محمد اليوبي
قرر المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة في اجتماعه المنعقد، أول أمس الثلاثاء، بالمقر المركزي للحزب بالرباط، تجميد عضوية صلاح الدين أبو الغالي بالمكتب السياسي والقيادة الجماعية للحزب، وإحالة ملفه على لجنة الأخلاقيات، وذلك بسبب توصل قيادة الحزب بشكايات ضده، من بينها شكاية تقدم بها رجل الأعمال والنائب البرلماني عن مدينة الدار البيضاء، عبد الرحيم بن الضو.
وأفاد بلاغ صادر عن الحزب بأن المكتب السياسي تدارس مضمون تقرير تنظيمي مفصل يتضمن شكايات خاصة لا علاقة لها بالمال العام، تتهم صلاح الدين أبو الغالي، عضو المكتب السياسي والقيادة الجماعية للحزب، بشبهة ارتكاب خروقات للنظام الأساسي للحزب وتمس بقيمه، كما تخالف ميثاق الأخلاقيات الذي صادق عليه الحزب، فقرر المكتب السياسي بإجماع أعضائه تجميد عضويته من المكتب السياسي والقيادة الجماعية للحزب وإحالة الملف على لجنة الأخلاقيات.
وأفادت المصادر بأن منسقة القيادة الجماعية للحزب، فاطمة الزهراء المنصوري، عقدت جلسة خاصة مع أبو الغالي، قبل انطلاق أشغال المكتب السياسي، بحضور رئيس الفريق البرلماني للحزب بمجلس النواب، أحمد التويزي، واقترحت عليه تقديم استقالته من القيادة الجماعية للحزب دون اتخاذ قرار تجميد عضويته، وذلك حفاظا على ماء الوجه، لكن أبو الغالي رفض المقترح، وكانت أول نقطة في جدول أعمال المكتب السياسي هي تجميد عضويته، ليتم التصويت عليها بالإجماع، حيث قامت المنصوري بطرد أبو الغالي من الاجتماع، وطلبت منه الانسحاب قبل الشروع في مناقشة باقي نقط جدول الأعمال.
وأخبرت المنصوري أعضاء المكتب السياسي في بداية الاجتماع أن قيادة الحزب توصلت بثلاث شكايات ضد أبو الغالي، من بينها شكاية قيادي من إقليم بركان، وشكاية تقدم بها رجل الأعمال والنائب البرلماني عن مدينة الدار البيضاء، عبد الرحيم بن الضو، الذي كان صديقا مقربا للقيادي أبو الغالي، وأفادت المصادر بأن هذا الأخير سبق له أن وقع مع بن الضو عقد وعد ببيع قطعة أرضية بإقليم مديونة بمبلغ خمسة ملايير سنتيم، وسلمه مبلغا ماليا، وتم توثيق العقد عند موثق بمدينة الدار البيضاء، لكن قياديا ثالثا بالحزب دخل على الخط في عملية البيع والشراء بالمزايدة على المبلغ السابق، حيث وقع معه أبو الغالي عقد بيع نهائيا عند موثق آخر، تم بموجبه بيع القطعة الأرضية بمبلغ 8 ملايير سنتيم، ما جعل البرلماني بن الضو يهدد أبو الغالي بتقديم شكاية ضده أمام القضاء، واتهمه بالنصب والاحتيال عليه.
وفي رده على القرار، استنكر أبو الغالي قرار تجميد عضويته، الذي وصفه بـ«التصرف الأرعن»، وقال إنه سيواصل ممارسة صلاحياته كاملة، وسيحضر أشغال المكتب السياسي كلما انعقد، وأوضح في بيان احتجاجي أنه تفاجأ، لحد الصدمة والذهول، بما أسماه بـ«السلوك التحكمي الاستبدادي، لعضوة القيادة الجماعية للأمانة العامة، فاطمة الزهراء المنصوري»، واصفا تدبيرها التنظيمي والسياسي وكأن الحزب «أضحى ضيعة خاصة تتصرّف فيها حسب الأهواء». وبعد أن ربط القرار باحتمال وجود تعديل حكومي في الأفق، أكد أبو الغالي أنه رفض الانصياع لطلب المنصوري بتقديم استقالته، لأن الأمر يتعلق بقضية تجارية محضة لا علاقة لها بالحزب ولا بتدبير الشأن العام، مشيرا إلى أن المكتب السياسي ليس هو المكان الأصح لحل المشاكل التجارية الخاصة، وأكد أن المكتب السياسي «ليس تاجرا ولا قاضيا ولا وسيطا ولا سمسارا يريد تغليب كفّة تاجر على كفّة تاجر آخر منافس»، وأوضح أن المكتب السیاسي هو هيئة تنفيذية تترأسها القيادية الجماعية للأمانة العامة للحزب، وهي مكلفة بتنفيذ سیاسة الحزب وقراراته كما حددھا المؤتمر الوطني والمجلس الوطني، والتي لا علاقة لها بالخلافات التجارية بين أعضاء الحزب.
وأوضح أبو الغالي أن أصل المشكل التجاري مع متعامل آخر، يعود إلى خلافٍ ذي صلة ببيع وشراء عقار تملكه عائلته، وإذا رأى الطرف الآخر أنه تعرّض لظلم ما، فمن حقّه طلب الانتصاف بما في ذلك القضاء، الذي وحده يفصل بين البريء والمذنب، معتبرا دخول عضوة القيادة الجماعية للأمانة العامة فاطمة الزهراء المنصوري على خطّ هذا الخلاف التجاري الشخصي، هو إقحام قضية شخصية في ممارسة حزبية، مضيفا «وهذا شيء لا يستقيم ولا يقبله أي ديمقراطي، لأنه يتحوّل إلى فعل استبدادي، تستعمله المنصوري مستقوية بإيحاءات عن «جهات عليا» وعن «الفوق»، لتفعل في الحزب ما تريد، فتقرّب المريدين، وتسعى إلى «تصفية» المخالفين…».
ووجه أبو الغالي اتهامات للمنصوري بممارسة سلوك استبدادي، واعتبر أنه «تطاول» على ميثاق الأخلاقيات المصادق عليه من طرف المجلس الوطني، الذي يقول في المادة 13 إنه «يمكن للمكتب السياسي تجميد العضوية لأحد أعضاء الحزب وتوجيه إنذارات في حق كل منخرط ويختص بالإحالة على اللجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات لاتخاذ المتعين لكل من يشغل مهمة انتدابية أو نيابية حُركت في مواجهته متابعة من أجل جناية أو جنحة عمدية مرتبطة بتدبير الشأن العام بناء على إحالة المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للداخلية»، وأكد أن لا علاقة لكل هذا بالمعاملات التجارية الخاصة، وشدد على أن الخلاف المعني هو خلاف تجاري بين اثنين متعاملين تجاريا، فهو مشكل شخصي، بين شخصين، لديهما من الرشد والأهلية ما يمكّنهما من حل المشكل، وإذا استعصى على الحل، فهناك طريق القضاء وليس طريق حزب الأصالة والمعاصرة ولا طريق المنسقة الوطنية للقيادة الجماعية للأمانة العامة للبام.