ضباط أمنيون في المنتخب لاعبون ومدربون جمعوا بين اليقظة الأمنية والكروية
يرى كثير من الباحثين في الرياضة أن زواج الكرة بالأمن ظاهرة صحية، ويستندون في دفوعاتهم إلى أهمية حقن المشهد الكروي بلقاح الانضباط والصرامة. لذا كلما أسند تدبير فريق لشخصية أمنية انسحب التسيب وحلت المسؤولية.
في السبعينات من القرن الماضي توغل رجال الأمن إلى دائرة القرار الكروي في المغرب، حين استعان رئيس الجامعة آنذاك، بدر الدين السنوسي، بمجموعة من القيادات الأمنية أمثال: مصطفى طارق وحسن الصفريوي وبوبكر جضاهيم وجلول حمو الطاهرة والمهدي بلمجدوب، وغيرهم من الكفاءات الأمنية، بل إن تدبير قطاع التحكيم قد أسند بدوره في كثير من الفترات لرجال أمن على غرار الحكم الدولي السابق عبد الكريم الزياني ومحمد باحو ومحمد السويدي، وآخرون. ناهيك عن المدربين أبرزهم الضابط الدركي محمد العماري الذي كان مدربا للمنتخب المغربي في الثمانينات.
استقطب قطاع الأمن العديد من اللاعبين، ومكنهم من فرص العمل قبل الاحتراف، وكان وجود شخصية قيادية على رأس فريق للكرة كافيا لامتصاص عطالة كثير من العناصر التي كانت تعلم أن عبورها يف عالم الكرة قصير المدى، فاختارت تأمين مستقبلها بوظيفة في الأسلاك الأمنية.
وبوجود وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري في سطات، تمكن العديد من لاعبي النهضة السطاتية من الحصول على منصب في الأمن الوطني، ونفس المسعى ذهب إليه المنتسبون لفريق الكوكب المراكشي في عهد محمد المديوري، وفي الجيش الملكي مع الجنرال حسني بن سليمان، وقبل هذا كان أحمد الدليمي، المدير العام للأمن الوطني سابقا، يغري اللاعبين بمناصب أمنية مقابل الانضمام لفريق مسقط رأسه الاتحاد القاسمي، دون أن ننسى دور فريق الشرطة ومنتخب الشرطة الوطني اللذين ساهما في توظيف لاعبين في هذا القطاع.
من الصعب حصر جميع الأسماء التي جمعت بين اليقظة الأمنية واليقظة الكروية، لذا سنكتفي، في الملف الأسبوعي لـ«الأخبار» تسليط الضوء على الضباط الذين حملوا القميص الوطني، وصنعوا التألق هنا وهناك.
حين تكافئ الحكومة لاعبي المنتخب بمناصب أمنية
جرت العادة أن تكافئ الدولة أبطالها الذين يرفعون علمها عاليا في المحافل الدولية، ولأن الوداد فريق ارتبط بالمقاومة بعد أن اختار لاعبوه رقعة الملاعب للدفاع عن القضية الوطنية.. وبعد حصول المغرب على استقلاله كان يعاني من خصاص على مستوى الموارد البشرية، فتم إدماج اللاعبين الذين على وشك الاعتزال في وظائف تابعة للدولة. عبر تاريخ الوداد الرياضي هناك مجموعة من اللاعبين والمسيرين والمؤطرين الذين ناضلوا ضمن الحركة الوطنية أمثال: العفاري ورفقي والزهر واللائحة طويلة اعتبروا من المقاومين.
خلال الموسم الرياضي 1949/1950 كان الوداد عنوانا للمقاومة ضد المحتل الفرنسي، وكل المباريات تستقطب جمهورا غفيرا يجد في الوداد وفي لاعبيها الكيان القادر على مواجهة المستعمر، لهذا اعتبر كل لاعبي الوداد مقاومين لهذه الاعتبارات. لهذا فحين تم تأسيس جهاز الأمن أعطيت الأولوية للمقاومين وكثير من اللاعبين الوداديين اشتغلوا في الدائرة الأمنية التي عرفت بـ«الساتيام».
اشتغلت عناصر رياضية ودادية في جهاز الأمن السياسي، كاسفيران وبارجو وأسماء أخرى، لا يمكن أن ننعتهم بالجلادين، لأنه لا أحد ينكر دورهم في المقاومة وإخلاصهم للوطن، وما تكبدوه من محن في مواجهة المستعمر.
وفي حيثيات قرار التعيين: «لأنهم ساهموا في الكفاح من أجل إجلاء الفرنسيين وقاوموا من أجل عودة محمد الخامس من منفاه، لهذا يستحقون من الوطن مكافأتهم».
بدأت عملية الإدماج في صفوف الأمن الوطني مباشرة بعد الحصول على الاستقلال حين قررت إدارة الأمن الوطني حديثة النشأة إدماج المقاومين في سلك الأمن. لهذا كان بعض لاعبي الوداد سباقين للعمل في الشرطة.
قررت إدارة الأمن الوطني، في نهاية الستينات، تكوين منتخب الشرطة المغربي للمشاركة في دورة كأس المغرب العربي للشرطة التي كانت ستنظم في ليبيا. أسندت تمثيلية المغرب في دورة طرابلس لفريق غالبية لاعبيه من الوداد وتم الفوز باللقب، حينها طلب من بوبكر جضاهيم، إعداد لائحة اللاعبين الذين يلعبون في هذا المنتخب وليست لهم وظائف، فقدمت اللائحة وتم تشغيلهم على الفور.
عبد الرحمان الربيع.. مدافع المنتخب يصبح مديرا عاما للأمن الوطني
ولد عبد الرحمان الربيع في مدينة مراكش، من أب أصوله جزائرية، عاش طفولته في زمن الحماية الفرنسية وكان يحمل جنسية المستعمر الفرنسي بحكم جذوره الجزائرية. لعب كرة القدم كمدافع ضمن فريق «الصام» الذي كان يتكون من عناصر مغربية ومراكشية، وظل ينافس فرق الدار البيضاء والرباط ومكناس.
شغل عبد الرحمان مركز المدافع الأوسط وشكل إلى جانب اللاعب «شينوا» ثنائيا مرعبا، ما جعل الناخب الفرنسي يضمه لمنتخب المغرب الذي تم تكوينه قبل الاستقلال وكان يضم خليطا من اللاعبين من مختلف الجنسيات والديانات.
تألق الربيع في المجال القانوني، وأصبح من أوائل المحامين المغاربة في مدينة مراكش، حيث كان مكتبه بجوار مكتب المحامي المراكشي امحمد الخليفة الذي كان رفيق دربه، قبل أن يتم انتخاب الربيع نقيبا للمحامين في مراكش والنواحي.
عرف الربيع بدفاعه المستميت في كثير من القضايا الحقوقية، ووقوفه إلى جانب تبنيه لملف المعتقلين السياسيين في محاكمة مراكش. وانتدبه أحمد الدليمي أيضا للدفاع عنه في ملف المهدي بن بركة.
في نهاية شهر يناير 1973، عين الملك الحسن الثاني النقيب عبد الرحمان الربيع مديرا عاما للأمن الوطني، ومن المفارقات الغريبة أن الفتى المراكشي سيصبح محاميا للحكومة بل إنه تولى الإدارة العامة للأمن الوطني خلفا للعقيد أحمد الدليمي الذي كان موكله وكان واحدا من الذين ترافعوا لفائدته في الطبعة الثانية للمحاكمة الشهيرة، في قضية اختطاف واغتيال المعارض المهدي بن بركة.
تعيين محامي على رأس إدارة الأمن الوطني كان محاولة من الملك لنزع المقاربة الأمنية عن القطاع وإسناد المسؤولية إلى شخصيات ذات مرجعيات قانونية، كما في حالة الوكيل السابق مولاي سلميان العلوي. وجاء اختيار الربيع، كمقاربة حقوقية للقطاع لتجاوز الخلاف مع فرنسا الذي اندلع في أعقاب اغتيال بن بركة.
استمر الربيع في منصبه إلى غاية سنة 1979، أما ابنه عبد الصادق فسينال بدوره منصبا هاما في الدولة بالنظرة لمرجعيته القانونية، حيث سيعين أمينا عاما للحكومة في نونبر1993، وحافظ على نفس المنصب في الحكومتين اللتين ترأسهما عبد اللطيف الفيلالي، ليجدد محمد السادس ثقته في المستشار القانوني سنة 2002 وفي حكومة عباس الفاسي ليعينه في نفس المنصب الذي كرس وضعية السيادة التي تعرفها وزارات معينة في الحكومات المغربية.
العربي شباك.. الفتى الذي اختطفه الدليمي من الوداد
ولد العربي شباك في حي سيدي عثمان، وتألق بشكل ملفت مع الاتحاد العثماني قبل أن ينتقل إلى نادي كوكب البيضاء، ومنه إلى الوداد حين استقطبه وداديون للفريق الأحمر.
حين نتوقف عند سيرة اللاعب الدولي السابق المرحوم العربي شباك، سنجد أن إغراءه بوظيفة في سلك الأمن الوطني من طرف أحمد الدليمي، جعل اللاعب يصرف النظر عن الوداد ويلتحق بسيدي قاسم، ما حصل هو أن العربي تدرب مع الوداد البيضاوي ووافق على الانضمام لصفوفه، بل وأرسلت إدارة النادي البيضاوي رخصته للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لكن بأوامر من الدليمي تم سحب رخصته من الجامعة وتحويلها باسم الاتحاد القاسمي، بعد أن أصبح اللاعب شباك عنصرا في صفوف الأمن.
هكذا كان العربي شباك يفتتح الحديث عن مساره الرياضي، يحفظ كل الأسماء عن ظهر قلب وكأن الحكاية كانت بالأمس فقط، لا زال العربي يتذكر كل لقاءاته داخل الفريق القاسمي الذي كان يومها يفخر بتواجد لاعبين كبار، الإخوة العامري، الإخوة بندريس، الإخوة دحان، فتاح، السماط والجنايني، ومع هؤلاء اللاعبين كان حفار القبور قد كسب قوته، شكل خصما عنيدا لأقوى الفرق وسعدت مدينة سيدي قاسم يومها كثيرا بفريقها الكبير.
بعد عطائه السخي أنصف المنتخب المغربي جهود اللاعب، لعب للمنتخب ستة أعوام، وشارك معه في العديد من الاستحقاقات القارية والدولية.
«في سنة 1970 لعبت للمنتخب المغربي للشرطة، ثم المنتخب الأولمبي، وبعدها المنتخب المغربي للكبار سنة 1971، شاركت معه في منافسات كثيرة، لعبنا نهائيات كأس إفريقيا سنة 1972 بالكامرون، وكأس القنيطرة بسوريا، وإقصائيات الألعاب الأولمبية بميونيخ سنة 1972، ثم إقصائيات كأس العالم بألمانيا سنة 1974، وإقصائيات كأس إفريقيا سنة 1976، السنة التي حققنا فيها اللقب، وغبت خلالها عن العرس الإفريقي، فقد أبعدتني إصابة في لقائنا ضد ليبيا عن عيش متعة النصر الإفريقي».
عبد الحق السوادي.. لاعب دولي بحس أمني
برزت موهبة اللاعب عبد الحق السوادي في ملعب الشيلي ودرب بوشنتوف، قبل أن يصبح اسمه على لسان أبناء درب السلطان هذا الحي الذي كان قلعة حصينة للرجاويين. تألق في صفوف الرجاء وحجز مبكرا مكانته ضمن الفريق الأول المدجج بالنجوم وغالبيهم من أبناء الحي الذي يقطنه.
عرف اللاعب عبد الحق السوادي بكونه اللاعب الوحيد الذي لم ينهزم أبدا في لقاءات الديربي ضد الوداد، وطيلة مشواره مع الرجاء البيضاوي وهو صاحب القصة الشهيرة لديربي 1984/1983، حيت حضر لاعبو الرجاء لحفل زفافه طيلة الليلة واستيقظوا على الساعة الحادية عشر صباحا وتوجهوا نحو الملعب لمواجهة الوداد، وفازوا بـ3 أهداف مقابل هدف واحد، سجلها كل من حموش، السوادي، ثم الحداوي. آنذاك كان أصغر لاعب في تشكيلة الفريق الأخضر.
انضم للمنتخب الوطني في عهد العماري الذي كان يتابع تألقه، وشارك مع المدرب فالانتي في ألعاب البحر الأبيض المتوسط، حيث فاز المنتخب المغربي بالميدالية الذهبية. ولكن خلافه مع المدرب فاريا حال دون مشاركته في مونديال المكسيك.
خاض السوادي تجربة احترافية في بلجيكا، ومنعه مسيرو الرجاء من خوض تجارب احترافية في فرنسا وسويسرا، قبل أن يعود للمغرب وينضم لفريق اتحاد الشرطة، تحت إشراف المدرب بوجمعة بن خريف، إلى جانب عدد من اللاعبين الذين يملكون تجربة، أمثال: خربوش، جافي، سقيم، فوناكا، شكيب، الدعدي وغيرهم من الأسماء ذات التجربة. الفضل في هذا الفريق يرجع لحسن الصفريوي، الذي حول فريق الهلال الرباطي إلى فريق للشرطة يحمل اسم الاتحاد، وجلب له لاعبين من مختلف الفرق، وحاول من خلاله تكرار تجربة شرطة طنجة واستنساخها في حي يعقوب المنصور، لكنها لم تستمر طويلا.
هذه التجربة ستقوده للقطاع الأمني الذي تسلق درجاته بفضل مستواه الدراسي وقدرته على استخدام مواهبه الكروية في مجال آخر يحتاج لنباهة ويقظة كبيرين.
خاض عدة تجارب في مجال التدريب مع الرجاء والمغرب الفاسي والزمامرة، ويعد من خيرة المحللين الرياضيين.
إدريس اللوماري.. مهاجم برتبة ضابط
لم يعش إدريس اللوماري فترة الدليمي ولم يستفد كغيره من لاعبي الاتحاد القاسمي من مناصب الأسلاك الأمنية التي وفرها المدير السابق للأمن الوطني. لكن قدر له أن يصبح مفتشا للشرطة قبل أن يرتقي إلى صفوف الضباط حين انتقل من اتحاد سيدي قاسم إلى الكوكب المراكشي كما لعب للمنتخب الوطني في مباريات متفرقة.
بدأ اللوماري قصته من ملعب العقيد العلام، فكان من الرعيل الأخير لنجوم هذا الفريق المرجعي، نسج علاقة مع شباك وأصبح هدافا للفريق، قبل أن ينتقل إلى مدينة مراكش ويوقع للكوكب الذي عرض عليه منصبا في الأمن الوطني أمن به مستقبله. ثم كانت الوجهة إلى طنجة ثم المغرب الفاسي ليلعب في صفوفهما.
لكن نقطة التحول في مسار اللوماري هي محطته البيضاوية، حين انضم للوداد البيضاوي، ثم ختم مساره في فريقه الأم اتحاد سيدي قاسم. وعلى امتداد مسيرته حصل ابن سيدي قاسم على لقب هداف البطولة في مناسبتين.
شارك إدريس رفقة منتخب الأمل في دوري «تولون» بالأراضي الفرنسية، الذي كان ولا يزال من بين أفضل الدوريات المنظمة في هذه الفئة العمرية، كما خاض دوريا دوليا مع الكوكب المراكشي في مونريال الكندية حصل على لقب الهداف وأحسن لاعب.
أشرف اللوماري على تدريب فرق عديدة أبرزها الاتحاد القاسمي والوداد الفاسي والجمعية التازية والرجاء الملالي وشباب خنيفرة وعمل بلقصيري.كما ترأس ودادية الاتحاد الرياضي القاسمي.
العربي أحرضان.. بوليسي في المخفر وفي دفاع المنتخب
العربي أحرضان نجم الوداد والمنتخب الوطني سابقا، رأى النور في 6 يونيو 1954 بالمدينة القديمة للدار البيضاء، شغل مركز مدافع بالمنتخب المغربي، والوداد الرياضي وظل حاملا للقميص الأحمر إلى أن اعتزل اللعبة وأصبح رئيسا لجمعية قدماء لاعبي الوداد، بعد أن عاد لممارسة مهنته في الدوائر الأمنية على مستوى الدار البيضاء.
قضى العربي أحرضان مسيرته في نادي الوداد الرياضي منذ سنة 1963، وفاز بأربعة ألقاب في الدوري المغربي، وبكأس العرش أربع مرات بالإضافة إلى لقب كأس الملك محمد الخامس سنة 1979.
كان «با عروب» عنصرا أساسيا في تشكيلة المنتخب المغربي التي شارك في أول مباراة في تاريخ مشاركاته في كأس إفريقيا للأمم، حيث واجه أسود الأطلس منتخب الكونغو في يوم 25 فبراير 1972 برسم الجولة الأولى من دور مجموعات البطولة القارية التي أقيمت بالكاميرون، وتوج رفقة المنتخب المغربي بكأس الأمم الأفريقية 1976 بإثيوبيا.
حمل العربي قميص المنتخب الوطني منذ 1972 إلى 1979 وكان أحد أهم الأعمدة في فترة السبعينيات والثمانينات، كمدافع أيسر تارة أو مدافع أوسط تارة أخرى.
وخلال فترة تواجده جاور عدة أجيال من اللاعبين أمثال: علال بن قصو، بوجمعة بنخريف، موهوب الغزواني، مصطفى شكري (بيتشو)، محمد المعروفي، أحمد فرس، محمد الفيلالي، العربي شباك، حميد الهزاز، حسن عسيلة واللائحة طويلة.
لعب لفريق الوداد البيضاوي منذ 1970 الى 1983 وفاز معه بمجموعة من الألقاب، إذ حصل على البطولة الوطنية أربع مرات ونفس العدد في كأس العرش.
بعد تقاعده المهني والرياضي اختار العربي الاستقرار في الوسط القروي ضواحي ابن سليمان بعيدا عن صخب العاصمة الاقتصادية التي قضى بها الجزء الأكبر من عمره.
سفيان أمرابط.. ضابط الأمن يحن إلى مهنته
حين انتشرت مقاطع فيديو لنجم المنتخب المغربي وصمام وسط ميدان الفريق الوطني، سفيان أمرابط، وتم تداولها في عدة صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ووصل صداها إلى وسائل إعلام عالمية، تبين أن الرجل يحن إلى بذلة الأمن والأصفاد.
هذه القصة هي عبارة عن فيديو مرفق بتعليق يقول: إن أمرابط قبل أن يصبح لاعبا محترفا وأحد أعمدة المنتخب المغربي المشارك في كأس العالم قطر 2022، اشتغل شرطيا في هولندا.
ويستند هذا الخبر إلى تقرير قيل إنه يعود إلى شبكة «فوكس» الإخبارية، وتظهر اللقطات لاعب وسط الميدان المغربي بزي رسمي، حيث قام بالإدلاء بتصريح للشبكة برفقة عناصر يلبسون الزي نفسه وخلفه سيارات تابعة للشرطة الهولندية.
وفي الوقت الذي أكدت هذه المنصات أن أمرابط اشتغل شرطيا قبل احتراف كرة القدم، وحين أكدت مصادر أخرى أن الفيديوهات المنتشرة توثق فقط لحملة إنسانية قام بها نادي أوتريخت الهولندي لكرة القدم، الذي لعب له سفيان أمرابط في بداياته، نفى مقرب من سفيان هذا الخبر وأكدوا عبوره في سلك الأمن الهولندي قبل أن يحترف الكرة.
وبناء على تاريخه في سلك الأمن، اختار النادي الهولندي أوتريخت، اللاعب الدولي المغربي سفيان لمرابط، لتقمص دور الشرطي الهولندي، حيث قام بتوجيه الناشئة المغربية والمهاجرين العرب المقيمين بهولندا، لتقديم يد المساعدة والدعم في ما بينهم والتقليص من الانحراف.
كما توخى النادي الهولندي من هذا الفيديو الدعائي، التحسيس بمهنة المتاعب خارج مجال كرة القدم، حيث فضل اللاعب الدولي المغربي سفيان لمرابط تجسيد ذلك الدور الذي يتطلع من خلاله النادي إلى توجيه عامة الهولنديين، خاصة الجالية المغربية بهولندا.
عبد المجيد لمريس.. مدافع شرس ودركي مشاكس
يعتبر عبد المجيد لمريس من أبرز المدافعين الذين عرفتهم كرة القدم الوطنية خاصة على مستوى مركز الظهير الأيسر، ولد في أيت أورير سنة 1959 ونشأ وترعرع في حومة سيدي بنسليمان الجزولي بمراكش.
كانت من نادي مولودية مراكش عام 1975، قبل أن ينضم لفريق الجيش الملكي حيث قدم مستويات كبيرة أهلته للتألق رفقة المنتخب الوطني في مونديال مكسيكو 1986 وكأسي إفريقيا سنتي 1986 و1988، من موقعه كظهير أيمن عصري.
اعتبر اللاعب عبد المجيد لمريس أحد أكثر لاعبي كرة القدم تتويجا بالكؤوس والبطولات على المستوى الوطني في وقت قياسي، وكان فاعلا أساسيا في إحدى فترات عز كرة القدم المغربية.
وحسب مقربين من عبد المجيد، فإن بداية التألق كانت في الألعاب المدرسية، خاصة في إعدادية عبد المومن، حيث تلقفته أيدي فريق مولودية مراكش، الذي كان يمارس فيه شقيقه محمد.
انطلق لمريس مع مولودية مراكش من فئة الفتيان، ثم الشبان، الذين شاركهم موسم 1978-1979 وصيف بطل المغرب بعد الفتح الرباطي. ولأن المولودية كان مؤطرا من طرف رجال التعليم بمراكش بالقسم الوطني الأول، فقد كان تألقه مثار اهتمام المدرب الوطني حميدوش الذي ضمه للمنتخب الرديف.
رفض عبد المجيد عرض الكوكب المراكشي، وفي سنة 1981 سيلج الفتى مركز تكوين أساتذة التربية البدنية، موازاة مع اللعب لفريق الجيش الملكي، الذي كان يلعب على واجهات متعددة محليا وإفريقيا وأنشطة المنتخب الوطني، ليفشل لمريس في مواكبة التكوين، حيث تفرغ لكرة القدم فقط، إلى أن جاء أمر من الملك الراحل الحسن الثاني، بإدماج لاعبي الفريق في سلك الدرك الملكي.
منذ مباراته الأولى مع فريق الجيش الملكي بالبطولة العالمية العسكرية، استدعى الناخب الوطني المرحوم العماري، عبد المجيد لمريس لمنتخب الكبار، ليبدأ رحلة أخرى بدأت من معسكر البرازيل، والذي يعتبره لمريس إعدادا علميا متكاملا مع المدرب فالانتي، كانت نتيجته الفوز بميدالية ذهبية بألعاب البحر المتوسط 1983 بالبيضاء، والتأهل لأولمبياد لوس أنجلوس 1984.
خربوش.. عميد في الملاعب وفي أسلاك الأمن
بالقدر الذي برز فيه عزيز خربوش كحارس لمرمى الرجاء والوداد وجمعية الحليب واتحاد الشرطة، سيشق الفتى مساره الكروي في المرمى، لكن مهنته كعميد للشرطة حالت دون استكمال مشواره الكروي. خاصة أمام تنقلاته العديدة بين الدار البيضاء ومراكش والعيون وأسفي والحسيمة، كما اشتغل فترة في قطاع حوادث السير على مستوى العاصمة الاقتصادية، حيث عهد إليه بحل مشاكل المرور وحوادث السير في الدار البيضاء، كما تم انتدابه لتدبير المباريات ذات الضغط العالي في مركب محمد الخامس بحكم معرفته الدقيقة بتفاصيل المباريات وضغطها.
جمع العميد الممتاز عزيز خربوش، بين الرياضة والعمل الوظيفي في قطاع الأمن، وكان يديره بنفس الروح الرياضية التي ميزت أداءه وهو حارس للمرمى. تجمع الكتابات التأريخية على أن عزيز «كان حارسا مرموقا داخل صفوف الوداد الذي فاز معه بكأس العرش سنة 1981، كما توج مع الرجاء بأول بطولة وطنية لهذا الفريق سنة 1988، وفاز كذلك بكأس العرش مع الأولمبيك البيضاوي، قبل الالتحاق بفريق اتحاد الشرطة الذي كان للحارس أو عميد الشرطة ممتاز، شرف الانتماء إليه في أولى بداية هذا الفريق في البطولة الوطنية»، وطبعا توقف مساره في اتحاد الشرطة. وحين اعتزل الكرة أصبح عضوا بارزا في جمعية قدماء الرجاء البيضاوي، مع حس اجتماعي كبير.
باموس.. عميد الجيش والمنتخب الوطني جنرال بالدرك الملكي
قبل رحيله إلى دار البقاء، اعتزل الجنرال إدريس باموس، العميد السابق للجيش الملكي والمنتخب المغربي في السبعينات، والرئيس الأسبق للجامعة الملكية المغربية من منتصف الثمانينات إلى بداية التسعينات، كرة القدم وانقطع عن زيارة الملاعب. فجأة غاب الرجل عن الأنظار، وظل يحرص على الاشتغال بصرامة في المدرسة الخاصة بتكوين رجال الدرك في مدينة مراكش والتي كان يديرها باقتدار، حتى الدعوات التي كانت تدعوه لحضور مناسبات رياضية نادرا ما يرد عليها وكأنه فضل القطيعة مع الكرة.
يحكي رفيق دربه سعيد بن منصور، رئيس جمعية رياضة وصداقة، عن شخصية باموس، الذي اشتغل إلى جانبه في المكتب التنفيذي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وقال إن الفترة التي قضاها على رأس الجامعة عرفت طفرة نوعية لكرة القدم، لأنه كان يدبر أمر الكرة بشكل مختلف عن إدارة مدرسة للدرك الملكي، «كان رجل حوار رغم أنه يحمل على كتفيه أعلى الرتب العسكرية، كان يرفض الأضواء ويريد الاشتغال في صمت، وظل يساندني وأنا حينها رئيسا للجنة المركزية للتحكيم، بالرغم من غضب الحكام ورفضهم للثورة التي أحدثتها في هذا القطاع».
يعتبر باموس الرئيس الوحيد في تاريخ الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الذي مر عبر جميع المراحل الكروية، كلاعب دولي أولا ومدرب ثانيا ومدير تقني للمنتخبات الوطنية ثالثا (في عهد المدرب هنري ميشال)، ثم رئيسا للجامعة في الفترة ما بين 1985 إلى 1992، وهو اللاعب الذي ظل وفيا للجيش الملكي لاعبا ومدربا ورئيسا ثم عقيدا في سلك الدرك الملكي، رافضا عروضا احترافية تسيل اللعاب، رغم أنه حريزي الأصول حيث ولد في 15 دجنبر من سنة 1942 في مدينة برشيد، ولعب لليوسفية المحلية ثم انتقل إلى نادي الجيش الملكي.
حمل باموس شارة العمادة في فريق الجيش والمنتخب باقتدار كبير، وطيلة قرابة 10 سنوات كان خلالها نموذجا للانضباط والعطاء في صمت، كما حظي طوال ممارسته باحترام الحكام والمسيرين واللاعبين، قبل أن يعتزل الكرة سنة 1973 بعد إصابة بليغة في الركبة، رغم أنه كان قادرا على العطاء.
حسن الصفريوي.. اللاعب رئيس الاستعلامات العامة
ولد حسن الصفريوي في مدينة فاس وتحديدا في حي فاس الجديد سنة 1938، وهو ينحدر من عائلة حلت بفاس قادمة من صفرو، في فترة ما قبل الاحتلال الفرنسي للمغرب.
نشأ الفتى في حي فاس الجديد غير بعيد عن المشور، الذي كان فضاء للتعايش بين الديانات وبين الانتماءات العرقية، بل وكان تجمعا يتميز بالتعدد الثقافي والتنوع السكاني، في فترة كانت فيه فاس، على غرار باقي مناطق المغرب، تعيش أزمة اقتصادية رهيبة شجعت العديد من الأسر الفاسية على مغادرة المدينة.
كان الفتى مولعا بالكرة رغم أن أسرته أصرت على منعه من ممارستها وتسجيله مبكرا في المسيد، إلا أنه كان يستغل نصف فرصة للعب الكرة المصنوعة من القماش، بالقرب من جنان السبيل وحي مولاي عبدالله، وحين اشتد عوده انضم للوداد الفاسي فريق الحي الذي أسسه أبناء حي فاس الجديد.
في مفترق الطرق، قرر حسن أن يتابع دراسته الجامعية فاختار الدراسات القانونية ليصبح إطارا أمنيا رفيعا في سلك الأمن الوطني.
حين عين رئيسا للأمن الإقليمي في مدينة طنجة، جس نبض عاصمة البوغاز كرويا، وقرر جمع فريق مكون من رجال الأمن قصد الدخول للتنافس الكروي، استطاع تكوين فريق «البوليس» وخاض معه مباريات ودية قبل أن يقرر دخول غمار المنافسات الرسمية.
وضد كل التوقعات انخرط الفريق تحت لواء الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم باسم اتحاد شرطة طنجة، بعد نيل موافقة المدير العام للأمن الوطني وبدعم من أحمد الدليمي، الذي كان يشرف بدوره على فريق الاتحاد القاسمي، وفي ظرف زمني قصير سيتمكن فريق الصفريوي الصعود إلى القسم الأول، بعد أن عزز الفريق صفوفه بعدد من اللاعبين الذين ألحقهم بسلك الشرطة.
لم يكن حسن مجرد رئيس للفريق، بل كان لاعبا أيضا في صفوفه كما مارس التدريب لفترات متقاطعة، بل كان يقوم بتحكيم بعض مبارياته التدريبية، ولعل مصدر قوة اتحاد الشرطة يرجع لروح الانضباط التي ميزت لاعبيه.
لكن الصفريوي سيغادر طنجة مكرها بعد أن حصل على مصنب أمني رفيع، وفي الرباط كرر التجربة ذاتها، لأنه هوس الكرة يسكنه. بل إن أسس نواة لمنتخب الشرطة كان يصنع مجد الكرة المغربية في نهاية الستينات، وأن أندية مغربية للأمن الوطني كانت تشارك في مختلف التظاهرات، كالنجم المراكشي واتحاد الشرطة الذي ترأس مكتبها المديري حسن الصفريوي الذي شغل عدة مناصب قيادية في جهاز الأمن في طنجة والرباط والدار البيضاء، قبل أن تنقرض هذه الفرق وينمحي المنتخب الأمني.
في الرباط حول حسن فريق الهلال إلى فريق للشرطة يحمل اسم الاتحاد، وجلب له لاعبين من مختلف الفرق. دخل حسن الصفريوي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وأسندت له مهام تقنية وإدارية، حيث عين رئيسا للجنة التحكيم في عهد كل من بدر الدين السنوسي.
كان الحسن الثاني وراء تعيين الصفريوي رئيسا للجنة الأولمبية الوطنية المغربية، ابتداء من سنة 1973 خلفا للراحل محمد بن جلون، وظل في هذا المنصب إلى غاية سنة 1977.