طانطان: محمد سليماني
تمكنت فرقة الدراجين التابعة لسرية الدرك الملكي بتيزنيت يوم الجمعة المنصرم من توقيف شاحنة قادمة من الأقاليم الجنوبية للمملكة، وهي محملة بحوالي طنين من الحليب المجفف.
واستنادا إلى المعطيات، فإن عناصر الدرك في إطار المراقبة الاعتيادية على الطريق الوطنية رقم 1، أوقفوا شاحنة للإرساليات قادمة من الأقاليم الجنوبية ومتجهة نحو أكادير، غير أنهم بعد استفسار سائقها عن نوع حمولة الشاحنة، تردد في الإجابة، إلا أن عمليات التفتيش والمراقبة، أبانت أن الشحنة محملة بكميات كبيرة من الحليب المجفف. وبعد استفساره عن مصدرها والفواتير الخاصة بها، لم يستطيع تمكينهم من ذلك، ليتبين أن الأمر يتعلق بالحليب المجفف الذي يمنح لقاطني مخيمات الوحدة بالأقاليم الجنوبية للمملكة. ليتقرر حجز البضاعة وقطر الشاحنة نحو مركز الدرك بمدينة تيزنيت لإتمام باقي الإجراءات الإدارية.
ويكشف توقيف هذه الشاحنة، تواصل عمليات تهريب المواد التموينية المدعمة الخاصة بقاطني مخيمات الوحدة بالأقاليم الجنوبية، والتي يستفيد منها السكان، غير أن كثيرين منهم لا يتوصلون بكل المواد الغذائية الأساسية المقررة، إذ في كثير من الأحيان، يتم إخبارهم بأن مادة استهلاكية معينة غير متوفرة هذا الشهر، في حين يتم بيعها في السوق السوداء، ونقلها عبر وسائل النقل نحو مدن الشمال لإعادة بيعها وتحقيق هامش أرباح كبيرة.
فقبل أسابيع كذلك، أدى انقلاب شاحنة مقطورة خارج المدار الحضري لمدينة كلميم إلى تفجر فضيحة من العيار الثقيل، تتعلق باستمرار تهريب المواد التموينية المدعمة الخاصة بقاطني مخيمات الوحدة بالأقاليم الجنوبية للمملكة. وقد كشف انقلاب هذه الشاحنة التي كانت محملة بأطنان من السكر الخاص بهذه الربوع، والحامل لعلامة خاصة بها، إضافة إلى وجود أطنان أخرى من المواد الاستهلاكية الخاصة بمخيمات الوحدة، والتي يمنع تحويلها إلى خارج المدن التي يتواجد بها السكان المعنيون، تواصل عمليات التهريب بتواطؤ بين جهات متدخلة كثيرة. ومباشرة بعد انقلاب الشاحنة، تم الإسراع إلى جمع المواد الاستهلاكية وإخفائها، على اعتبار أن هذه المواد الأساسية يمنع نقلها إلى خارج النفوذ الترابي للصحراء.
وحسب المصادر، فإن هذه المواد التموينية الاستهلاكية الأساسية، ظل يحصل عليها سكان مخيمات الوحدة منذ سنة 1991 مرتين في الشهر، إلا أنه بعد ذلك ظلت مواد التموين تعرف تناقصا كبيرا في أنواعها وعددها وكمياتها سنة بعد أخرى، دون أن يدري المستفيدون إن كان ذلك يتم على مستوى أعلى أو فقط على المستوى المحلي بمدن العيون، وبوجدور، والداخلة والسمارة. ففي البداية كان السكان يحصلون على مواد غذائية كثيرة منها قنينات غاز البوتان وعلب الحليب المجفف والدقيق والسكر وزيت المائدة وعلب الشاي الأخضر وجميع أنواع القطاني وعلب السردين والجبن وزيت الزيتون، والفواكه واللحوم والتوابل والجبن والمربى، بالإضافة إلى المعجنات ومواد استهلاكية أخرى، لكن مع مرور السنوات تناقص ذلك بشكل كبير جدا، إذ تم حجب مواد غذائية كثيرة، بينما تم نقص كميات أخرى، في الوقت الذي تروج تلك المواد الاستهلاكية نفسها في أسواق الأقاليم الجنوبية، وتصل إلى مدن الداخل بشكل مستمر، رغم أنه يمنع نقلها إلى خارج المدن المعنية.
وحسب مصادر مطلعة، فإن “اختلالات” كثيرة تشوب عمليات توزيع مواد الدعم الأساسية على المعنيين بها، ذلك أنه في البداية كانت مواد التموين توزع بناء على عدد أفراد كل أسرة، إذ يحصل كل فرد على نصيبه بالتساوي، وكان كل مولود يولد إلا وتضاف حصته إلى أسرته، إلا أن بداية “التلاعب” ستتم بعدما قام مؤطرو المخيمات بوضع اتفاق في ما بينهم مع مسؤولي الحاميات العسكرية على الإبقاء على نصيب كل شخص توفي، ومنحه إلى ذوي حقوقه، بالمقابل لن يستفيد أي مولود جديد من حصته من هذه المواد.