والزبخ والجميلي رغبة منهم في إسماع صوت الحكام، بعد أن اعتقدنا أمام طول صمتهم أنهم كائنات لا تتكلم بل تجيد الصفير فقط.
سيعرف الحكام وهم يخوضون الاستحقاقات الانتخابية، قيمة تقنية «الفار» وسيمنون النفس بـ«فار» في كل دائرة وفي كل مكتب تصويت وفي كل دكان سياسي. وسيعرفون أيضا أن من بين المرشحين مصورون كانوا بالأمس يتعقبون حركاتهم وسكناتهم، فوق المستطيل الأخضر.
إن عجلة الكرة في أمس الحاجة اليوم إلى قرار سياسي يدفعها، بعد أن أعلن أغلب رؤساء الفرق حالة الاستثناء وبادروا إلى حل برلمان النادي وإعلان حالة الاستثناء. لكن يمكن تصنيف المسؤولين عن الكرة إلى نوعين: كائن يملك رصيدا مضاعفا من حسن النية، وكائن يقضي وقته أمام أبناء الحي في تبرير سر اختفائه منذ أن ظفر بالمقعد الانتخابي، وفي خلوته يلعن الكرة التي رمت به خارج مربع المصداقية.
استنجد وكلاء بعض اللوائح الانتخابية بكائنات من فصائل «الألتراس» ومن جمعيات الأنصار والمحبين، لما لهم من خبرة ميدانية في التشجيع وقدرة على الصفير كلما قام الخصم السياسي بهجوم مرتد، أشهر المرشحين شاب امتهن تشجيع الدفاع الحسني الجديدي، فاختار في زمن «الويكلو» تشجيع وكيل اللائحة حين لمس فيه عشقا للفريق الدكالي.
بعض المشجعين يعتقدون أن المرشح كاللاعب يمكنه أن يفوز دون الحصول على أصوات، أو بإمكانه الظفر بمقعد انتخابي دون أن يترشح أصلا، لا يا أعزائي هناك فرق بين المقعد الانتخابي ومقعد اللاعبين البدلاء.
قد لا يصدقون وقد لا يستوعبون، كأنهم يتناولون حبوب منع الفهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى