محمد اليوبي
قررت السلطات تأجيل عملية انتخاب رئيس ومكتب جديدين لغرفة الصناعة التقليدية بجهة فاس مكناس، وذلك بعد القرار الذي اتخذه والي الجهة، معاذ الجامعي، بحل المكتب السابق، تنفيذا لحكم قضائي بعدم أهلية الرئيس السابق، عبد المالك البوطيين، لرئاسة الغرفة.
وأعلنت السلطات عن عقد جلسة لانتخاب الرئيس والمكتب، أول أمس الثلاثاء، لكن لم يكتمل النصاب القانوني لعقد الجلسة، حيث حضر 53 عضوا من أصل 82 يشكلون مجموع أعضاء الغرفة، فيما غاب باقي الأعضاء وضمنهم الرئيس السابق المعزول، ويتطلب عقد جلسة التصويت حضور ثلثي الأعضاء، أي 55 عضوا على الأقل، وتقرر عقد جلسة ثانية لانتخاب الرئيس والمكتب، يوم الثلاثاء المقبل.
وأفادت المصادر بأن عبد المالك البوطيين يقوم بمناورات للعودة إلى رئاسة الغرفة، ويروج أنه حصل على شهادة التعليم الابتدائي من مدرسة خاصة، وجاء ذلك بعدما جرب كل الحيل القانونية، وبعدما استنفد كل المراحل القضائية للطعن في الحكم الصادر ضده، والذي قضى بعدم أهليته لرئاسة الغرفة، حيث رفضت محكمة النقض طلبه الرامي إلى نقض قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، القاضي بتأييد الحكم القاضي بإلغاء عملية انتخابه منذ سنة 2021.
وحسب المصادر ذاتها، فمنذ إعلان الوالي الجديد للجهة، معاذ الجامعي، عن تنظيم عملية انتخاب رئيس جديد لغرفة الصناعة التقليدية لجهة فاس مكناس، عرفت هذه الأخيرة تقاطبا قويا بين مؤيدي البرلماني السابق، الناجي الفخاري من حزب الاستقلال، وكلهم من الغاضبين على مرحلة تسيير البوطيين المنتمي لحزب الحركة الشعبية، وبين مؤيدي هذا الأخير، وأفادت المصادر بأن البوطيين يرغب في العودة إلى رئاسة الغرفة، وذلك بعدما استغل جيدا مرحلة الطعون القضائية وطول الإجراءات الإدارية، للحصول على شهادة «معتبرة» من إحدى المدارس الخاصة، تثبت مستوى نهاية الدروس الابتدائية لديه، وهو المستوى الذي لم يستطع الحصول عليه خلال مرحلة طفولته.
ولم يستطع البوطيين إثبات توفره على شهادة نهاية الدروس الابتدائية طيلة مراحل الدعوى المرفوعة ضده من طرف المنافس الطاعن آنذاك هشام مرون، الحاصل على شهادة الباكالوريا، حيث يشترط النظام الأساسي لغرف الصناعة التقليدية ضرورة توفر المرشح لمنصب رئاسة الغرفة على مستوى دراسي يعادل المستوى الخامس الابتدائي، واستبعدت المحكمة شهادة إدارية حصل عليها رئيس الغرفة من مديرية التعليم بمدينة خنيفرة، تتضمن معطيات تفيد بأنه قد استكمل نهاية الدروس الابتدائية، خلال فترة السبيعنيات من القرن الماضي.
كما قام البوطيين بمناورة أخرى تتجلى في تغيير تاريخ ميلاده، حيث اختار لنفسه يوم ميلاد حددته المحكمة في 31 دجنبر 1963، بناء على حكم بالتسجيل بالحالة المدنية لكي يقلص سنة واحدة من عمره البيولوجي، ويقلص عبرها فارق السن بين يوم ولادته وتاريخ دراسته المزعومة بمستوى الشهادة الابتدائية بمدرسة «أزلا» بخنيفرة سنة 1978، كما حددتها له شهادة إدارية صادرة عن المدير الإقليمي للتربية الوطنية بالمدينة ذاتها، والتي استبعدتها المحكمة عبر كافة المراحل لعدم قانونيتها، فحاول الاستعاضة عنها بشهادة لفيف عدلي يشهد شهوده بدراسته بالمستوى الدراسي المطلوب.
ويروج البوطيين في أوساط مؤيديه من أعضاء الغرفة، كونه استطاع الحصول على المستوى التعليمي المطلوب، بعدما ترشح لاجتياز الامتحان ضمن فئة الكبار، لكي يناور بها مرة أخرى بتنسيق مع أعضاء حزب الحركة الشعبية، الذين انقلب بعضهم ضده، وبعض أعضاء حزب الأصالة والمعاصرة، الذين يتجاهلون في كل مرة ما يعلنه حزبهم مركزيا من احترام التحالف الثلاثي المكون من أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، إذ تلوح في الأفق بوادر انقلاب أعضاء «البام» على هذا التحالف، مثلما حدث إبان إعادة تشكيل مكتب جماعة «سيدي حرازم»، أو ما حدث خلال انتخابات جماعة مكناس.
وغاب البوطيين والأعضاء المساندون له عن الجلسة التي حددتها السلطات، أول أمس الثلاثاء، وأغلقوا هواتفهم في وجه كل اتصال، متسببين في تأجيل الدورة لأسبوع آخر لعدم اكتمال النصاب القانوني، وذلك في محاولة من الرئيس السابق استقطاب أعضاء بالغرفة، مستعملا كل الوسائل، ويرى المتتبعون أن استمرار هذا النوع من التكتلات المصلحية المنفلتة من شأنه أن يؤدي إلى انفراط عقد التحالف الحكومي على مستوى جهة فاس مكناس، وبالتالي فقدان الناخبين للثقة في جدوى ونجاعة الانتخابات كآلية ديمقراطية.
وفي ظل هذه الصراعات حول رئاسة الغرفة، تقدم هشام مرون بشكاية جديدة أمام وكيل الملك بابتدائية فاس، ضد عبد المالك البوطيين، بسبب ما سماها في شكايته بلائحة من التهم، من بينها الإدلاء ببيانات كاذبة والحصول على وثيقة لا حق له فيها والتزوير واستعماله، والتي ما زالت في طور الدراسة. والجدير بالذكر أن البوطيين سبق له رئاسة الغرفة نفسها خلال ولايتين سابقتين، دون الإدلاء بأية شهادة مدرسية، على خلاف ما ينص عليه القانون، دون أن يزعجه أحد.