صفعة في بداية المشوار وقضاء ليلة في مسجد بالجزائر بعد عاصفة ثلجية
حكايات قضاة الملاعب: خليل الرويسي (حكم دولي)
حسن البصري:
حين أدرك خليل الرويسي أن موهبته في فض المنازعات على أرضية الملعب، أقوى من مواهبه كلاعب أو حارس مرمى، قرر اختيار الصفارة هواية له وظل يتطوع لقيادة مباريات فرق الأحياء بمدينة خريبكة قبل أن يصل صداه إلى بوجنيبة وبولنوار ويصبح حكما من حكام عصبة تادلة التي أنجبت العديد من الحكام المغاربة الذي تألقوا وطنيا وعالميا.
صفعة في بداية المشوار
في منتصف الثمانيات ظهر حكم شاب في ملاعب العصبة، حين لفت الأنظار بشخصيته القوية ولياقته البدنية وقدرته على ضبط إيقاع مباريات لازال ملعب العقرب شاهدا عليها، وكلما استقبل الفريق الخريبكي خصما في ملعب الفوسفاط حرص خليل على دخول الملعب، ليس بغاية تشجيع “لوصيكا” أو فريق ضيف، لكن لمتابعة تحركات حكام دوليين وفيديراليين.
في بداية مشواره الرياضي في مجال التحكيم تلقى خليل دروس التحكيم على يد رموز سبقوه لحمل الصفارة، وخضع لتأطير مباشر من الراحل محمد الشهبي رئيس عصبة تادلة والذي شغل منصب رئيس للجنة المركزية للتحكيم بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
آمن خليل بحظوظه وأصر على تسجيل سامه في سجل تاريخ المنطقة التحكيمي التي أنجبت حكاما مثلوا الجهة على المستوى الوطني، على غرار مصطفى كبور المنحدر من مدينة بني ملال، خلال نهاية التسعينيات إلى جانب المصطفى خزان وعبد الرحمان برواد وشرف سهيل.
يقول الحكم خليل الرويسي، إنه في بداية مشواره التحكيمي قد عاش طريفة لن تغيب عن ذهنه، حيث تلقى صفعة من أحد اللاعبين بعد أن قام بطرده في إحدى المقابلات المنضوية تحت لواء العصبة في مدينة الكارة.
فقد فوجئ الحكم بلاعب ينتمي لسلك القوات المساعدة وهو يثور في وجه قرار أصدره خليل، ولم يكتف اللاعب الثائر بالاحتجاج الشفوي بل وجه صفعة للحكم الذي ذهل من هذا التصرف فاضطر لإشهار الورقة الحمراء في وجهه.
حين اشتد عود الحكم الخريبكي أصبح مؤهلا لقيادة أكبر المباريات محليا وقاريا وعربيا، بل أصبح واحدا من قادة الديربي البيضاوي.
كان هناك شبه إجماع على أن الطاهري والعاشري والرويسي من أشد الحكام صلابة وجرأة في الديربي، رغم أن الرجاويين كانوا يتشاءمون أحيانا من تعيين خليل الرويسي لقيادة الديربي إذ غالبا ما تنتهي المواجهات على رقص الأحمر.
تحضير للديربي في روما
من المفارقات الغريبة التي ميزت علاقة الرجل بالديربي ما حصل في مطلع سنة 2010 حين اضطرت مديرية التحكيم إلى تعيين الحكم الدولي خليل الرويسي لقيادة مباراة الديربي رغم أن الحكم كان يقضي إجازته السنوية في الديار الإيطالية، ولم يلتحق بالمغرب إلا مساء يوم الجمعة أي على بعد ساعات من موعد المباراة، وكانت المديرية مضطرة إلى اختيار الحكم الخريبكي، بعد أن تعذر عليها تعيين مجموعة من الحكام البارزين في الدوري المغربي، لاعتبارات ذاتية وموضوعية كالحكم الباعمراني نظرا لأنه قاد آخر مباراة للوداد ضد الكوكب، أو الضحيك الذي قاد الديربي بكثير من الارتباك، فيما استبعدت اللجنة خيار تعيين حكام من الجنوب كالحكم جيد أو النوني أو يارا، علما بأن حكام الدار البيضاء كانوا ممنوعين بالعرف من قيادة مباريات يكون فيها فريق بيضاوي طرفا حتى ولو تعلق الأمر بمباراة ديربي، ورغم وجوده في إيطاليا إلا أن الرويسي ظل حريصا على إجراء حصصه التدريبية بانتظام كي لا يهان عند الامتحان.
لم تخطئ تكهنات الرجاويين فقد مني الرجاء بهزيمة أخرى أمام الوداد، وبدا وكأن صفارة الحكم الرويسي أضحت فألا حسنا على الوداد الذي تفوق على غريمه التقليدي الرجاء بحصة 2-1 في لقاء الديربي الكلاسيكي البيضاوي 109، الذي احتضنه ملعب المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء.
ليلة برد دافئة في مسجد بالجزائر
من الطرائف لازال حكمنا الدولي يذكرها، حكاية حصاره في الجزائر بسبب عاصفة ثلجية، يروي خليل تفاصيل الحكاية لـ”الأخبار” فيقول: “أذكر أنني كنت عائدا من سطيف إلى العاصمة الجزائر في عز شهر يناير، بعد أن قمت بتحكيم مباراة بين وفاق سطيف والسد القطري، برسم كأس الأندية العربية البطلة، كنت برفقة حكمين ساعداني على قيادة المواجهة، وفي طريق عودتنا إلى العاصمة برا، صادفتنا عاصفة ثلجية أغلقت الطريق وجعلت المسافرين يتوقفون في انتظار إجلاء أكوام الثلوج. لم نجد حلا للمشكلة سوى قضاء ليلة في المسجد حيث احتمينا من العاصفة وانتظرنا انجلاء الليل لتدخل آليات إزالة أكوام الثلوج، قضينا الليلة بين النوم واليقظة ولحسن حظنا أن القدر ساقنا إلى أحد بيوت الله”.
في اليوم الموالي حصل انفراج جوي وعاد طاقم التحكيم المغربي إلى العاصمة الجزائرية ومنها أقل طائرة صوب مطار محمد الخامس في الدار البيضاء، وفي الذاكرة حكاية لا تنسى.
بالعودة إلى الديربي البيضاوي لا بأس من استحضار واقعة كان أحد طرفيها الوداد البيضاوي، وهي المباراة الأكثر دموية التي قادها خليل ترجع لدجنبر 2010، حين قرر توقيف مباراة فريق شباب الريف الحسيمي والوداد البيضاوي، التي احتضنها الملعب البلدي ميمون العرصي بالحسيمة، برسم الدورة الثامنة من بطولة القسم الوطني الأول لكرة القدم بسبب أحداث شغب.
فقد أدى تراشق بالحجارة بين جمهور الفريقين الحسيمي والبيضاوي إلى إعلان الحكم خليل الرويسي عن توقيف المباراة بعد ثماني دقائق من بدايتها، بسبب هذه الأحداث التي شابت المدرجات ودخول بعض الأفراد من الجمهور إلى أرضية الملعب.
وفي هذا السياق أوضح السيد خليل الرويسي، حكم المباراة، في تصريح للصحافة أن المقابلة بدأت في ظروف جد عادية إلا أنه بعد مرور ثمانية دقائق وقع تبادل التراشق بالحجارة في المدرجات، مما أدى إلى توقف المباراة حماية لسلامة اللاعبين والحكام والمتفرجين.
ويبدو أن الحكم الدولي الرويسي قد اتحذ القرار السليم وجنب الملعب احتقانا غير محمود العواقب، بعد أن اتصل هاتفيا بمديرية التحكيم وأشعرها بتفاصيل النازلة.
كانت الوضعية العامة في بداية المقابلة عادية، حيث استقبل الجمهور كل من الفريق البيضاوي والحسيمي بروح رياضية، مشيرا إلى أنه بعد بضع دقائق من انطلاق اللقاء تفاجأ الجميع بتبادل التراشق بالحجارة بين جمهور الفريقين، تحولت إلى عنف بعد انطلاق مباراة شباب الحسيمة والوداد الرياضي بحوالي عشر دقائق، أدت إلى إيقافها من طرف الحكم خليل الرويسي.
وحسب تقارير صحفية من عين المكان فإن الحكم اضطر لوقف المباراة بعد اقتحام مشجعين وداديين لأرضية الملعب، بحقائب يحملونها على ظهورهم، وكذا السماح لبعض مشجعي الفريق نفسه القاصرين، ضمنهم بولوج الملعب بدون مرافق مسؤول.
تبين أن خللا قد حصل في الفصل بين مشجعي الفريقين، ما اضطر معه الأمن إلى بذل مجهودات مضاعفة لإفراغ الملعب من المشجعين الذي اقتحموا حرمة المستطيل الأخضر، في الوقت الذي كان عدد غير الأمنيين غير كاف على مستوى تأطير المدرجات والفصل بين مشجعي الفريقين.
أفسد بعض المشجعين نكهة المباراة حين أخلوا بأدبيات التشجيع الرياضي، وانتظر الحكم الرويسي لدقائق فوق أرضية الملعب وهو يتابع رجال الأمن مع هذه السلوكيات، واختراق فئة من المشاغبين للميدان وولوج أرضية الملعب، حيث تم إخراجهم من قبل رجال الأمن، وإعادتهم إلى المدرجات.
على المستوى الإفريقي نجا خليل الرويسي، الحكم الدولي السابق والعضو الجامعي الحالي، من حبل التوقيف الذي لف عنق مساعده إدريس حركي، الذي كان يعد ساعده الأيمن وأحد أبرز مكونات طاقمه. شارك حركي رفقة عبد الله العاشيري في في قيادة مباراة جمعت بين منتخبي تنزانيا والرأس الأخضر، في إطار التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا وكأس إفريقيا للسنة ذاتها بأنغولا، وقالت تقارير إن مساعد الرويسي كان يزور المنتخب التنزاني في مقر إقامته، ما أثار شكوكا حوله.
قررت اللجنة المركزية للتحكيم، التابعة للاتحاد المغربي لكرة القدم، توقيف الحكم المساعد إدريس حركي عن إدارة المباريات الوطنية والدولية، وذلك بعد أن آخذته بأفعال مخلقة بأخلاقيات التحكيم، بالرغم من أن دفوعاته تقول بأنه ذهب هو وسائق الطاقم التحكيمي إلى مقر إقامة منتخب تانزانيا عندما أشعره مسؤول تنزاني بأن له صورا خاصة به من مباراة سابقة، مشيرا إلى أن الأمر لم يكن يحتاج التوقيف، خاصة أن نتيجة المباراة لم تكن لتغير شيئا في الوضع العام لتريب المجموعة حيث توجد تنزانيا والرأس الأخضر. علما أن إدريس حركي مساعد الرويسي مارس مهمته بصفته حكما مساعدا لمدة 19 سنة، وراكم خبراته من 45 مباراة دولية، فضلا عن 320 مباراة في إطار وطني.
تجدر الإشارة إلى أن الحكم الموقوف ينتمي لعصبة تادلة وهو ضمن الثلاثي الذي يقوده خليل الرويسي، المنتمي لنفس عصبة رئيس اللجنة المركزية للتحكيم.
الحكم الرويسي في سطور
من مواليد 21 أبريل 1965 بمدينة خريبكة
بداية المشوار التحكيمي من عصبة تادلة
أول مباراة بقسم الصفوة جمعت وداد فاس بمولودية وجدة
حصل على الشارة الدولية سنة 2002
أول مباراة دولية في طرابلس بين الاتحاد الليبي وأحد الفرق الغانية
عضو الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم
تقاعد من مهنة التحكيم سنة 2010