صندوق المقاصة بين الإكراهات المالية وحماية القدرة الشرائية
كلفة الصندوق ارتفعت إلى 40 مليار درهم والحكومة تقرر رفع الدعم تدريجيا
تعتزم الحكومة إصلاح صندوق المقاصة من خلال الشروع في رفع الدعم تدريجيا عن المواد الاستهلاكية المتبقية في الصندوق، ويتعلق الأمر بغاز البوتان «بوطا غاز» والسكر والدقيق اللين. ويأتي القرار بعد ارتفاع كلفة المقاصة التي وصلت، خلال هذه السنة، إلى 40 مليار درهم، بعد تخصيص اعتمادات إضافية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين تزامنا مع أزمة ارتفاع الأسعار، حيث لم تكن الميزانية المخصصة للمقاصة، في قانون المالية لهذه السنة، تتجاوز 13 مليار درهم. وتربط الحكومة إصلاح المقاصة بإخراج السجل الاجتماعي الموحد، الذي سيوفر قاعدة بيانات ومعلومات دقيقة سيتم اعتمادها لتحديد الفئات الاجتماعية المستهدفة التي ستستفيد من مختلف برامج الدعم الاجتماعي.
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
كشفت وثيقة صادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية عن خطة الحكومة لإصلاح نظام المقاصة، حيث سيتم رفع الدعم بشكل تدريجي عن المواد الاستهلاكية المتبقية في الصندوق (غاز البوتان، والسكر والدقيق) خلال سنتي 2023 و2024، وذلك تزامنا مع تعميم الحماية الاجتماعية وإخراج السجل الاجتماعي الموحد.
إصلاح المقاصة
أوضحت الوثيقة، التي أحالتها الوزارة على مجلس المستشارين، وتتضمن توضيحات حول الأسئلة التي طرحها مستشارون برلمانيون على وزيرة الاقتصاد والمالية، أثناء مناقشة مشروع قانون المالية، أن نظام المقاصة مكن من مواصلة سياسة الحكومة التي تهدف إلى حماية القدرة الشرائية للمواطنين عن طريق الحفاظ على أثمان البيع الداخلية للمواد الأساسية وحماية النسيج الإنتاجي الوطني من تقلبات الأسعار في السوق الدولية. إلا أنه، أمام محدودية نظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والمعوزة من جهة، وارتفاع نفقاته في ظل التحولات الجيوستراتيجية والاقتصادية الكبيرة التي تشهدها الأسواق العالمية من جهة أخرى، أكدت الوثيقة أن الحكومة ستعمل على إصلاح هذا النظام لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية وكذا لتحقيق التوازن بين الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية.
وحسب الوثيقة، فإن هذا الإصلاح يندرج في إطار الورش الملكي الذي يرمي إلى تعميم الحماية الاجتماعية عبر إطلاق ورش إصلاح منظومة الاستهداف التي ستشكل الأرضية المناسبة لاستكمال إصلاح نظام المقاصة. وسيشكل السجل الاجتماعي الموحد، باعتباره الآلية الأنجع لاستهداف الأسر الفقيرة والمعوزة، مدخلا رئيسيا للولوج لكل البرامج الاجتماعية ما سيمكن من إعطاء رؤية واضحة لإرشاد وتوجيه القرارات السياسية في مجال الدعم. وأفادت الوثيقة بأنه، طبقا للمادة 8 من القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، من المقرر مواصلة إصلاح نظام المقاصة لإتاحة هوامش لتمويل التعويضات العائلية.
وأشارت الوثيقة إلى أن تعميم التعويضات العائلية للأطفال والأسر غير المستفدين منها يشكل محوراً أساسياً لمشروع إصلاح وتعميم الحماية الاجتماعية الجاري تنفيذه حالياً، وذلك تفعيلا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، وستدخل هاته التعويضات حيز التنفيذ خلال سنتي 2023 و2024. وعلى هذا الأساس سيتم الرفع التدريجي للدعم عن المواد المتبقية في صندوق المقاصة (غاز البوتان والسكر ودقيق القمح اللين)، وفقا لجدول زمني قيد الدراسة.
وكشفت الوثيقة أنه، في انتظار وضع الشروط القبلية اللازمة لتفعيل الرفع التدريجي للدعم المذكور، تمت برمجة غلاف إجمالي يبلغ 25,98 مليار درهم، في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2023، لمواصلة دعم أسعار غاز البوتان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين.
واعتبرت الوثيقة نفسها أن مشروع إصلاح الحماية الاجتماعية، الذي يحظى بتتبع وعناية خاصة من الملك، يعتبر ثورة اجتماعية ستمكن من تحقيق نتائج مباشرة وملموسة لتحسين ظروف عيش المواطنين وصيانة كرامتهم وتقليص الفقر والهشاشة إضافة إلى دعم القدرة الشرائية للأسر، حيث ستواصل الحكومة، في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2023، تنفيذ ورش تعميم الحماية الاجتماعية من خلال اتخاذ التدابير القانونية والمالية والتنظيمية لضمان تنزيل فعال لهذا الورش، من خلال العمل على بلورة تصور للإجراءات التي سيتم اعتمادها من أجل تعميم التعويضات العائلية، والمرتقب تنزيلها ابتداء من سنة 2023، حيث سيستفيد منها حوالي 7 ملايين طفل في سن التمدرس و3 ملايين أسرة بدون أطفال في سن التمدرس.
كلفة مالية
أفاد تقرير حول المقاصة مرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2023، بأن الاضطرابات التي عرفتها السوق الدولية للمنتجات المدعمة، تزايدت بشكل كبير منذ ظهورها سنة 2020، على إثر جائحة كوفيد 19، وازدادت تفاقما بسبب نشوب الحرب في أوكرانيا في مستهل سنة 2022.
وفي ظل هذا السياق، تضيف الوثيقة، شهدت التجارة العالمية للمواد الأساسية سلسلة من التغيرات العميقة، على مدار السنتين الماضيتين، بسبب عدم اليقين الدائم المرتبط بالعرض والطلب، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الخدمات اللوجستية والشحن البحري. ونتيجة لذلك عرفت سلاسل التوريد العالمية، من جديد، اختلالات كبيرة، خلال سنة 2022، دفعت أسعار هذه المواد إلى مستويات تاريخية، متسببة بذلك في ارتفاع معدلات التضخم على المستوى الدولي.
وتأثرت أسواق النفط والغاز الدولية إلى حد كبير باختلال التدفقات التجارية وانخفاض مستويات المخزون العالمي، حيث سجلت أسعار النفط الخام وغاز البوتان ارتفاعا حادا بنسب ناهزت 57 و41% على التوالي، خلال الفترة الممتدة من يناير إلى غشت 2022 مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2021.
من جانبها حطمت أسعار المنتجات البترولية السائلة أرقاما قياسية تاريخية، مسجلة، خلال الفترة نفسها، زيادات تقدر بـ 99 % بالنسبة للغازوال وبـ 74% بالنسبة للبنزين، وذلك مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2021، فيما تأثرت أسواق المنتجات الغذائية بتعطل الصادرات الغذائية من روسيا وأوكرانيا من جهة، وبزيادة أسعار الوقود والأسمدة من ناحية أخرى، وعرفت بدورها قلة في الإمدادات وصعوبات في تلبية طلبات الاستيراد من طرف الدول المصدرة، وارتفاعا في الأسعار على المستوى العالمي. ونتيجة لذلك عرفت الأسعار الدولية للقمح اللين وللسكر الخام ارتفاعا مهما خلال الفترة الممتدة من يناير إلى غشت 2022، بنسب تقدر بـ 38 و10% على التوالي، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2021.
ولمواجهة تداعيات الارتفاع المهول في الأسعار العالمية للمواد المدعمة على السوق الداخلي، اتخذت الحكومة مجموعة من التدابير قصد ضمان تأمين إمدادات البلاد من هذه المواد وكذا الحد من تراجع القدرة الشرائية للمواطن.
أما في ما يخص المنتجات البترولية، فتجدر الإشارة إلى استمرار دعم قنينة غاز البوتان من فئة 12 كيلوغراما بحوالي 99 درهما خلال الفترة الممتدة من يناير إلى غشت 2022، أي بمجهود إضافي يقدر بـ 80% مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. وعليه يمكن أن تسجل تكلفة دعم غاز البوتان، برسم هذه السنة، زيادة بنسبة 52% مقارنة مع السنة الماضية، متجاوزة بذلك 22 مليار درهم.
أما بالنسبة للمحروقات، وبغرض الحفاظ على استقرار تعريفة نقل الأشخاص والبضائع، تم إطلاق عملية تقديم الدعم الاستثنائي المباشر المخصص لجميع مهنيي قطاع النقل الطرقي للأشخاص والبضائع، وذلك عن كل عربة.
دعم القدرة الشرائية
تم تفعيل إجراءات إضافية، بخصوص المنتجات الغذائية، قصد ضمان الاستيراد من أجل تأمين إمدادات منتظمة للبلاد وفي أفضل الظروف. فبالنسبة للقمح اللين، ونظراً للارتفاع التاريخي الكبير لأسعاره على الصعيد العالمي وتراجع الإنتاج الوطني لهذا الموسم بسبب الجفاف، ومن أجل ضمان استقرار سعر الخبز عند 1,20 درهم، عمدت الحكومة إلى سن دعم جزافي عند الاستيراد، بالإضافة إلى وقف استيفاء الرسوم الجمركية المطبقة على القمح اللين طيلة سنة 2022.
وعلى هذا الأساس، وبالنظر إلى التأثير المشترك لارتفاع الدعم الجزافي والكميات المستوردة إلى مستويات غير مسبوقة، فإن الاعتمادات المالية السنوية اللازمة لتغطية تكلفة دعم القمح عند الاستيراد يمكن أن تتجاوز 8.5 ملايير درهم دون احتساب الدعم السنوي للدقيق الوطني للقمح اللين والبالغ 1.3 ملايير درهم.
أما في ما يتعلق بالسكر الخام، ومن أجل تعويض العجز في الإنتاج الوطني من السكر ومواجهة الارتفاع الحاد في أسعاره العالمية، أعيد تفعيل نظام الدعم عند الاستيراد بشكل تلقاني، ما قد يؤدي إلى زيادة إضافية متوقعة لتكلفة الدعم السنوية تتجاوز 1.3 مليار درهم. أما بالنسبة للسكر المكرر، فتواصل الحكومة دعم الاستهلاك الوطني لهذا المنتج بغلاف مالي سنوي يقارب 3.5 ملايير درهم. وبناء عليه يمكن أن تسجل تكلفة المقاصة المتوقعة، برسم سنة 2022، بدون احتساب دعم مهنيي النقل، ارتفاعا بنحو 72% مقارنة بسنة 2021، ونظراً لهذه الارتفاعات الملحوظة في مبالغ الدعم وتكلفة المقاصة، ووفاء منها بالتزامها الثابت بحماية القدرة الشرائية للمواطنين، عمدت الحكومة، خلال سنة 2022، إلى برمجة اعتمادات إضافية لدعم الأسعار عند الاستهلاك تقدر بـ 16 مليار درهم لتصل بذلك الاعتمادات المفتوحة للمقاصة إلى 32 مليار درهم نهاية شهر شتنبر.
من جانب آخر، وفي سياق دولي متسم بتعاقب عدة أزمات واستمرار حالة عدم اليقين التي تسود أسواق المواد المدعمة وتأثيرها على ميزانية الدولة من جهة، ومن أجل الانخراط في التوجهات الاستراتيجية الكبرى لورش إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية الرامية إلى تفعيل التعويضات العائلية لدعم الفئات المستهدفة من جهة أخرى، من المنتظر مواصلة الرفع التدريجي للدعم عن المواد المدعمة المتبقية.
وفي انتظار وضع الشروط القبلية اللازمة لتفعيل الرفع التدريجي للدعم المذكور، تمت برمجة غلاف مالي إجمالي يبلغ 25,98 مليار درهم في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2023 لمواصلة دعم أسعار غاز البوتان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين.
ضغوطات التضخم
بعد ارتفاع معدل التضخم إلى مستويات قياسية، خلال هذه السنة، كشفت وزارة الاقتصاد والمالية، في رد مكتوب على أسئلة المستشارين البرلمانيين، أثناء مناقشة مشروع قانون المالية، أسباب ارتفاع التضخم وتوقعت تراجع معدل التضخم في سنة 2023.
وحسب توقعات الوزارة، فإن مؤشر أسعار التضخم سيبلغ حوالي 6% خلال سنة 2022 و2% في سنة 2023. وأشارت الوزارة، في هذا الصدد، إلى أن هذه التوقعات تتماشى مع توقعات بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط.
وفي ما يتعلق بسنة 2022، أكدت الوزارة على أن المغرب عانى من موجة تضخم غير مسبوقة، ناتجة بشكل أساسي عن الظرفية الدولية التي عرفت اختلالا في التوازن بين العرض والطلب عقب استئناف النشاط بعد أزمة كوفيد 19 والأزمة في أوكرانيا التي أدت إلى تفاقم الارتفاع في أسعار الطاقة والمواد الأولية، وهكذا بلغ معدل التضخم في المغرب 8.3% ما بين شتنبر 2021 والشهر نفسه من سنة 2022.
وأبرزت الوزارة أن نسبة 84% من هذا التضخم ترجع إلى مصدرين أساسيين، هما ارتفاع أسعار المواد الغذائية ارتباطا بالارتفاع الكبير لأسعار هذه المواد في السوق الدولية، والذي صادف سنة جفاف حاد على المستوى الوطني، وتساهم هذه المواد بـ 5.6 نقطة من التضخم الإجمالي، والمصدر الثاني هو الزيادة في أسعار النقل والمرتبطة ارتباطاً مباشراً بالارتفاع غير المسبوق على المستوى الدولي (104 دولار للبرميل) وتبلغ مساهمة هذه المنتجات 1.4 نقطة.
وبهدف التخفيف من تأثير الاضطرابات الاقتصادية الدولية على الاقتصاد المغربي خلال سنة 2022، أفادت الوزارة بأن الدولة اتخذت العديد من الإجراءات الإضافية المتعلقة بالميزانية. وتتعلق أهم التدابير بالدعم الإضافي لبعض المنتجات الأساسية (الدقيق والسكر والبوتان) ودعم أسعار النقل.
ومكن هذا الجهد الكبير في الميزانية، حسب الوزارة، من احتواء التضخم والحفاظ على القدرة الشرائية للأسر ولا سيما المعوزة. وأظهرت دراسة حديثة أعدتها وزارة الاقتصاد والمالية أن الدعم الإضافي للدولة مكن من الحفاظ على القدرة الشرائية للأسر.
وفي غياب هذا الجهد، كشفت الوزارة أن الأسر كانت ستعاني من ارتفاع كبير في الأسعار عند الاستهلاك، ما كان سيؤدي إلى زيادة في المستوى العام للأسعار بنسبة 3% مقارنة بالسيناريو بدون هذه الإجراءات، وأبرزت أن الحفاظ على القدرة الشرائية يفيد أكثر 10% من الأسر الأكثر فقرا. ولولا جهود الميزانية هذه كان سعر سلة استهلاك هذه الفئة سيكون أعلى بنسبة 5.8%.
وبالنسبة لسنة 2023، تتوقع الحكومة أن تشهد الضغوط التضخمية التي لوحظت سنة 2022 تراجعا، وذلك لعدة أسباب، منها ما يتعلق بالضغوط التضخمية ذات المصدر الخارجي، حيث من المتوقع، بحسب تقارير المنظمات الدولية المختلفة، أن ينخفض التضخم تدريجياً سنة 2023، اعتبارا لتباطؤ النمو العالمي، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي نموا عالميا بنسبة 2.7% مقابل 3.2% سنة 2022، الآثار الملموسة لتشديد السياسة النقدية الذي نفذته معظم البنوك المركزية الرئيسية، والتي رفعت أسعار فائدتها الرئيسية تخفيف حدة الضغوط على أسعار المواد الأولية. وبحسب آخر توقعات صندوق النقد الدولي، من المنتظر أن ينخفض سعر البرميل من 104 دولار إلى 93 دولار، أي بانخفاض نسبته 10.6%، بالإضافة إلى تبديد التوترات المتعلقة بالإمدادات.
وفي ما يتعلق بالضغوط التضخمية ذات المصدر الداخلي، من المتوقع تراجع أسعار المواد الغذائية، على أساس فرضية تحقيق محصول فلاحي متوسط، ومواصلة الإجراءات الرامية للحد من ارتفاع الأسعار على المستوى العالمي، على غرار نفقات المقاصة وبعض برامج الدعم، مع تأثير الإجراءات النقدية المرتبطة بقرار بنك المغرب رفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 92 لضمان شروط عودة سريعة إلى مستويات تتماشى مع هدف استقرار الأسعار. وأكدت الوزارة أن تبديد الضغوط التضخمية الداخلية والخارجية من شأنه أن يحد بشكل فعال من ارتفاع الأسعار على المدى المتوسط.
السجل الاجتماعي الموحد سيكون قاعدة للاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي
بعدما شرعت وزارة الداخلية في المرحلة التجريبية لإحداث السجل الوطني للسكان بعمالة الرباط وإقليم القنيطرة، شرعت في وضع الترتيبات وتوفير الموارد البشرية واللوجيستيكية لتعميم السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد على مجموع جهات المملكة، خلال الفترة الممتدة ما بين 2023 و2025.
وتعمل الحكومة حاليا على وضع السجل الاجتماعي الموحد والسجل الوطني للسكان، وتفعيل الوكالة الوطنية للسجلات، وتهدف إلى تحديد الفئات المستهدفة من برامج الحماية الاجتماعية ووضع نظام للتحقق من الهوية الاجتماعية للسكان المقيمين في المغرب. وتكتسي هذه الآلية أهمية قصوى نظرا لدورها في تحقيق استهداف فعال للأشخاص الأكثر استحقاقا لبرامج الدعم الاجتماعي.
وسيمكن السجل الوطني للسكان من إحصاء واستهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، حيث يحدد كيفيات منح «التعريف المدني والاجتماعي الرقمي (IDCS)»، وكذا شروط وكيفيات التحقق من صدقية المعطيات الشخصية المدلى بها للإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية والخاصة.
السجل الوطني للسكان نظام معلوماتي وطني لتسجيل المواطنين المغاربة والأجانب المقيمين بالمغرب، يمنح لكل شخص مسجل رقما فريدا يسمى المعرف المدني والاجتماعي الرقمي، وهو أساسي للتسجيل في السجل الاجتماعي الموحد. ويوفر السجل الوطني للسكان خدمة التحقق الآني من صدقية المعطيات، بينما السجل الاجتماعي الموحد نظام معلوماتي وطني لتسجيل واستهداف الأسر الراغبة في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي.
ويحدد السجل الاجتماعي الموحد البرنامج الاجتماعي الملائم لكل مستفيد (تيسير، ودعم الأرامل، إلخ). ويهدف إلى تحديد إجراءات التسجيل في هذا السجل وتنقيط الأسر المسجلة في السجل الاجتماعي الموحد وكذا التصريح بجميع التغييرات التي تهم المعطيات التي تم إدخالها عند التسجيل والإدلاء بطلب مراجعة تنقيط الأسر وكذا كيفيات إلغاء التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد. ويسعى هذا السجل إلى تجميع البرامج في نظام مندمج للسياسات العمومية، إذ يراهن على ضمان فعالية النفقات الموجهة للبرامج الاجتماعية من خلال آليات استهداف أكثر وضوحا، وستناط بالوكالة الوطنية للسجلات مهمة تدبير هذين السجلين.
وتحرص الحكومة على تسريع إخراج السجل الاجتماعي الموحد ووضع آليات تتبعه، وكذا مواصلة تنزيل ورش الحماية الاجتماعية في احترام تام للأجندة الملكية. وشدد رئيس الحكومة على أن السجل الاجتماعي الموحد جزء من منظور متكامل لتعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، بما في ذلك استكمال التغطية الصحية الإجبارية في أفق 2022 وتعميم التعويضات العائلية في نهاية 2023.
وأشار بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة إلى أنه، بعد استحضار التوجيهات الملكية السامية بخصوص السجل الاجتماعي الموحد المتضمنة في خطاب عيد العرش، دعا رئيس الحكومة الجميع إلى التجند والتعبئة الشاملة من أجل التفعيل والتنزيل السليمين لهذا الورش، باعتباره الآلية الأنجع لاستهداف الأسر الفقيرة والمعوزة، وأضاف أن السجل الاجتماعي الموحد خطوة عملية هامة لتحسين مردودية البرامج الاجتماعية.
وأبرز أخنوش، في تصريح للصحافة، أن نظام السجل الاجتماعي الموحد، الذي تشتغل عليه الحكومة، يشكل مدخلا لتمكين المواطنين من الدعم المباشر، وأوضح أن الاجتماع خصص للوقوف على مدى تقدم تفعيل هذا السجل، وتسريع عملية تنزيل ورش الحماية الاجتماعية بما يتماشى مع الرؤية الملكية.
وبعد أن استحضر تأكيد الملك، في خطاب عيد العرش، على تعزيز ورش الحماية الاجتماعية وتنزيله في أحسن الظروف، سجل رئيس الحكومة أن تفعيل هذه الآلية سيساعد على تحديد المحتاجين للدعم، وأشار، في هذا الصدد، إلى أن المنتسبين إلى نظام المساعدة الطبية «راميد» سيتم تحويلهم إلى نظام التأمين الإجباري عن المرض متم السنة الجارية، على أن يتم، في أواخر السنة المقبلة، تقديم الدعم المباشر للأسر التي لديها أبناء يتابعون دراستهم (7 ملايين)، وكذا للأسر في وضعية هشاشة (3 ملايين).
من جانبه، أكد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، أمام البرلمان، أن عملية إخراج السجل الاجتماعي الموحد تمر في أحسن الظروف، وأن العمل بهذا السجل سيتم في القريب العاجل. وأكد الوزير أن هذه العملية ستساهم في الاستهداف الحقيقي للأشخاص المحتاجين للدعم الخاص بجميع عمليات الدعم العمومي الموجودة، مضيفا أن المرحلة التجريبية لتنزيل هذا الورش، التي انطلقت في كل من الرباط والقنيطرة، ستستمر إلى غاية نهاية السنة الجارية، قبل تعميمها على صعيد التراب الوطني.
وكان البرلمان صادق على القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، يهدف إلى وضع منظومة وطنية لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، من خلال إحداث سجل اجتماعي موحد وسجل وطني للسكان، يكون الغرض منهما تحديد الفئات المستهدفة، من أجل تمكينها من الاستفادة من البرامج المذكورة، وكذا إحداث وكالة وطنية لتدبير السجلات المتعلقة بهذه المنظومة.
ويروم هذا القانون إرساء منظومة وطنية متكاملة ومندمجة لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، تستند على معايير دقيقة وموضوعية وتعتمد على التكنولوجيات الحديثة لتوفيرها، كما يهدف إلى إحداث آليات لتعزيز التناسق بين برامج الدعم الاجتماعي، من خلال وضع تصور موحد لتنفيذ هذه البرامج بشكل منصف وشفاف، وتجاوز الإشكاليات التقنية التي تعيق إيصال الاستفادة الفعلية من هذه البرامج إلى الفئات التي تستحقها فعليا، بالإضافة إلى ضمان التنسيق والالتقائية في برامج الدعم الاجتماعي قصد الرفع من فعاليتها ونجاعتها.
وأصدرت الحكومة مرسوما يندرج في إطار تطبيق القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، وذلك في إطار الاستعداد لتعميم السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد.
وجاء هذا المرسوم لوضع الإطار المؤسساتي المتعلق بالوكالة الوطنية للسجلات حتى تتمكن من تحقيق الأهداف المنوطة بها، من خلال المساهمة في ورش إصلاح وتجديد منظومة الدعم الاجتماعي. ويعهد هذا المرسوم رئاسة مجلس إدارة هذه الوكالة إلى رئيس الحكومة، ويخول للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية صلاحية ممارسة وصاية الدولة عليها. ويتألف مجلس إدارة هذه الوكالة من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية أو من يمثلها، والسلطة الحكومية المكلفة بالاقتصاد والمالية أو من يمثلها، والسلطة الحكومية المكلفة بالفلاحة أو من يمثلها، والسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية أو من يمثلها، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة أو من يمثلها، والسلطة الحكومية المكلفة بإدارة الدفاع الوطني أو من يمثلها والمندوب السامي للتخطيط أو من يمثله.
الدعم المباشر.. خطة الحكومة لإصلاح صندوق المقاصة
تجدد الجدل من جديد حول صندوق المقاصة مع بداية مناقشة مشروع قانون مالية 2023 في البرلمان، في ظل التوجه نحو الدعم المباشر للأسر المعوزة. وفي هذا السياق، قال فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالموازنة، خلال الندوة الصحفية المخصص لعرض مشروع قانون المالية لعام 2023، إن الأشخاص ذوي القوة الشرائية المنخفضة هم أقل استفادة من هذه الإعانات. وأكد لقجع أن الحكومة تعتزم الانتقال من دعم غاز البوتان إلى تقديم دعم مباشر، لمواصلة مواجهة ارتفاع الأسعار العالمية، مشيرا إلى وسائل منح الدعم للسكان المستهدفين وتوزيع الدعم المباشر على الأسر الأكثر فقرا.
ولضمان فعالية هذا النظام، قال لقجع إن خطة العمل لعام 2023 تنص على أن المساعدات المباشرة ستُمنح مباشرة للمعنيين، من خلال التحويلات المالية المباشرة. وشدد على أنه «اعتبارا من هذا العام، سنخصص 20 مليار درهم لتوجيه المساعدات لصالح الأسر التي تعيش في حالة من الهشاشة» ، خاصة وأن «دعم الغاز لا يفيد بشكل كبير الأسر غير المستقرة، التي لا يزيد استهلاكها على قنينة غاز واحدة شهريا».
وشدد الوزير ذاته في هذا الصدد على أهمية تحسين مساهمة الشركات الكبرى التي تحقق ربحا صافيا بأكثر من 100 مليون درهم، والتي ستخضع للضريبة بنسبة 35 في المائة، بما فيها تلك التي تمارس أنشطة في وضعية احتكار، موضحا أن ذلك سيمكن من تكريس مبدأ التضامن الاجتماعي والحياد المالي، وسيكون له أثر كبير على إصلاح صندوق المقاصة واستهداف الأسر الفقيرة والهشة ضمن البرامج الاجتماعية، وقال: «استغرقت منا مناقشة صندوق المقاصة والاستهداف في المغرب 10 سنوات، وكنا وما زلنا متفقين على أن الدعم الشامل لصندوق المقاصة كان دائما يأتي بنتائج عكسية»، مشيرا إلى أن الأشخاص ذوي القوة الشرائية المنخفضة هم الأقل استفادة من هذا الدعم.
وقال لقجع إنه «ينبغي بعد ذلك الانتقال من هذا الدعم إلى الدعم المباشر عبر التحويلات المالية المباشرة، وهذا ما ينص عليه مشروع قانون مالية سنة 2023». وأضاف: «سنخصص ابتداء من هذه السنة، 20 مليار درهم للدعم المباشر لفائدة الأسر التي تعيش وضعية هشاشة»، مشيرا إلى أن دعم الغاز لا تستفيد منه بشكل كبير الأسر في وضعية هشاشة، التي لا تستهلك أكثر من قارورة غاز واحدة شهريا. وإلى جانب لقجع، شارك في هذا اللقاء مع الصحافة كل من نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، ومصطفى بايتاس، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة.
وتجدد الحكومة تأكيدها على كونها مستمرة في العمل بآلية صندوق المقاصة، إلى حين إصدار السجل الاجتماعي الموحد، معتبرة أن مشروع قانون مالية 2023 نص على الدعم المخصص لصندوق المقاصة، وأن الحكومة ضخت هذا العام 32 مليار درهم فيه لحدود اليوم، مشددة على أن الحكومة تشتغل بهذه الآلية، بسبب غياب السجل الاجتماعي الذي يحدد الأسر المحتاجة وغير المحتاجة، وأنه «بعدما يجهز السجل الاجتماعي وتحديد المغاربة الذين هم في حالة عوز، والشروع في صرف التعويضات العائلية، آنذاك سيكون الحديث حول وقف الدعم عبر المقاصة».
هذا الدعم المباشر الذي يهم 7 ملايين من الأطفال في سن التمدرس و3 ملايين أسرة ليس لديها أطفال أو ليس لديها أطفال متمدرسون، سيتم إقراره بعد الانتهاء من ورش السجل الاجتماعي الموحد. وحول إمكانية الاستغناء عن دعم صندوق المقاصة، أجاب بايتاس بأن الحكومة تشتغل حاليا بآلية صندوق المقاصة التي ضخت فيه حتى الآن ما مجموعه 32 مليار درهم هذا العام، لأنها لا تتوفر حاليا على سجل اجتماعي موحد يحدد المواطنين الذين هم بحاجة إلى الدعم المباشر.
ولفت الناطق الرسمي باسم الحكومة إلى أن السجل الاجتماعي الموحد يتم تجريبه في منطقة الرباط، وسيمكن هذا السجل من توفير المعطيات الدقيقة حول الفئات المعوزة، وبناء عليه سيتم إقرار الدعم للفئات الفقيرة. مبرزا أن الحكومة ستشرع في تقديم دعم مباشر للأسر المقبلة على شراء سكن أول مرة وكذا المقبلين على الزواج، بدل المساطر التي كانت تدبر بها هذه المسألة، وقد حددت الحكومة، يضيف الوزير، فئة السكن بقيمة 300 ألف درهم (30 مليون سنتيم)، وكذا 600 ألف درهم (60 مليون سنتيم)، والقرارات التنظيمية ستفصل في هذا الدعم، وستصدر في وقت لاحق بعد المصادقة على قانون المالية، مبرزا أن «الحكومة تبذل مجهودات كبيرة، لكن هناك ضرورة لإعادة النظر في مجموعة من القوانين المنظمة، وجزء من الحلول موجود في القوانين التي تشتغل عليها الحكومة الآن، وبيد وزير العدل».
ثلاثة أسئلة لعبد الحفيظ أدمينو*
أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالرباط
«إصلاح صندوق المقاصة يرتبط بسياقات متعددة والحكومة مطالبة بحماية الطبقة الوسطى»
- ما مدى راهنية ملف إصلاح صندوق المقاصة في الظرفية الحالية؟
أولا يجب التأكيد على أن موضوع إصلاح صندوق المقاصة ليس وليد اللحظة أو مع هذه الحكومة، بل هو نقاش قديم منذ الحكومتين السابقتين، واللتين أكدتا غير ما مرة أنهما عازمتان على إصلاح المقاصة، وقد لاحظنا كيف أن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، صرح في مناسبات أنه قد أحس بالندم لعدم خوضه في مجموعة من الإصلاحات الخاصة بالصندوق، وهي الإصلاحات التي تتمثل بحسبه في رفع الدعم عن المواد الأساسية المدعمة.
لكن الآن، يتضح أن السياق يختلف لعدة عناصر، منها أن إصلاح صندوق المقاصة، وخاصة في ما يتعلق بدعم مادة الغاز، والسكر، والدقيق، يرتبط بتوجه الحكومة الحالية نحو تفعيل برنامج الاستهداف الاجتماعي، والمعلوم أن الهدف من هذا البرنامج في الأساس هو توجيه صرف الدعم للفئات التي تستحقه، وبالتالي فقد صدر القانون بهذا الخصوص، وقد بدأت مرحلة التدريب على مستوى الجهات على تنزيله وتسجيل الفئات المعنية، وهذا بهدف أولا، إحصاء هذه الفئات من المعنيين بهذا الدعم، وتحديد الفئة المستحقة له، وانطلاقا من ذلك أتصور أن إصلاح المقاصة قد يبدو نتيجة لهذه التدابير في هذا السياق، وبطبيعة الحال، فالحديث يجب أن يستثني الطبقة الوسطى التي تستفيد بدورها من دعم صندوق المقاصة، والتي هي الأخرى مازالت في حاجة إلى دعم وليست في غنى عنه، والسؤال المطروح على الحكومة، هو كيف يمكن لهذه الصيغة من الإصلاح التي تعتمد على تخصيص دعم للفئة الهشة والفقيرة، أن تجيب عن تساؤلات الطبقة المتوسطة؟، وهل يؤثر هذا على الطبقة المتوسطة، علما أن عدم وجود طبقة وسطى أو ضعف هذه الطبقة، له من المخاطر على السلم الاجتماعي، على اعتبار أن الطبقة الوسطى هي صمام الأمان، ولها دور في التحريك الاقتصادي، وبالتالي يجب أن يكون إصلاحا يستحضر كيفية التعاطي مع مختلف الفئات الاجتماعية ككل انطلاقا من مواردها ومداخلها ومساهمتها في الدورة الاقتصادية.
- هل تصور الحكومة لهذا الإصلاح حمل جديدا بالمقارنة مع توجه الحكومة السابقة؟
الواضح أن التصور الذي تسير على نهجه الحكومة في إصلاح صندوق المقاصة، هو نفس التصور للحكومات السابقة بخصوص الملف، والمشكل اليوم هو أنه، بعد تخلص الدولة من دعم المواد البيترولية، وهو القرار الذي تقول إنه جيد وجنبها أزمة اقتصادية، بدأنا نجد حديثا عن إلغاء الدعم المخصص للغاز بشكل أساسي ثم السكر، لكن ونظرا لتأخر تعميم السجل الاجتماعي، وعملية الدعم الاجتماعي برمتها، تم ربما تأجيل هذا القرار، وأتصور أن انتهاء الأسس الرئيسية للسجل الاجتماعي سيجعل هذا القرار برفع الدعم عن الغاز ممكن التطبيق، وهو ما ستعمل عليه الحكومة.
وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى أنه على مستوى دعم الدولة للمواد الأساسية، فقد عرف المغرب العشرات من البرامج الموجهة لهذا الخصوص، وهي البرامج التي صرفت فيها المليارات من الدراهم، لكن تأثير هذه البرامج على السكان كان محدودا، حيث إن أزمة كورونا الأخيرة بينت أن تلك برامج لم يكن لها التأثير الإيجابي المطلوب، خاصة أنه في ظرف سنتين وصلنا لزيادة في عدد الفقراء والذين تجاوزا 3 ملايين فقير، كما أن الطبقة الوسطى في المغرب، من جهة ثانية مهددة بالنظر إلى استقرار أجورها والزيادة في الأسعار، وقد لاحظنا القرار الذي اتخذته الحكومة بخصوص دعم السكن للطبقة الوسطى ودعمها في اقتناء السكن الأساسي، أتصور أن لا يكون له تأثير، مع انخفاض سوق العقار خصوصا مع رفع بنك المغرب من سعر الفائدة الرئيسي، وهو ما لن يشجع الموظفين على التوجه للبنوك، التي تبقى مآلهم المالي في حال رغبتهم في اقتناء العقار ودعم قدرتهم الشرائية.
- هل يؤثر حذف صندوق المقاصة على القدرة الشرائية للطبقة الوسطى؟
لقد وجب التفكير في ظل الاستقرار في الأجور وعدم إمكانية زيادة عامة للموظفين، فلا يمكن أن تكون الطبقة الوسطى هي التي تؤدي التكلفة الاقتصادية في عدد من الجوانب، ويجب أن يتم توجيه البرامج في جميع المجالات، خصوصا في المجالات التي من شأنها دعم القدرة الشرائية للمواطنين في الطبقة الوسطى، بالشكل الذي يجعلها قادرة على الصمود في وجه التقلبات الاقتصادية، خصوصا أن هذه الطبقة الوسطى هي صمام السلم الاجتماعي، وهي خزان الاستهلاك وتساهم في التضامن الاجتماعي، وهي أساس البنية الاجتماعية، ويبدو أن المدخل الذي تنادي به الطبقة الوسطى، هو المدخل الضريبي، من خلال تخفيض الضريبة، والحكومة اليوم مطالبة بالبحث عن حلول مبتكرة من أجل دعم وتمويل مشاريع جديدة، وإلا فإن الطبقة الوسطى والتي تؤدي من خلال الضريبة على الدخل جانبا هاما من مصاريف مالية الدولة، ستبقى الممول الرئيسي والمزود الأساس لتلك المالية.