محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادرها، أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أنهت أبحاثها في الخروقات والاختلالات التي شابت صفقة اقتناء الرادارات الثابتة لمراقبة السرعة، التي أطلقتها وزارة النقل واللوجستيك سنة 2018، في عهد الوزير الأسبق، عبد القادر اعمارة، وكلفت خزينة الدولة ما يزيد على 27 مليار سنتيم.
وأفادت المصادر بأن زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أحالت تقرير المجلس حول صفقة الرادارات الثابتة لمراقبة السرعة على رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، لكون هذا التقرير يتضمن اختلالات تكتسي صبغة جنائية. وبعد دراسة التقرير من طرف الخلية المحدثة برئاسة النيابة العامة، تقررت إحالة التقرير على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي كلف بدوره الفرقة الوطنية للشرطة القصائد بإجراء أبحاث وتحريات قضائية بخصوص التقرير. وأكدت المصادر أن الفرقة الوطنية أنهت البحث في هذا الملف، وأحالت نتائجه مرفقا بالمحاضر المنكرة على أنظار الوكيل العام للملك، خلال الأسبوع الماضي، وكلف الوكيل العام نائبه المكلف بجرائم الأموال بدراسة الملف قبل اتخاذ المتعين بشأنه.
وحسب تقرير المجلس الأعلى للحسابات، قررت الوزارة المكلفة بالنقل واللوجستيك سنة 2018، اقتناء 552 رادارا من الجيل الجديد، بمبلغ إجمالي قدره 276 مليون درهم، لتغطية جميع جهات المملكة، ورصد قضاة المجلس عدة اختلالات شابت عملية اقتناء وتركيب الرادارات الثابتة لمراقبة سرعة العربات، وأشار التقرير إلى أن عملية تركيب الرادارات تمر بعدة مراحل أهمها القيام بأشغال التثبيت والربط بشبكة الكهرباء، وإجراء الاختبارات التقنية لتشغيلها، ثم تسلم المعدات من طرف اللجنة المعينة من طرف الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية.
وأفاد التقرير بأنه، بعد انصرام ثلاث سنوات من تاريخ المصادقة على الصفقات المخصصة لاقتناء هذه الرادارات في دجنبر 2018، لم يتجاوز معدل تركيبها %12 من مجموع العتاد (أي 66 رادارا من أصل 552 تم اقتناؤها إلى حدود نهاية فبراير 2022)، مقابل 29% من الرادارات في طور التركيب و59% لم يتم تركيبها بعد.
وأكد التقرير أن فعالية نظام مراقبة السرعة بالرادارات تبقى محدودة، بالنظر إلى ارتفاع حجم المخالفات التي يتم إلغاؤها بعد معاينتها، بحيث تم تقدير مبالغ الغرامات المحتملة المقابلة لها بما يزيد على 3.881 مليون درهم، خلال الفترة 2015- 2021، أي ما يعادل 554 مليون درهم في السنة، وتعود أسباب هذه الوضعية إلى وجود مشاكل تقنية أو متعلقة بالتبليغ أو بتقادم المخالفات، سواء في مرحلة معالجتها على مستوى الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية أو بعد إحالتها على المحاكم المختصة.
وخلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2021، بلغ عدد المخالفات الملتقطة بواسطة الرادارات الثابتة، أزيد من 17 مليون مخالفة. وأدت معالجة هذه المخالفات إلى قبول 8,52 ملايين مخالفة وإلغاء 6,69 ملايين منها، وهو ما يعادل نسبة إلغاء تجاوزت %39. ويعزى هذا الوضع بشكل أساسي إلى ضعف جودة الصور الرقمية الملتقطة، حيث تشكل نسبة المخالفات الملغاة بسبب ضعف جودة الصور الملتقطة حوالي 64% من إجمالي المخالفات الملغاة، أي ما يزيد على 4,27 ملايين مخالفة، وفسر تقرير المجلس هذه الوضعية بالحالة المتردية لكاميرات الرادارات ولعدم مطابقة صفائح التسجيل لمعايير التصنيع (صور داكنة أو ساطعة أو غير واضحة، بالإضافة لتعذر قراءة صفائح المركبة).
ومن بين الاختلالات، كذلك، عدم قدرة الرادار على تحديد المركبة المخالفة، حيث لا تمكن كاميرات الرادارات الثابتة من الجيل القديم من تحديد المركبة المخالفة التي توجد في بعض الوضعيات المرورية (مثل مركبتين متوازيتين أو مركبتين متتابعتين تفصلهما مسافة قصيرة) ويتسبب هذا القصور التقني في إلغاء عدد كبير من المخالفات سنويا، حيث شكلت حوالي 26% من إجمالي المخالفات الملغاة خلال الفترة سالفة الذكر، وإلغاء المخالفات المرتكبة من قبل الدراجات النارية غير المسجلة. وأشار التقرير إلى أنه، على الرغم من إلزامية تسجيل الدراجات النارية بعجلتين، التي تم سنها منذ سنة 2015، فإن العديد من السائقين لا يمتثلون لهذا الإجراء، وهو ما يؤدي إلى إلغاء عدد كبير من المخالفات المرتكبة من طرف هذه المركبات، والتي بلغ مجموعها أزيد من 306.000 مخالفة خلال الفترة نفسها.
وأوضح تقرير المجلس أن الأعوان التابعين للمركز الوطني لمعالجة المخالفات يعتمدون في تحديد هوية مالكي المركبات المخالفة على قاعدة معطيات البطاقات الرمادية للمركبات المسجلة في المغرب، غير أن تحليل رسائل المخالفات المسجلة خلال الفترة 2015- 2021، بين وجود أزيد من مليوني مركبة في حالة انتظار التعرف عليها.
يذكر أن الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية لا تتوفر على منصة مشتركة مع الشركة الوطنية للنقل واللوجستيك من أجل مدها بالمعطيات اللازمة لتحديد مستعملي سيارات الدولة المرتكبة للمخالفات، وخلال الفترة 2015- 2021، بلغ عدد المخالفات الملتقطة لهذه السيارات حوالي 305.895 مخالفة، ما يزيد على 64% منها لم يتم التعرف على مرتكبيها (حوالي 196.777 مخالفة). وأشار التقرير إلى أن ما يزيد على 2.646 مخالفة من شأنها أن تصنف جنحة و20.086 مخالفة من الدرجة الأولى. مع العلم بأن الوكالة الوطنية تقوم بتبليغ محاضر المخالفات الملتقطة إلى الإدارات المعنية، دون أن تقوم هذه الأخيرة بالتبليغ بشكل منتظم عن الموظفين المخالفين.