شوف تشوف

الرئيسية

صديق الحسن الثاني يتعرض لمحاولة تصفية جسدية بسبب مواقفه المؤيدة للمغرب

حسن البصري

اعتزل بيير كلوسترمان التحليق الجوي، وقرر، في نهاية الأربعينات، المغادرة الطوعية للمجال العسكري، حيث اختار المغرب وجهته. في شهر مارس عام 1950 استقر بيير بالدار البيضاء بشكل نهائي رفقة أسرته الصغيرة، كان معجبا بالدار البيضاء التي زارها مرات عديدة حين كان طيارا. بنى مسكنا في منطقة أنفا الهادئة، وأنشأ رفقة صهره رينودا ورشة للأشغال العمومية في حي عين السبع.
كان الصهر يملك وحدة صناعية في مدينة ريمس، لهذا اعتبر ورشة الدار البيضاء فرعا لها، كما أنه وسع مجال اشتغاله ليشمل مستعمرات فرنسية في إفريقيا. شرعت الشركة في إبرام صفقات عديدة مكنتها من بناء العديد من المشاريع، أبرزها القاعدة العسكرية الأمريكية، ومد أعمدة الكهرباء ذات قوة الضغط العالية وغيرها من الأشغال.
في تلك الفترة ربط بيير علاقة صداقة مع ولي العهد مولاي الحسن، بعد أن أظهر تعاطفا مع القضية الوطنية جعله مقربا من الأمير، خاصة وأن مواقفه التي جهر بها وضعته تحت مجهر متطرفين فرنسيين جندتهم الإقامة العامة للتصدي لكل فرنسي أبدى تعاطفا مع الشعب المغربي.
لم يعر بيير اهتماما كبيرا لرسالة تهديد توصل بها في ماي 1954، حملت عبارات الوعيد: «فلتتجنسوا بالجنسية المغربية واكفونا شركم»، والتي كان مصدرها تنظيم خلقه الجنرال غيوم لوقف حملات التضامن مع المغاربة، وتدعى «اليقظة للعمل على حماية المغرب والدفاع عنه»، حتى أن الأمر وصل إلى حد تهديد مجموعة من الفرنسيين الأحرار بالتصفية الجسدية.
سرعان ما تم تنزيل التهديد الكتابي على أرض الواقع، وأسفر عن أول استعراض له، واستُهدفت به شقة أنطوان مازيلا، الصحافي في جريدة «ماروك بريس». تم استهداف أسماء أخرى، ففي يوم 28 أكتوبر ألقيت قنبلتان على شخصين يكنان للمغرب عطفا خاصا، ويتعلق الأمر بجاك رايتزر و بيير كلوسترمان الذي ألقيت القنبلة على مسكنه، ولم تسفر القنبلتان عن ضحايا في الأرواح، لكنهما خلفتا خسائر مادية.
في كتاب بعنوان «حدثني والدي» لعز العرب محمد حسن الوزاني، نقرأ: أنجز «رجل أمن فرنسي يدعى ألبير فوريستيي تقريرا مفصلا حول محاولة التصفية الجسدية التي تعرض لها بيير في مقر سكناه بأنفا، ووضعه على مكتب مدير الأمن شوفويي، مشيرا إلى أنه تمكن من التوغل إلى إحدى خلايا الإرهاب الأوربي، وهو التقرير الذي نشرته صحيفة «تايمز» الأمريكية، لكن فوريستيي لقي حتفه في حادثة سير بين الدار البيضاء والرباط، بعد مرور عشرة أيام على تقديم تقريره الذي يدين فرنسيين متطرفين».
ومن أجل وضع أسرته بعيدا عن محاولات التصفية، قام كلوسترمان ببيع ورشته لشركة «بيرليي»، وقرر الاستقرار نهائيا في ضيعة لأصهاره بسان تييري ضواحي ريمس.
نسج بيير علاقات جيدة مع الدكتور ديبوا روكبير، طبيب محمد الخامس، الذي كان هو الآخر يتردد على الصالونات الباريسية، وكانت تربطه علاقة صداقة بفرنسيين متعاطفين مع القضية المغربية، خاصة حين لفت كلوسترمان الأنظار حين قال إن غرفة التجارة بالدار البيضاء وأرباب العمل الفرنسيين بها جاؤوا لتغيير رأيهم بشأن صحة عملية 20 غشت 1953.
حين نال المغرب استقلاله، عاد بيير إلى المغرب حيث عين في مناصب قيادية بشركة الخطوط الجوية المغربية، وبعدها في شركة «رونو المغرب».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى