شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

صبيانية دبلوماسية

 

تتمتع كل القمم والمؤتمرات الدولية بأعراف دبلوماسية، يتم احترامها من طرف الدول المضيفة، سواء كانت جمهورية أو ملكية، برلمانية أو رئاسية مدنية أو عسكرية، ديمقراطية أو سلطوية.. وهذه الأعراف الدبلوماسية ليست رمزية فحسب، بل هي مطلوبة وضرورية من أجل أن يكون الدبلوماسيون المشاركون في القمم في وضع يليق بهم كممثلين لدولهم لدى الدولة المستضيفة.

لكن للأسف كل الأعراف الدبلوماسية للقمم، والبروتوكول المصاحب لها، ذبحت بقمة وزراء الخارجية العرب التي احتضنتها الجزائر خلال اليومين الماضيين؛ لقد تبين أنها دولة مارقة وذات طبع صبياني، تستغل التزام الدول العربية بعقد القمة للتوافق على مواجهة المخاطر بشكل مشترك، فتنتهك مبدأ الأعراف الدبلوماسية تجاه الوفد المغربي بدوافع رخيصة.

لذلك لا يمكن للمغرب والدول العربية أن تثق بدولة تريد أن تحول قمة “لم الشمل”، كما يدعي تبون ومن معه، إلى طفولة دبلوماسية غير بريئة تحاول استفزاز وابتزاز وفد الدولة المغربية، مرة باستثنائه من استقبال رسمي، إذ إن رمطان لعمامرة استقبل جميع الوزراء العرب الذين حضروا للقمة إلا ناصر بوريطة، ومرة أخرى بإطلاق كائناتهم الإعلامية الرسمية وغير الرسمية من أجل التلاعب بالخريطة الرسمية لجامعة الدول العربية، وتارة باختلاق مشاكل تدبيرية مصطنعة لا تليق بقمة لوزراء الخارجية العرب.

ولو تفحصنا تاريخ الدبلوماسية الدولية لرأينا أن معظم الدول، حتى البدائية والمتخلفة منها، تحترم الأعراف الدبلوماسية عند عقد القمم الدولية بأراضيها، وإن كانت هناك مشكلة دبلوماسية للجزائر مع المغرب، فهي كدولة مضيفة، من المفروض عليها أخلاقا وممارسة أن تلتزم بواجبات حسن الاستضافة والتعامل البروتوكولي اللبق واللائق مع الوفد المغربي على قدم المساواة مع باقي الوفود، وإلا فما كان على الدولة المضيفة سوى أن تعتذر عن احتضان القمة، كي تتمكن من تجاوز الحرج الذي يمكن أن تقع فيه باستقبال ناصر بوريطة، الذي خطف الأضواء بلباقته وشخصيته ومواقفه الصارمة في الدفاع عن المصالح العليا للوطن من داخل الجزائر نفسها.

والسؤال المشروع الذي يطرح نفسه هنا هو كيف يمكن لقمة عربية أن تنجح في ظل هذه الممارسات الدبلوماسية الصبيانية؟ وما هي الضمانات المقدمة كي لا تحدث مجزرة للأعراف الدبلوماسية إذا ما قررت المؤسسة السيادية في بلدنا أن تشارك بوفد رسمي أعلى قيمة في هرم الدولة؟

الحقيقة أن قمة الجزائر فقدت شروط نجاحها، بسبب صبيانيتها الدبلوماسية أو بسبب الدفاع المستميت لعسكر الجزائر عن النفوذ الإيراني الذي مزق عددا من الدول العربية في الخليج وشمال إفريقيا. وإذا لم يتم تدارك هاته الهفوات من طرف الطغمة العسكرية وحكام قصر المرادية، وهذا ما نستبعده، فسيجد الرئيس عبد المجيد تبون نفسه يوم القمة أمام الفراغ الذي سيؤكد عزلة النظام الجزائري وسط الدول العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى