إعداد: النعمان اليعلاوي
بلغ عدد المصابين والجرحى جراء زلزال الحوز الذين تكفلت بهم وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، 6125 حالة، فيما تشير معطيات رسمية للوزارة أن هذه الحالات تشمل 873 حالة إصابة بجروح خطيرة، و 3438 حالة إصابة بجروح طفيفة، مشيرة إلى أن عدد المصابين حاليا بالمستشفيات يقدر بـ 476 حالة، 81 منها تتواجد في أقسام العناية المركزة، فيما بلغ عدد المتعافين 4986 حالة.
وإلى جانب عمل وزارة الصحة على التكفل بالمصابين ومعالجتهم من الساعات الأولى للزلزال، شرعت القوات المسلحة الملكية في إنشاء مستشفى ميداني عسكري جراحي بمنطقة أسني، وهو المستشفى الذي يقدم خدمات العلاج والتكفل بالمرضى والمصابين جراء الزلزال الذي ضرب المنطقة، ويستقبل العشرات من سكان المنطقة من الذين أصيبوا خلال الهزة الأرضية، أو الذين يعانون من تبعات تلك الهزة.
وبين التدخل الميداني لمصالح وزارة الصحة والتدخل المقابل لمصالح الصحة العسكرية، تتقاطر القوافل الصحية التي أطلقها أطباء ومهنيو الصحة، وهي القوافل التي تتخذ من الدواوير المتضررة وجهة لها وتشتغل إلى جانب السكان، عبر تقديم الأدوية ومعالجة المصابين إصابات طفيفة.
المستشفى الميداني العسكري.. تقريب العلاج للمصابين
كشف يوسف قاموس، الطبيب الرئيسي بالمستشفى الميداني العسكري الجراحي بأسني، تجند الفريق الطبي العسكري لتقديم الرعاية والعلاج لضحايا الزلزال الذي ضرب المنطقة، إذ يُعَدُّ هذا المستشفى الذي أطلق خدماته بعد 24 ساعة على الضربة الزلزالية، أحد أبرز الأرضيات الإستشفائية الحيوية لتقديم الخدمات الصحية للمصابين، كما يقوم المستشفى العسكري الميداني بأسني بتوفير فريق طبي متكامل يتألف من 24 طبيبًا من مختلف التخصصات، بالإضافة إلى 48 ممرضًا و50 مساعدة اجتماعية.
ويتوفر المستشفى العسكري على مركب جراحي مجهز بشكل كامل لتقديم الخدمات الجراحية المستعجلة لضحايا الزلزال، كما يتمتع المستشفى بمختبر خاص لإجراء التحاليل الطبية والأشعة الضرورية، بالإضافة إلى توفر المستشفى على خلية دعم نفسي تتكفل بتقديم الدعم والاهتمام النفسي للأطفال والأشخاص المتقدمين في السن الذين يعانون من تأثيرات نفسية سلبية نتيجة للحادث.
أما بخصوص الحالات التي تم استقبالها في المستشفى، فقد كشف مصدر عسكري، تنوعها ما بين كسور متفاوتة الخطورة على مستوى الأطراف والوجه، وبعض الكدمات، وحالات طبية على مستوى الصدر، مشيرا إلى أن التخصصات التي يضمها المستشفى هي مصلحة المستعجلات والعضام والمفاصل وجراحة الأحشاء، بالإضافة إلى الفك والوجه ومصلحة الأنف والحنجرة بالإضافة إلى مختبر للتحليلات ومغتبر للأشعة، زيادة على صيدلية تقدم الأدوية بالمجان، موردا أن المستشفى يتوفر على سيارات الإسعاف التي تعمل على نقل المصابين، كما أن المستشفى يتوفر على 24 طبيبا و48 ممرضا و50 مساعدة اجتماعية.
وشدد الطبيب العسكري على تقديم المستشفى العسكري الجراحي الميداني بأسني الرعاية والعلاج في أحسن الظروف من قبل فرق طبية مدربة تحرص على صحة المصابين، بالإضافة إلى ذلك، تم إعادة توجيه بعض الحالات القليلة إلى المستشفى العسكري في مراكش لاستكمال العلاج اللازم.
مستشفى محمد السادس.. الملاذ الأول للمصابين
كان مستشفى محمد السادس الملاذ الأول للمصابين في زلزال الحوز، حيث ظلت سيارات الإسعاف طيلة ليلة ويوم السبت الموالي للفاجعة تنقل الضحايا والمصابين إلى المستشفى، فمنذ لحظة وقوع الزلزال باتت الحركة داخل المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمدينة مراكش لا تكاد تهدأ، سيارات إسعاف خارجة، وأخرى تسارع للدخول، وهو أحد أبرز المستشفيات المركزية التي يحمل إليها ضحايا الزلزال.
بمجرد وصول سيارة إسعاف، يلتف حولها الممرضون والأهل ويحملون المصابين إلى قاعات المستشفى، حيث تواصل الكوادر الطبية عملها من دون توقف منذ الدقائق الأولى لوقوع الزلزال، في الوقت الذي باشرت المصالح الصحية تهييئ الأسرة والمعدات، «لقد أمضينا ليالي بيضاء منذ تلك الفاجعة، حيث كانت سيارات الإسعاف تتقاطر على المستشفى»، تقول خديجة، وهي دكتورة العظام بمستشفى الأمومة والطفل التابع للمركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس.
داخل مستشفى الأطفال تقبع حالات لصغار قلبت الفاجعة حياتهم، منهم من نجا بأعجوبة، وإن كانت الإصابات بالغة، كحالة الطفلة الصغيرة (مريم-ا) ذات الثلاث سنوات، والتي تحكي والدتها، والدموع تملأ عينها «انتقلنا يوم الفاجعة إلى بيتنا في الدوار من أجل زيارة الوالدة، أنا وزوجي وابنتايا هاتين، قبل أن نفاجئ بالهزة الأرضية التي حركت كل شيء حولنا، وبحكم أننا كنا مجتمعين فقد سارعت للفرار مع واحدة من بناتي، بينما بقيت الصغيرة مع جدتها التي سارعت إلى الارتماء عليها من أجل حمايتها، ثم انهار السقف عليهما»، تقول والدة الطفلة مريم، مشيرة إلى أنه «بعدما انقشع الغبار وجدنا والدتي ميتة تحت الركام بينما كانت طفلتي شبه ميتة وهي مختنقة بفعل الركام وتقل جثة الوالدة، ليتم نقلها على جناح السرعة إلى المستشفى حيث تلقت العلاجات وباتت حالتها اليوم مستقرة».
القوافل الصحية التطوعية.. خدمات قرب للمصابين
إلى جانب الخدمات الصحية التي يقدمها المستشفى العسكري الميداني ومستشفى محمد السادس للمصابين والمتضررين من الزلزال، تكمل القوافل الصحية التي تكون بمبادرة من المهنيين والمختصين، عمل المصالح الصحية، يقول (ياسين . م) وهو طبيب عيون مشارك في القافلة الصحية التي حلت بدوار أنكال لتقديم المعونة والعلاج للمصابين « إن القافلة الصحية التي نشارك فيها كانت بمبادرة من مجموعة من الشباب، حيث دأبنا على تنظيم قوافل طبية للمناطق النائية، وهو الأمر الذي منحنا خبرة في التعامل مع سكان هذه المناطق ومعرفة حاجياتهم»، يقول المتحدث، مضيفا أن «القافلة تتكون من أربع أطباء وخمس ممرضين بالإضافة إلى طاقم مساعد من، لتقديم مختلف الخدمات العلاجية لفائدة ضحايا زلزال الحوز»، كما تشمل هاته القافلة تقديم مختلف الأدوية، إلى جانب خدمات العلاج النفسي التي أصبحت «مطلبا هاما» في هاته المنطقة.
من جانب آخر، أشار ياسين إلى أن «واجبنا هو تقديم العلاج ومساعدة المصابين أينما كانوا داخل المغرب، نحن نقوم بواجبنا حاليا، وهو تقديم الأدوية للمصابين جراء هذا الزلزال الأليم»، مضيفا قوله «الحالات التي لمسناها من خلال عملنا، هي الصدمات النفسية، ونحن نقدم لها أدوية خاصة بالعلاج النفسي تحت إشراف المختصين في هذا المجال»، حيث إن «القافلة تشمل جل الأدوية الممكنة لمساعدة الضحايا على العودة ولو بشكل نسبي إلى حياتهم وصحتهم المعنوية والجسمانية المعتادة».
مختصرات الزلزال
إنقاذ خمسة رعاة
تمكنت السلطات المحلية والقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، من إنقاذ خمسة رعاة كانوا محاصرين في منطقة جبلية شاسعة، بين أقاليم الحوز وتارودانت وشيشاوة.
وقد تم تحديد مكان وجود هؤلاء الرعاة، بعد عمليات تمشيط وبحث استغرقت 48 ساعة، وسط تضاريس وعرة، من خلال الاستعانة بطائرة بدون طيار «درون».
وكشفت مصادر من القوات المسلحة الملكية، أنه تم تسخير جميع الإمكانيات والآليات المتاحة، بما في ذلك مروحيات عسكرية وتقنيات حديثة، من أجل إمداد هؤلاء الرعاة بمواد غذائية وأغطية، إضافة إلى توفير الأدوية والرعاية الطبية اللازمة لهم.
1000 هزة ارتدادية
كما توقع المعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب، منذ الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز الأسبوع قبل الماضي، تم تسجيل 1000 هزة ارتدادية بالمملكة عقب الزلزال، الذي خلف قرابة 3000 قتيل وأزيد من 6000 مصاب حتى الآن.
وأكد ناصر جبور أن 99 في المائة من الهزات الألف المسجلة كانت غير محسوسة، فيما 1 في المائة منها فقط شعر بها البعض في مناطق قريبة من بؤرة الزلزال.
وأضاف المتحدث ذاته أن عشر هزات فقط هي التي كانت محسوسة، لافتا إلى أن النشاط الزلزالي سيستمر بضعة أسابيع أو بضعة أشهر أخرى بالمغرب.
منظمة الصحة.. الوضع تحت السيطرة
أكد ريشار برينان، مدير برنامج حالات الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، أن الوضع الصحي في المناطق المتضررة من زلزال الحوز «تحت السيطرة«.
وقال مدير برنامج حالات الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، إن الوضع الصحي في المغرب «تحت السيطرة«.
وكان خالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، قد أكد الثلاثاء الماضي، أنه تنفيذا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، عبأ قطاع الصحة جميع الوسائل اللوجيستيكية والموارد البشرية من أجل الاستجابة لحاجيات السكان المتضررين من الزلزال، الذي ضرب الحوز وعددا من أقاليم المملكة.
محمد أمين بنهيمة *
«الكسور أغلب إصابات ضحايا الزلزال والمصالح الصحية مجندة لتقديم العلاجات»
- كم هو عدد المرضى والمصابين وضحايا الزلزال، الذين يتابعون علاجهم بالمستشفى؟
حاليا لا تتوفر لدي معطيات بالأرقام حول عدد الحالات من المصابين جراء زلزال الحوز، والذين ولجوا مستشفى محمد السادس بمراكش لتلقي العلاج، أو تم نقلهم على إثر الفاجعة، لكن ما يمكنني تأكيده أن عدد المصابين والمرضى الذين تم التكفل بهم في مصلحة جراحة العظام والمفاصل يفوق حوالي 60 مريضا ومصابا، وهم المرضى والمصابون الذين تتراوح حالاتهم بين الإصابات الطفيفة والتي تتطلب تدخل جراحيا، والحالات جد الخطيرة التي تستدعي المرور إلى مصلحة الإنعاش، وهنا وجبت الإشارة إلى أن عددا من المصابين قد غادروا المستشفى بعد تحسن كبير في حالاتهم، وعلى اعتبار أن أغلب الحالات المرتبطة بفاجعة زلزال الحوز كانت تهم إصابات على مستوى الأطراف، بكسور أو غيرها، فيما يتم الاستعانة أيضا بباقي التخصصات. وكما أشير في هذا الجانب إلى أنه تمت تعبئة جميع المصالح خلال الفاجعة، حيث انتقلت العناصر الصحية من أطباء وممرضين عبر سيارات الاسعاف لنقل المصابين والمرضى، إذ استنفرت المصالح الصحية تلك الليلة، للتواصل مع القرى المتضررة وتجنيد سيارات الإسعاف لنقل المصابين بشكل مكثف.
هنا أستند إلى معطيات وزارة الصحة بخصوص التكفل الصحي بالمصابين في المستشفيات العمومية، حيث تم توفير ما مجموعه 2461 سريرا على مستوى المراكز والمؤسسات الاستشفائية بالجهات المتضررة، لاستقبال الجرحى والمصابين، وأزيد من 500 سيارة إسعاف.
ووفقا للمعطيات ذاتها، فقد تمت تعبئة 1268 طبيبا عاما واختصاصيا، و1733 ممرضا وممرضة، وخصصت أزيد من 300 طن من الأدوية، ووفرت المستلزمات الطبية والاستعجالية اللازمة بجميع المناطق المتضررة.
- ما هو نوع التدخلات الطبية التي تلقاها هؤلاء المصابون؟
تجب الإشارة إلى أنه في حالات الزلازل يتم تسجيل حالات مرتبطة بالإصابات التصادمية، من قبيل سقوط أشياء ثقيلة على المريض، أو سقوط المريض من أماكن عالية، وهي الأوضاع التي تتسبب في إصابات بالغة تجتمع فيها الكسور بحالات تضرر وإصابات في العضلات أو الجلد، وهذا ما يجعل من جراحة هؤلاء المصابين من الصعوبة والدقة، حيث يتم العمل على تثبيت العظم ومعالجة الكسور وتتبع وضعية المريض، خصوصا بعد التدخلات التي تستوجب عمليات جراحية، حيث يتم تتبع وضعية المريض في مرحلة الاستشفاء إلى حين التمكن من تخطي المراحل الصعبة وبداية التعافي، حيث يتم تتبع حالاتهم ومراقبة ما إذا كانوا يعانون من أمراض مرافقة، مثل فقر الدم أو الكدمات الأخرى وغيرهما، ويتم تقديم العلاجات الضرورية إلى أن تستقر حالاتهم ويتماثلون للشفاء.
- هل هناك حالات لمصابين تم نقلهم إلى المصلحة في حالة خطيرة، وتمكنتم من إنقاذ حياتهم؟
فعلا هناك حالات عديدة جدا لمصابين تم نقلهم إلى المصلحة وهم في حالة خطيرة، من هؤلاء من تم بتر أطراف من أجسادهم، سواء الأطراف السفلية أو العلوية، كما أن هناك مرضى أصيبوا بحالات توصف بالضغط على الأعضاء الداخلية، وهي الحالات التي تستدعي إدخالهم إلى مصلحة الإنعاش، حيث يتم تتبع حالاتهم بشكل دقيق، ويتم إخضاعهم للتدخل الجراحي اللازم، ثم الولوج إلى أقسام الاستشفاء بعد تحسن حالاتهم، وتتم أيضا مراقبة وضعيتهم الصحية وإخضاعهم للعمليات الضرورية.
وهنا وجبت الإشارة إلى أنه قد تمت تعبئة كل الوسائل لتقديم الرعاية الصحية اللازمة لضحايا الزلزال، من موارد بشرية طبية وتقنية وإدارية بالمؤسسات الصحية، والأدوية والمستلزمات الطبية، وسيارات الإسعاف، فضلا عن تجهيز وحدات صحية متنقلة لخدمات القرب.
- بروفيسور بقسم جراحة العظام والمفاصل في مستشفى الرازي التابع للمستشفى الجامعي محمد السادس بمراكش