شوف تشوف

الرأي

صحافة الطروطوار

زينب

إذا تصفحت قليلا الطوندونس المغربي على اليوتيوب، غالبا ستصاب بحالة ذهول، أو ستفقد ما تبقى لديك من عقل. ستجد نفسك أمام سؤال لا جواب له: كيف يمكن أن الشعب الذي ينتقد القنوات الوطنية ليل نهار، ويطالب بالبرامج الثقافية العميقة، ويقول إنه يحارب التفاهة،؟ هو نفسه الذي تتربع فيديوهات «نيبا»، وفلوكات «لالة حادة» و«لالة خديجة» تأكلان نصف كيلو كفتة مشوية فسوق السبت، وروتيني للعناية بقدمي زوجي، على عرش مشاهداته؟
لا يوجد أي منطق قد يجعل عقلك المتواضع يفهم أن القنوات الإلكترونية الأكثر متابعة في بلد يمضي أفراده جل وقتهم متأففين من سطحية إنتاجات نبيل عيوش، وتفاهة المحتوى «الصحفي»، هي قنوات ترتكز بالأساس على البوز الفضائحي، وأن الأشخاص أنفسهم الرافضين لـ«المسمن» في المقررات الدراسية، والابتذال في التلفزة يتسابقون لرؤية فيديو «شاهد كيف أكل نيبا جوج مسمنات في دغمة واحدة».
دابا إلى كنتي نتا كاتفرج فالمسمن آش بغيتي ولدك يقرا؟ les crepes؟
الشعرة الرقيقة التي كانت تفصل بين الشوهة والشهرة الحمد لله قطعتها بتشجيع من «أذكى شعب في العالم» صحافة الكليك، التي تجاوزت الصحافة الصفراء وصحافة الإشاعات بسنوات ضوئية من العبث، وقفزت بنا إلى هذا المستوى العظيم من العمق.
ولأنها صحافة «شعبية» جاءت من الشعب ولأجله، فلم تعد تكتفي فقط بجعله مستهلكا للروابط، ومدرا للمشاهدات، لكنها أثثت به المشهد الجديد.
فوسط 20 شخصا قد يشاركون في ميكرو طروطوار حول فيروس أنفوانزا الخنازير، ستجد «الصحفي» يركز على أبسط وأبله شخص فيهم، يستغل حبه للظهور في الكاميرا، ويصنع منه موضوعا مثيرا يترقبه الجمهور، دون أن يهتم بنفسية هذا الشخص أو عائلته، أو تأثير هذا الفيديو على حياته. كل ما يهم هو أن يحصل على أكبر عدد من النقرات، والكثير من البارطاج ولو على حساب التشهير بـ«الضحية».
هوس البوز هذا جعل الضحية نفسه أحيانا يصدق أنه نجم، ومع الشهرة كاتسطي، ولالة زينة وزادها نور الحمام، أصبحنا أمام جيش من أبطال الورق، لا يملكون قوت يومهم، لكن يملكون الكثير من «المعجبين»، الذين سينفضون من حولهم بمجرد ظهور ضحية جديدة يدوزو بها الوقت، في انتظار ذلك سيعيشون الدور الهوليودي على أكمل وجه.
والطامة الأكبر هي هؤلاء المدافعون عن هذه «الظاهرة»، والمناصرون لنظرية «مسكين استاغلوه» حيت هو غير نتيجة طبيعية لسياسة التفقير والتهميش، علما أن الشوهة إلى ما درتيها لراسك ما كاين لي يديرها ليك.
فلو صدقنا، آسيدي، أن التلفزة فرضت عليك محتواها التافه، ياك الأنترنيت تشتغل وفق العرض والطلب، ولا أظن أن وزارة الاتصال تضع لك لائحة بما يسمح لك تصفحه، إوا مال اليوتيوب ديال المغرب يشبه سوق الريباخا؟
الحاصول حيانا الله حتى شفنا صحافة «الطروطوار» بلاصة صحافة الميكرو طروطوار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى