أصبحت العديد من الصفقات العمومية مهددة بالفسخ، ومنها صفقات تتعلق بمشاريع كبرى، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية، وتأثير ارتفاع نسبة التضخم على العديد من القطاعات الإنتاجية، وتطالب الشركات التي نالت الصفقات بمراجعة الأثمان، حيث وافقت الأمانة العامة للحكومة على رفع سقف مراجعة الأثمان إلى 50 في المائة.
وتوصلت اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية التابعة للأمانة العامة للحكومة بطلبات استشارة من وزراء ومديري مؤسسات وشركات عمومية تابعة للدولة، كشفوا من خلالها أنهم توصلوا بعدة شكايات من الشركات المتعاقدة تطلب من خلالها إعادة التوازن المالي للعقود وذلك من خلال تعديل صيغة مراجعة الأثمان واستبدالها بصيغة أثمان جديدة بالنسبة لبعض الصفقات، أو من خلال الرفع من سقف مراجعة الأثمان المحدد في صفقات أخرى، وذلك اعتمادا على ما جاء في منشور رئيس الحكومة رقم 9/2022 المتعلق بسن تدابير استثنائية للتخفيف من آثار ارتفاع الأسعار وندرة المواد الأولية على الالتزامات التعاقدية في إطار الصفقات العمومية.
وأشار المدير العام لإحدى المؤسسات العمومية، في رسالته إلى الأمانة العامة للحكومة، إلى أن بعض الشركات المتضررة ذهبت إلى حد المطالبة بالفسح لعدم قدرتها على تحمل الأثمان المرتفعة التي تكبدها خسائر محمولة لا يمكنها الاستمرار في تحملها، مؤكدا أن الفسخ ليس في مصلحة المؤسسة وأنه في حال اللجوء إليه، فإن ذلك من شأنه أن يتسبب في تأخير تنفيذ الأشغال، إضافة إلى أن الكلفة المحتملة لعقود جديدة ستكون عالية جدا ومرهقة مما قد يؤدي إلى التوقف عن تنفيذ المشاريع المبرمج ويكبد صاحبها خسائر فادحة.
وفي ردها أوضحت اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية أن منشور رئيس الحكومة رقم 9/2022 نص في ما يخص مراجعة الأثمان على حالتين فقط، تتعلق الحالة الأولى بالصفقات التي تم إنهاؤها وأداء المبالغ الناتجة عنها قبل صدور هذا المنشور، وقبل نشر المؤشرات الجديدة، فإذا ثبت أن جزءا من الأعمال موضوعها تم إنجازه فعلا قبل تحيين المؤشرات من قبل وزارة التجهيز والماء، فإنه يتعين على صاحب المشروع المعني تطبيق المؤشرات المحينة وإعادة احتساب المبلغ الناتج عن مراجعة الأثمان وفق الصيغة المنصوص عليها في الصفقة وذلك بالنسبة للكشف أو الكشوفات الحسابية المؤداة، وبعد تحديد مبلغ مراجعة الأثمان يخصم منها المبلغ الذي سبق أداؤه في إطار الكشوف الحسابية المؤداة ويصرف الباقي المستحق للمقاولة صاحبة الصفقة على شكل تعويض بناء على قرار يتخذه صاحب المشروع استنادا إلى مقتضيات هذا المنشور. وينحصر تطبيق هذا الإجراء على الأشغال التي تم إنجازها ابتداء من فاتح أكتوبر 2021.
وتتعلق الحالة الثانية بالصفقات المبرمة قبل صدور هذا المنشور ولا زالت في طور التنفيذ والتي تبين أن جزءا من الأعمال موضوعها تم تنفيذه خلال المدة المعنية بمراجعة الأثمان، بناء على المؤشرات المحينة والمشار إليها سابقا، فإذا سبق أن تم إعداد كشوف حسابية بشأنها وتم احتساب مراجعة الأثمان بتطبيق المؤشرات المحينة، يتم أداء الفرق بين المبلغين عن طريق التحيين في إطار الكشوف الحسابية اللاحقة لصدور هذا المنشور ولنشر المؤشرات الجديدة، كما يتعين على أصحاب المشاريع احتساب مراجعة الأثمان بناء على آخر المؤشرات المنشورة المؤقتة، على أن تتم إعادة احتساب مبلغ مراجعة الأثمان بتطبيق المؤشرات النهائية بعد نشرها، ويتم أداء الفرق بين المبلغين عن طريق التحيين في إطار الكشوف الحسابية اللاحقة.
ويضيف رأي اللجنة التابعة للأمانة العامة للحكومة، وبحكم أن بعض صفقات أشغال بعض المؤسسات والمقاولات العمومية تنص على أن أثمانها غير قابلة للمراجعة أو تنص على سقف محدد لا يجوز أن يتجاوز المبلغ الناتج عن مراجعة الأثمان، فإنه يمكن لصاحب المشروع إعادة النظر في تلك التي لا تزال في طور التنفيذ ولم تستكمل الأشغال موضوعها بعد والعمل على إبرام عقود ملحقة بشأنها سواء للتنصيص على قابلية أثمانها للمراجعة وتحديد الصيغة المعتمدة في ذلك أو لحذف أو تعديل السقف المنصوص عليه.
وبناء عليه، خلصت اللجنة إلى أن الحلول التي يتيحها منشور رئيس الحكومة تسمح بالرفع من سقف مراجعة الأثمان، لكن تغيير صيغة مراجعة الأثمان لم ينص عليها وبالتالي لا مجال لإعمالها. وأشارت اللجنة إلى أن المادة 54 من دفتر الشروط الإدارية العامة المطبق على صفقات الأشغال، سمحت للسلطة المختصة بالرفع من مراجعة الأثمان إلى حدود 50% ، فإنه، والحالة هذه، يمكن للسلطة المختصة أن ترفع سقف مراجعة الأثمان وفق سلطتها التقديرية.
وترى اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية أنه بوسع صاحب المشروع الرفع من سقف مراجعة الأثمان إلى غاية 50% لصيغة مراجعة الأثمان المنصوص عليها في الصفقات المعنية، غير أنه لا سبيل لتغيير أو تعديل صيغة مراجعة الأثمان اعتمادا على منشور رئيس الحكومة، لأنه لم يتح ذلك ضمن الحالات التي سنها بشأن مراجعة الأثمان ضمن التدابير الاستثنائية المتخذة للتخفيف من آثار ارتفاع الأسعار وندرة المواد الأولية على الالتزامات التعاقدية في إطار الصفقات العمومية.
محمد اليوبي