شوف تشوف

الرأيالرئيسية

صخب إنساني عارم

كمال بالهادي

 

 

اهتزت الشوارع وخرج الملايين في كل أصقاع العالم رفضا للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتلونت الشوارع بأعلام فلسطين. لقد وحدت غزة وفلسطين شعوب العالم.

انتفضت القيم الإنسانية الكونية في صدور الملايين من شعوب العالم، التي فرقتها السياسات وحسابات الحكومات وجرتها إلى حروب خاسرة هنا وهناك وحاولت أن تغذي مشاعر الكراهية والاحتقان، غير أن الروح الإنسانية انتفضت على كل المخططات وتسامت عن الفوارق الاجتماعية والثقافية والدينية.

إن كثيرين من هؤلاء الملايين لا يعلمون شيئا عن تاريخ القضية الفلسطينية، ولكن هول المجازر المرتكبة ودور وسائل التواصل الاجتماعي القوي، الذي تغلّب على كل محاولات طمس الصورة وأنهى نفوذ وكالات الإعلام الدولية وحجْب الصورة التي أرادت الفضائيات الغربية فرضها على الرأي العام الغربي، ساهما في تغيير النظرة إلى فلسطين وقضيتها التاريخية، ودفعا هؤلاء الملايين إلى رفع أصواتهم واكتساح الشارع، احتجاجا على المجازر المرتكبة في حق الأبرياء من المدنيين، خاصة الأطفال والنساء والشيوخ الذين يمثلون نحو 70 في المائة من الضحايا، بحسب تقرير لوكالة غوث اللاجئين في فلسطين.

الغليان الشعبي الكبير في الدول الغربية بدأت نتائجه تظهر، فرئيس الحكومة البريطانية أقال وزيرة داخليته، نتيجة مواقفها المعادية للتظاهرات الشعبية المؤيدة لفلسطين، والرئيس الفرنسي في حديث لقناة «بي بي سي» بدا واضحا رفضه للجرائم المرتكبة، وتحدث عن أن لا شيء يبرر عمليات القتل الشنيعة التي ترتكبها إسرائيل، وهو الذي دعا في زيارته لنتنياهو إلى تشكيل تحالف دولي لمحاربة حماس. أما في الإدارة الأمريكية فقد بدأت تظهر الأصوات المعبرة عن رفضها لسياسات البيت الأبيض تجاه القضية الفلسطينية. وهناك دول أوروبية مواقفها متقدمة جدا في الانتصار للحق الإنساني في فلسطين، ومن بين هذه الدول إيرلندا وإسبانيا التي أكدت وزيرتها للشؤون الاجتماعية، إيونى بيلارا، أن «حزب بوديموس» الحاكم في إسبانيا، يشعر بالمعاناة الفظيعة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ عقود، ولذلك فإنهم يرفعون أصواتهم للتنديد بأن دولة إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في قطاع غزة، وترك مئات الآلاف من الأشخاص بدون إنارة وطعام وماء، ما يمكن اعتباره جرائم حرب.

هذا الصخب الإنساني تَدَعَّمَ أيضا بحركة قانونية يقودها المحامي الفرنسي، مايتر جيل ديفير، الذي تمكن من حشد «جيش من المحامين»، خلال 10 أيام. وقد أكد ديفير في حديث متلفز أن القائمة تضم 300 محام حتى الآن، ويمكن جمع 3 آلاف آخرين. وقال ديفير: «قدمنا للمدعي العام شكوى باسم الجمعيات والنقابات بارتكاب إبادة جماعية، والقضية الفلسطينية ستكون معروضة في جميع المحاكم الوطنية والدولية». وتوعد ديفير، الذي يعتبر أحد أكبر المحامين الفرنسيين سنا، السلطات الإسرائيلية بـ«مصير أسود»، وقال للفلسطينيين: «لم يكن لديكم من يدافع عنكم، لكن أصبح لديكم الآن جيش في المحاكم الدولية والوطنية».

ليس أجمل من أن تكسر البشرية حواجز الديانات واللغات والثقافات وتلتحم انتصارا لحق الإنسان في الحياة الكريمة. إن من بين الحقائق التي حققها الحدث الفلسطيني، القدرة على إعادة إحياء الإنسانية في مواجهة البطش والاحتلال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى