محمد اليوبي
وصلت فضائح صفقات الوكالة الوطنية للمياه والغابات، التي فجرتها جريدة «الأخبار»، إلى قبة البرلمان، حيث طالبت فرق المعارضة بمجلس النواب المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة المالية بإجراء افتحاص لهذه الصفقات، التي تكلف الملايير سنويا.
وطالب الفريق الاشتراكي من خلال سؤال كتابي وجهه البرلماني سعيد بعزيز إلى نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، بإدراج الصفقات المعلن عنها من طرف الوكالة الوطنية للمياه والغابات من أجل إنتاج الشتائل وغرسها منذ 13 فبراير 2020 إلى اليوم، ضمن جذاذة المخاطر المتعلقة بالمشاريع الممولة من المال العام المبرمجة للافتحاص من طرف المفتشية العامة للمالية.
وأوضح بعزيز في سؤاله أنه منذ إعطاء الملك محمد السادس الانطلاقة لاستراتيجية «غابات المغرب 2020 – 2030» إلى اليوم، لم تشهد الغابات أي تقدم ملموس، بل أكثر من ذلك، توالت الانتكاسات والانتقادات الموجهة إلى تدبير هذا القطاع، رغم ما يصرف عليه من أموال عامة، وأشار إلى أن الوكالة الوطنية للمياه والغابات تخلت عن المشاتل التابعة لها، وانتقلت إلى الإعلان عن صفقات لإنتاج ما بين 40 إلى 50 مليون شتلة سنويا، وانتقل سعر الشتائل من 0,90 إلى 3,50 دراهم، في وقت جعلت فيه الوكالة المشاتل العمومية بتجهيزاتها ومياهها رهن إشارة ممون الشتائل (أي نائل الصفقة)، مع عدم ضبطها لعدد الشتائل المطلوبة، كأن تضع مثلا (إنتاج ما بين 1.260.000 و2.520.000 شتلة)، ويعهد بها إلى ممون غير معتمد في المجال، منهم أحد المحظوظين، الذي تم تنصيبه عضوا بالمجلس الإداري للوكالة بصفته ممثلا للمهنيين، في غياب الهيئات المهنية.
وتحدث بعزيز عن وجود تلاعبات في هذه الصفقات، حيث يتم تغيير بنود كناش التحملات لجعلها على المقاس، حتى يستفيد منها ممونون محددون سلفا، وجعل الصفقة تمتد لمدة ثلاث سنوات دون دراسة قبلية، بدل سنة واحدة فقط، وتجميع الأقاليم والعمالات في إنتاج الشتائل وأشغال الحفر المتعلقة بغرسها، وفي النهاية لا تجد هذه الشتائل طريقها إلى الغرس، بل ترمى وتتلف، إذ يسجل في العديد من المناطق إنتاج الشتائل دون القيام بأشغال الحفر والغرس، وهو ما يعني تعرضها للإتلاف والضياع.
وأكد بعزيز أن الأمر يتعلق بمشاريع فاشلة ممولة من المال العام، وبالتالي فإن المفتشية العامة للمالية يتعين أن تكون على علم بهذا الملف، وتدرجه ضمن جذاذة المخاطر المتعلقة بالبرمجة، في أفق دراسة إمكانية برمجته عاجلا، بعدما تبين أنه لم تباشره إحدى الهيئات الرقابية الأخرى. وأوضح أن وزارة الاقتصاد والمالية، في شخص الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، عملت أخيرا في إطار الرؤية الملكية لتحديث وتعزيز القدرة التنافسية لقطاع المياه والغابات بالمغرب، على توقيع شراكة مالية في سياق التعاون بين المملكة المغربية والبنك الأوروبي للاستثمار، تتضمن عقد تمويل يتعلق ببرنامج غابات شاملة ومستدامة بالمغرب، والذي يهدف إلى التكيف مع تغير المناخ، وتعزيز التنوع البيولوجي، وتعزيز القدرات المؤسسية للوكالة الوطنية للمياه والغابات من أجل التنفيذ الفعال والمنسق لمكونات البرنامج، وهو ما يتطلب متابعة صرف المال العام على أحسن وجه، ومحاسبة المتورطين في سوء تدبيره، وطالب الفريق الاشتراكي بالتعجيل بإجراء افتحاص لصفقات الوكالة، بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ووجه الفريق الاشتراكي سؤالا كتابيا آخر إلى محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري، يطالب من خلاله بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، من خلال الكشف عن عدد الشتائل الغابوية التي تنتج سنويا، حسب عمالات وأقاليم المملكة، منذ 13 فبراير 2020 إلى اليوم، وعدد الشتائل التي أنجزت أشغال الحفر المتعلقة بها، والتي تم غرسها، حسب عمالات وأقاليم المملكة منذ 13 فبراير 2020 إلى اليوم، كما تساءل عن مآل الشتائل التي أنتجت ولم تغرس منذ ذلك التاريخ إلى اليوم، وعدد الشتائل التي يتم إتلافها أو ضياعها سنويا، سواء بشكل عمدي أو غير عمدي. كما طالب بالكشف عن أسماء المقاولات التي نالت الصفقات المتعلقة بإنتاج الشتائل وغرسها، حسب عمالات وأقاليم المملكة، منذ 13 فبراير 2020 إلى اليوم، والمقاولات التي تتوفر على اعتماد، وتلك التي لا تتوفر عليه، بالإضافة إلى الاعتمادات المالية المخصصة لكل صفقة على حدة، ونسبة إنجاز الأشغال موضوع هذه الصفقات، وتساءل كذلك عن المشاتل العمومية التي وضعت رهن إشارة الممونين، وعن أسباب تغييب المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية في هذا الورش.
وبدوره، طالب الفريق الحركي بمجلس النواب بإجراء افتحاص للصفقات التي فوتتها الوكالة الوطنية للمياه والغابات، وأوضح من خلال سؤال كتابي موجه إلى وزير الفلاحة، يحمل توقيع محمد أوزين، الأمين العام للحزب، وإدريس السنتيسي، رئيس الفريق، أن الوكالة وضعت مشاتل لإنتاج الأغراس تابعة للدولة تحت تصرف بعض المقاولات الخاصة، مع إدخال تغييرات على دفتر التحملات تشير إلى استبدال التربة الغابوية الطبيعية بتربة أخرى، في غياب أي دراسة علمية تؤكد ذلك، بالمقابل انتقل ثمن الشتلة الواحدة من 0,99 الى 3.50 دراهم. وأكد الفريق ذاته أن هذه الشتائل لم تجد طريقها للغرس، نظرا إلى غياب صفقات الحفر والتشجير بالتزامن مع صفقات إنتاج الشتائل، وطالب الفريق الوزير بالكشف عن مآل هذه الشتلات المنتجة وغير المغروسة، رغم تكاليفها الباهظة، وعن ظروف تمرير صفقات إنتاج الشجيرات، علما أنه تم رفضها سابقا من طرف وزارة الاقتصاد والمالية لدى الآمرين بالصرف الجهويين برسم سنة 2022.